في الذكرى رقم 100 ، ثورة العشرين في العراق الجزء الثاني
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

• اتساع الثورة ووفاة قائدها الشرعي
اتسعت الثورة في مناطق الفرات الأوسط وخرجت الأمور عن نطاق سيطرة الانگليز رغم محاولاتهم لعقد هدنة مع بعض رؤساء العشائر من خلال اجتماع موسع عقد في الشامية في ٧ آب ١٩٢٠م ، الا أن رؤساء العشائر ادركوا أن الهدنة عبارة عن مكيدة لإعادة قوات الاحتلال تنظيم نفسها .. مما ادى الى استئناف القتال مرة اخرى علاوةً على تعزيز الغطاء الشرعي لها من خلال حكم شرعي صدر عن الميرزا الشيرازي يقضي به وجوب الجهاد الدفاعي عن الحوزة الشريفة والمشاهد المشرفة ..
حقق الثوّار في بداية الثورة انتصارات عديدة وغنموا اسلحة وذخيرة كثيرة من قوات الاحتلال واستطاعوا قطع امداداتهم مستغلين في ذلك تبعثر الجيش الانكليزي وعدم تهيئته للمعارك الكثيرة التي فُتحت نيرانها عليهم ..
الّا ان الثورة تعرضت الى انعطافة قوية والثوّار الى صدمة كبيرة على أثر وفاة قائدهم الروحي الميرزا محمد تقي الشيرازي وذلك في ١٣ آب ١٩٢٠م .. خلّف الشيرازي الشيخ فتح الله الاصفهاني المعروف بشيخ الشريعة ، وكان ذا مقدرة قيادية لا تقلّ عن سلفه الشيرازي ، خطب في صحن أمير المؤمنين ع مؤبناً المرجع الراحل ومشدداً على السير على نهجه ..
حاول الحاكم العسكري ويلسن الدخول في مفاوضات مع شيخ الشريعة من خلال رسالة ارسلها له في ٢٧ آب ، وعلى أثرها عقد الأصفهاني اجتماعاً موسعاً مع عدد من العلماء وزعماء الثورة وخرجوا برأي مفاده مواصلة الثورة ، وعلى اثرها بعث برسالة جوابية الى ويلسن مفادها رفض التفاوض ..
اندلعت الثورة بعد ذلك في وسط وغرب وشمال العراق ، كلواء الدليم وكركوك واربيل ..
قام الأستعمار بتعزيز قواته العسكرية ، وأرسلت الحكومة البريطانية حاكم عسكري جديد للعراق لإدارك الوضع والخروج من المأزق التي هي فيه وأسمه السير برسي كوكس وذلك في ١١ تشرين الاول ١٩٢٠م .. وفي مقابل ذلك بدأت ذخيرة الثوار تنفد والمعارك تنحسر ..
بدأت الطائرات البريطانية بنشر خبر مفاده أن برسي كوكس مكلف بتحقيق مطالب الثوار من تشكيل حكومة بحسب رغبتهم وأنه سيعالج الاخطاء التي وقع بها سلفه ويلسن ..
غير انّ هذا الخبر رافقه هجوم عسكري قوي من قبل الانكليز على مواقع الثوار عن طريق الطائرات والمدفعية ..
• انتهاء معارك الثورة وبدء اقتطاف ثمارها
سارَ گوگس - الحاكم البريطاني الجديد - بخطين متوازيين لإنهاء الثورة التي عمّت أرجاء العراق ، الأول : تصعيد العمليات العسكرية ضد الثوار ، الثاني : تهيئة ظروف الإعلان عن تشكيل حكومة عراقية .. !
فبسبب تصاعد العمليات العسكرية أرضاً وجوّاً ، استطاع الانگليز من التغلّب على الثوار في أغلب المناطق ولم يتبق الا المنطقة الجنوبية من الفرات الاوسط ، وفي ١٤ تشرين الاول سقطت مدينة السماوة وبقت المعارك محتدمة في منطقة الرميثة وبضراوة ..
استمر القتال في مدينة الرميثة ، حيث تكبدت القوات البريطانية خسائر فادحة خصوصاً في معركة " السوير " ، حيث تعد هذه المعركة من اكبر معارك الثورة وعلى أثرها طلب الانگليز التفاوض مع الثوّار ، فتم الاتفاق على الصلح وكان من أهم البنود تشكيل حكومة عراقية مستقلة ..
اندلعت الثورة في ٣٠ حزيران من عام ١٩٢٠م في مدينة الرميثة وانتهت معاركها في ٢٠ تشرين الثاني من نفس العام .. وتم الاعلان عن الحكومة في ٢٥ تشرين الثاني ..
رضوخ بريطانيا لمطلب الثوّار في تشكيل حكومة عراقية كان اهم مطلب حققه الثوّار .. وبدأت المرحلة الثانية من الثورة متمثلة بطبيعة هذه الحكومة ومدى جدية بريطانيا على استقلالها ومن هي الشخصيات التي تديرها ..
تشكلت حكومة مؤقتة برئاسة اكبر عالم دين سني في العراق وهو عبد الرحمن الكيلاني ، وكان الكيلاني مؤيداً للإنكليز وكارهاً لأي حركة معارضة ضدهم ، وعُرف بتطرفه وطبقيته من خلال ميوله للأشراف والوجهاء من المجتمع ..
تضمنت حكومة الكيلاني ٨ وزراء لحقائب وزارية أساسية ، ولكل وزير مستشار بريطاني .. مع ١٢ وزيراً بلا حقاىب وزارية .. من بين هؤلاء الوزراء كان وزيراً واحداً شيعياً وواحدا يهودياً .. مما دلّ على مصادرة واضحة للثورة ورجالاتها .. وهنا بدأت المعارضة الشيعية تتخذ مسلكاً سياسياً آخر ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat