صفحة الكاتب : يحيى غالي ياسين

الغدير ، التخطيط الإلهي لمواجهة صدمة فقد الرسول
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 عندما بُعث الرسول الاكرم صلوات الله عليه بالرسالة ، لم تكن الرسالة مقيّدة على عامل استمرار وجود الرسول ، ولا الوصول الى أهدافها العليا مشروطاً ببقاء المُرسَل ، بل هذا الشيء - عامل بقاء الرسالة وإمكانية استمرارها ونجاحها بلا رسول - مما اكد عليه القرآن الكريم في اكثر من موضع ، ونوّه عليه الرسول ص واله مرارا .

قال تعالى { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ } الزمر ٣٠ ، الإسلام خاتم الأديان ، وهو نظام وضعته السماء للإنسانية الى آخر عمرها ، يعمل في كل زمان ومكان ، ويعطي ثماره مهما بعدت المسافة عن المُرسل به ومهما طال الأمد عنه .. وهذا من الضروريات ..

غير أنّ هذا لا يمنع من حصول صدمة بعد فقد الرسول تشكل تحدياً خطيراً للرسالة ، وهذا التحدّي قد حسبت له السماء حسابها بدقة ، وخططت لمعالجته بكل حنكة ورشاقة ، تلك الصدمة التي فشل بها بنو اسرائيل عندما غاب عنهم نبيهم لأيام حتى عبدوا العجل من بعده .. فشخص الرسول وعظمته في كل جوانبه وكراماته ومعاجزه الخاصة وسيرته المقدسة .. كانت جزءاً مهما في قبول الرسالات الإلهية والتعامل بإيجابية مع الدعوات السماوية ، ولم يخرج الإسلام عن هذه القاعدة اتجاه الدعوة والإيمان بالإسلام .

فعندما يُفتقد العامل الرئيسي والمهم في قبول الرسالة ، خاصة عند من لم يعي الاسلام كما ينبغي ولم يتشرب الإيمان بعد به .. سيعاني اكيداً من هكذا صدمة وستكون ردة فعله كبيرة الى حد الردة والشرك ، ولهذا نجد القرآن مُحذرا من ردة فعل متوقعة لهكذا حدث { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } ال عمران ١٤٤

ويمكننا القول ان علاج الصدمة إسلامياً ومواجهة ردة فعلها كان يستدعي اثنا عشر خليفة للرسول كلهم يحملون شخصيات قريبة من شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وخاصة الخليفة الذي يأتي من بعده مباشرةً ..

الّا أن كل هذا مُنع وحُرّف وانزلق عن خط مسيرته الربانية ، فحصلت الصدمة العظمى حتى كاد أن يذهب كل شيء سدى لولا الوعد الإلهي في حفظ الرسالة ووجود العترة الطاهرة الذين بذلوا كل جهدهم لتقليل الإنحراف وتهوين الصدمة وردات فعلها ، وكان الثمن باهضاً عليهم ، غُصب حقهم ، قتلوا وسجنوا وسبيت نساءهم وجرت عليهم الظلامات تلو الظلامات ..

ولهذا نرى أن القرآن الكريم في آية التبليغ جعل تبليغ الرسول للرسالة متوقفاً على تعيين الخليفة المناسب له { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } المائدة ٦٧ ، لأن الفترة التي عاشها الإسلام في ظل رسول الله ص واله لم تكن كافية في ترك الاسلام بلا وحي وبلا رسول ، خاصة عندما نعلم بخطر اعداء الإسلام من الداخل كالمنافقين ومن الخارج كالمشركين واليهود ..

هذه هي فلسفة الغدير وشرعيته ..

#غديركم_مبارك
#عيد_الولاية


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غالي ياسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/08/07



كتابة تعليق لموضوع : الغدير ، التخطيط الإلهي لمواجهة صدمة فقد الرسول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net