في لبنان وفي العراق منظومة الفساد أكبر من الدولة، لماذا؟
د . جواد الهنداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 في عنوان المقال اقتباس مِنْ الخطاب الذي القاه السيد حسن دياب، رئيس حكومة لبنان، عند تقديم استقالته بتاريخ ٢٠٢٠/٨/١٠، حيث قال: “لقد اكتشفت بأنَّ منظومة الفساد اكبر من الدولة …”.

ما قاله قد يكون اهم استنتاج، خرجَ به السيد حسن دياب، من تجربته في الحكم، وهو رئيساً لحكومة تكنوقراط، وعمُرها ستة شهور. أراد، في هذا القول، اعلان السبب الأساسي الموجِبْ للاستقالة وهو “فساد الطبقة السياسية” وليس عجزهِ او عدم كفاءة حكومته.

عندما يقول بأن الفساد اكبر من الدولة يعني اكبر مِنْ كل المؤسسات والسلطات الدستورية للدولة، أي اكبر من مجلس النواب وأكبر من السلطات التنفيذية وأكبر من القضاء، ويعني أيضاً بأنَّ الفساد او مصالح الطبقة السياسية الفاسدة اكبر وأهم من مصلحة الشعب و سيادة الدولة، ويعني أيضاً، بأنَّ هدف أغلب الطبقة السياسية هو استخدام الدولة وليس خدمة الدولة. هذا هو معنى عبارة “الفساد أكبر من الدولة”.

واعتقد الرجل كان في وعي، وقصدَ ما قال، وكانت لغة الخطاب بمثابة خاتمة الحساب، ثريّة في المشاعر الإنسانية و الوطنية و المسؤولية.

لا تخلوا دولة من فساد، ولكن المشكلة في لبنان وكذلك في العراق هو انَّ حال الفساد أفضل من حال الدولة، ومقومات الفساد في البلديّن أقوى من مقومات الدولة.

نتساءل لماذا الفساد في لبنان وكذلك في العراق اكبر من الدولة؟ سببان رئيسيان خلف  بناء الفساد وقوته وديمومتهً: الأول هو طبيعة النظام السياسي البرلماني.

في لبنان، كما في العراق، والمرهون بيد أحزاب مُكّوناتيّة أكثر مما هي وطنيّة، عُرضة للتخنّدق والاختراق و لتوظيف الخارجي، والمحكوم بآلية قائمة على مبدأ “التراضي و التغاضي” في ممارسة السلطات وإدارة المصالح والمغانم الحزبية.

فبدلاً  من ان تكون السياسة ظاهرة تعيش في رحم الدولة وتعزز مكانتها و قوتها، أصبحت السياسة ظاهرة تنهك الدولة و تضعِفها. والسبب الثاني في استفحال الفساد، وتمكينه على الدولة هو التدخلات الخارجية العربية والإقليمية والدولية، تدخلات أغرت اغلب السياسيين بالأموال والوعود ووظفتهم لأجنداتها ولمصالحها وليس لمصلحة الشعب والدولة؛

تدخلات مكّنتْ وتمّكنْ كل ما مِنْ شأنه إضعاف الدولة: الإرهاب، حظر نسبي وغير معلن على تسليح الجيش في لبنان وكذلك في العراق (من أجل أمن وهيمنة إسرائيل)، عقوبات اقتصادية ونقدية وحصار، تأجيج وإشاعة الفتن والفوضى والاضطرابات ومن خلال مجاميع منظّمة و مؤهلة لاستهداف ممتلكات الدولة ورموز الوطن و المقاومة ضّد إسرائيل و الصهيونية والإمبريالية؛ تدخلات لتجريد الدولة من سيادتها واستقلال قرارها، وجعلها في فلك التبعيّة والعمالة.

منظومة الفساد أكثر  خطراً على الدولة من الإرهاب ومنظومته وشبكاته، وكلاهما أدوات بيد الصهيونية واجهاتها ووسطائها: قنوات الفساد مُغريّة جداً لأصحاب النفوس الضعيفة وتدّبُ ببطء في مفاصل وجسم الدولة، ولكنها مؤلمة وبليغة في أثارها ونتائجها، وتتناول المنظومة القيميّة للمواطن وللمجتمع وللدولة. لن يستقلْ السيد حسن دياب لو كان في مواجهة الإرهاب، لكنه استقال بسبب الفساد، وقال، منظومة الفساد اكبر من الدولة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . جواد الهنداوي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/13



كتابة تعليق لموضوع : في لبنان وفي العراق منظومة الفساد أكبر من الدولة، لماذا؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net