لا تكن إِمَّعَة !
الشيخ ليث الكربلائي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ ليث الكربلائي

رُوي عن الإمام الجواد عليه السلام أنه قال: " مَن لم يَعرِف الموارِد أعيَتهُ المصادر" بحار الأنوار: 68/ 342
المَوْرِد في اللغة اسم مكانٍ يُستَعمل في الشريعة الموصلة الى الماء.. وأما المصدر فهو اسم مكان يُستعمل ضد المورد اي المَخرَج الذي يقود الى الخروج والابتعاد عن الماء او المنبع او.. وفي بيت ظريف لابن الرومي جمع المعنيين واصفا حال بعض السَمَكِ بقوله: فأصْدَرَهُ الصيَّادُ عن خيرِ مَوْرِدِ || وأورَدَه الشَّوَّاءُ أخبث مورِدِ . أي: أخرجه الصياد من الماء ليُدخِلَه الشواء فرن النار .
ومنه يتضح معنى حديث الأمام الجواد عليه السلام فـ " من لم يعرف الموارد" أي من كان إمَّعة يتبنى ما يَرِدُهُ مِن أخبار وأفكار وآراء من دون أن التعقل والتثبت من سلامتها وصحتها وموثوقية منابعها وانما معياره في قبولها هواه وعاطفته او .. فمن كان هذا حالُهُ "أعيَتهُ المصادر" أي: ظلَّ يدور في دوامة مفرغة تعييه وتورِدُه الهلكة، والنكتة في ذلك عدة وجوه منها: ان التوصل الى المخارج التي تؤدي الى استيفاء المصالح وتجنب المفاسد الكامنة في الأشياء لا يتحقق من خلال المتابعة العشوائية لكل شاردة وواردة وإنما تحقق اي مصلحة رهن الشروع بسببها الخاص فمن أضاع نقطة الشروع كانت نقطة الانتهاء عليه أضيَع . وهكذا يجعل من نفسه عائلا جيدا تتقاذفه الآراء التي يستضيفها من الآخرين الذين يتطفلون على مواهبه لتحقيق مصالحهم التي كل نصيبه منها العناء والإعياء وأي إعياء هو:
أولاً: إعياء عن المصادر (المخارج) الدينية: إذ على أقل تقدير سيُسأل يوم القيامة عن كل تلك الآراء والأخبار التي روّج لها من دون التثبت من صحتها.. سيُسأل لماذا روّجت؟ هل تعقلت المفاسد والمصالح التي تترتب عليها؟ هل كنت تملك دليلا على صحتها؟ فلا يجد مخرَجا من هذه الأسئلة وأمثالها.
ثانياً: إعياء عن مصادر الرقي والعمران: إذ إحراز مصالح وتجنب مفاسد عالم التكوين منوطة بأسبابها الخاصة التي انشغل هذا وأمثاله عن تعقلها والتثبت من سلامتها ومعرفة مواردها ومصادرها بأن جعل نفسه محض وسيط وعائلٍ لمتبنيات الآخرين وأغراضهم ومصالحهم بلا تعقل ولا روِّية .
3- إعياء عن مصادر الذات والاجتماع: لأنه عِوَضا من بناء ذاته جعلها عائلا للطفيليات ومثله لا قيمة إيجابية له في المجتمع على اقل التقادير وإلا في الغالب يكون لهؤلاء دور سلبي في المجتمعات كما يشير الاستقراء .
____
عظَّم الله تعالى أجوركم باستشهاد الإمام الجواد عليه السلام .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat