ظاهرةُ سُوءِ الظّنِّ وضرورةُ اجتنابها - ارشادٌ وجوبيٌّ قرآنيٌّ قويم
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

قال اللهُ تبارك و تعالى:
((يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ))(الحجرات:12).
إنّ في هذه الآية الشريفة أمراً ارشاديّاً لزوميّاً وعقليّاً في قوله تعالى (اجْتَنِبُوا) بضرورة ولزوم تجنّب سوء الظن بالآخرين من المؤمنين ، إذ ربمّا يكون بعض الظن إثماً لأنّه مُجانبٌ للحقيقة.
وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام ( أنَّ المؤمن لا يتهم أخاه المؤمن، وأنّه إذا اتّهم أخاه انماثَ (ذاب) الإيمانُ في قلبه كانمياث الملح في الماء).
: الكافي: الكليني: ج2 ، ص 361 .
و إنَّ حمل الأفعال الصادرة من المؤمن على الفساد هو اتّهام له وسوء ظن به ، وهذا أمرٌ منهي عنه ، فلا بد من الحمل على الصحّة وترتيب الأثار على ذلك.
وقد ورد أيضاً عن الإمام الكاظم ،عليه السلام : (كذّب سمعكَ وبصركَ عن أخيك فإن شهدَ عندكَ خمسون قَسَامة – أي – مَن يَحلف قسماً: أنه قال: كذا: وقال المؤمن لم أقله فصدّقه وكذّبهم)
:أصول الكافي ، الكليني ، ج2 ، ص362 .
ومعنى هذه الرواية هو إرادة الإمام ، عليه السلام ، حمل قول المؤمن على الصدق ظاهراً .
ومعنى تكذيب القسامة هو حملهم على الاشتباه أو عدم الاعتناء بقسمهم وعدم ترتيب الأثر عليه سيما إذا كانوا من غير المؤمنين.
أو ربما لم يُنتج قسمهم درجة عالية من الاطمئنان بقولهم فلم يُعتد به، وأما إذا أورث قسمهم الاطمئنان القوي بصدق قولهم فطبيعي أن يُؤخَذ بقولهم، ويُرتبُ عليه الأثر ويُعتبرُ ذاك المؤمنُ فاسقا.
والثمرة الحياتيّة المُتوخاة من إعمال هذه الثقافة القرآنيّة بمعناها الأخلاقي والقيمي بين المؤمنين هو تأكيد الشدّ والرتق للبُنية المُجتمعية وحفظاً للتوازن في التعايش الاجتماعي ، ولئلا يختل النظام العام بالتسقيط الاعتباري للشخصيّة المؤمنة وهتك حُرمتها بسوء الظّن بها دون وجه حقّ ودون بيّنةٍ شرعيّة .
،إذ بسوء الظن واتهام المؤمنين تنفتق البُنية القوية للجماعة الصالحة وتنخرم الوحدة والأخوة بين المؤمنين ، وتنهدم العلاقات وتنعدم الثقة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat