ما ان يطل على المدينة أبن من ابنائها المبدعين الذين غربتهم سياط الجور حتى تخفق القلوب إليه محبة ولذلك ارتأينا أن نحاوره فالصحفي لا يمتلك الا لغة الحوار سلاما، وها نحن نمد ثغر الحوار قبلات نتقرب بها إلى الرادود الملة جليل الكربلائي.
***
صدى الروضتين: كيف ترى الناس هنا؟
الملة جليل الكربلائي:ـ احساس لا يوصف يلغي ثلاثين عاما من الغربة والتباعد فما أن اقرأ شيئا الا وارى الناس يرددونه قبلي فاتيقن أن صوتنا وصل قبلنا وألفته القلوب، وهذا هو حب الحسين الذي لا يحتاج إلى جواز سفر.
***
صدى الروضتين: خصوصية اللهجة العراقية كيف تطلون بها على باقي الشعوب وهناك ثقل لفظي وعسر في فهم معانيها؟
****
ملة جليل: بعناية من الله وبركة من أهل البيت عليهم السلام فرضت اللهجة العراقية نفسها عند كل الشعوب فاحبوها وتآلفوا معها وتطبعوا بطباع هذه اللهجة، تصور أنهم يتكلمون معي بلهجة عراقية، باستثناء بعض المفردات التي غرقت في المحلية فصعبت على العراقي نفسه، وفي دول الخليج يرتاحون كثيرا للهجتنا العراقية وحين اقرأ أمامهم أشعر وكأنني في العراق وأدركت اخيرا أننا لسنا بحاجة إلى تفسير بعض المفردات التي كنا نظنها لا تقدر أن تتفاعل مع الناس هناك، والجميل في الأمر أننا نشعر بالفخر حين نحتفظ بمعالم الفلكلور العراقي ولا نفرط فيه نشعر بالاعتزاز ونحن نرتدي الثوب الذي فصلّه لنا الإمام الحسين عليه السلام.
**
صدى الروضتين: والأطوار؟
ملة جليل: التنوع يكون هنا، علينا كسب الجمهور من خلال ما يألف من سماع، ففي الكويت مثلا نقرأ الأطوار الخليجية، بينما في العراق لا الفة مع هذه الأطوار الخليجية الخفيفة فنقرأ شيئا آخر.
****
صدى الروضتين: اليس في هذا تقليل شأن للرادود ولأشياء أخرى؟
ملة جليل: التعامل الوسطي هو خير الأمور قد أستفيد هنا من بعض المستهلات ولا أعتقد أنها تقلل من شأن شيء ولكن المشكلة أن بعض الرواديد أفرطوا كثيرا في أنشاد اللحن الخفيف والخفيف جدا والمستنسخ غالبا من الأغاني، هذه بطبيعة الحال ستقلل من قيمة الرادود ومن قيمة الشعر الحسيني ومن قيمة المنبر والدمعة والخشوع الذي ماعدنا نألفه الان في كثير من القراءات، فأنا عندما اقرأ قصيدتين من الطور الخليجي أضع أمامها ثماني أطوار فلكلورية لخلق عملية التوازن وبهذا سأكسب علو الشأن إن شاءلله رب العالمين.
***
صدى الروضتين: نحن فهمنا المسألة بوجهة نظر أخرى فلا أحد يقدر أن ينكر ذلك الصراع البطولي للقصيدة الحسينية المنشدة أمام الأغاني الهابطة في الفضائيات.
ملة جليل: أنا عندي سؤال، عندما أقتبس أغنية وأضع فيها كلمات حسينية أليس هذا نصرا للأغنية نفسها؟ فلكي أقاتل فعلا عليّ أن أقدم النمط الحزين الأصيل الذي يجبر المتلقي على الخشوع، علينا أن لانخلق تبريرات لمن أراد بيع نفسه وفنه يجب أن لا نعطي لأنفسنا ضياعا تحت أيّ عنوان، أخي العزيز نحن نمتلك الأصالة والفلكلور الجميل وعندنا عافية بالمقامات والأطوار منذ وقت ليس بالبعيد حيث كان الملحنون يقتبسون من الرواديد أطوارهم، الآن أصبحت المسألة بالعكس، فلا نملك الا أن نقول لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
. صدى الروضتين: والفضائيات؟
ملة جليل: عندها قصور لضعف الإمكانيات المادية والفنية هل تدري أن تصوير (فيديو كليب) يكلف الجهاز الفني أسبوعاً مضنيا من العمل لإنجازه ويكلف الإداريين خمسة الآف دولار على أقل تقدير.
صدى الروضتين: والصوت الحسيني العراقي؟
ملة جليل: المسألة تحتاج إلى وقت أطول لمعرفة الساحة الشعرية والأنشادية في كربلاء، أولا نحن أمام التزامات قد لا نستطيع التخلص منها بسهولة، ثانيا ليس كل ما يصلنا يمثل كربلاء تلك حقيقة أنا ادركها فلذلك وصلت لي الكثير من القصائد التي لا تضيف شيئا إلى رادود يجوب العالم ويتعامل مع مختلف الأنماط في أغلب البلدان، بل أبحث عن شيء يمثل المنبر العراقي أمام هذه المنابر الثقافية المتنوعة، قرأت لشاعر كربلائي شاب (علاء بدري عوينات) في عدة مجالس وتأثرت كثيرا في شعرية الحاج (مهدي جناح الكاظمي) والتقيت في هذه الزيارة مع الشاعر الحاج (عودة ضاحي التميمي) وسنتعاون إن شاءلله لنصل إلى أعمال مثمرة، فشعراء الداخل تعرضوا إلى ضغوط كبيرة، وإلى خنق أصواتهم وإلى عدم وجود المتنفس الحقيقي الذي يتطور الصوت من خلاله، فالداخل يحتاج إلى دعم معنوي يستنهض فيه همته ليقف على طوله ونحن متفائلون، ونتمنى لصدى الروضتين الخير والموفقية والنجاح.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat