صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٦)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(ج)

كما أَنَّنا بإِزاء زعامات قادت حركات تمرُّد زجَّت الأُمَّة في حروبٍ عبثيَّةٍ راح ضحيّّتها مئات الآلاف، هدفُها الوحيد هو التمكُّن من السُّلطةِ والنُّفوذِ، كما انتُهِكتبها دماءٌ وأَعراضٌ وأَموالٌ.

فلقد قادَ [الصحابيَّان] طلحة والزُّبير حرباً شرسةً ضدَّ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) لينالا بعضَ السُّلطة التي رفضَ الإِمام منحها لهُما، يجرُّونَ وراءهُما [أَم المُؤمنينَعائشة] التي نبحتها كلابَ الحوأَب فلم تعُد أَدراجها على الرَّغمِ من تحذيرِ رسول الله (ص) لها بذلكَ عدَّة مرَّات.

يصفُ أَميرُ المُؤمنين (ع) حربَ الجمل بقولهِ {فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللهِ(ص) كَمَا تُجَرُّ الاَْمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا، مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَافِي بُيُوتِهِمَا، وَأَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اللهِ(ص) لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا، فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَقَدْ أَعْطَانِي الطَّاعَةَ، وَسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ، طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَه، فَقَدِمُوا عَلَىعَامِلِي بِهَا وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً، وَطَائِفَةً غَدْراً.

فَوَاللهِ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ، بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ، لَحَلَّ لي قَتْلُ ذلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ، إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا، وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَلاَيَدٍ، دَعْ مَا أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ!}.

وفي عصرِنا الحاضر كذلك، فلقد عِشنا، ومازلنا، نماذجَ من هذهِ الزَّعامات المُستعدَّة لتحويلِ البلادِ إِلى كومةٍ من الحجرِ المُحترِق المركومِ مُقابل أَن تمكُثَ فيالسُّلطة أَيَّاماً معدوداتٍ أُخَر.

فهل نسينا الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين الذي دمَّر البِلاد وتسبَّب بانتزاعِ سيادتها وقرارها الوطني وعرَّضها للغزوِ الأَجنبي وكلُّ ذلكَ من أَجلِ أَن يبقى فيالسُّلطة وهوَ الذي كانَ يقولُ مُهدِّداً [مَن أَراد العِراق فسنسلِّمهُ لهُ أَرضاً بِلا شعبٍ] في إِشارةٍ إِلى أَنَّهُ على استعدادٍ لقتلِ كلِّ العِراقيِّين قبل أَن يُسلِّمَ السُّلطة لأَيِّأَحدٍ.

إِنَّهُ قتلَ وأَعدمَ وأَحرقَ بالتِّيزاب ورمى للوحوشِ الكاسِرة لتنهش لحومهُم آلاف مُؤَلَّفة من العُلماء والفُقهاء والمُفكِّرين والمُثقِّفين والضبَّاط ومِن مُختلف شرائحالمُجتمع العراقي، وكلُّ ذلكَ من أَجلِ وأدِ أَيَّة مُحاولة للإِنقلابِ عليهِ يتخيَّلها أَو تخطُر في بالهِ! على قاعِدة [خذُوهُم على الظنَّة واقتلُوهُم على التُّهمةِ] وهيَ القاعِدةالتي أَسَّس لها طاغِية الشَّام الطَّليق مُعاوِية.

كما أَنَّهُ شنَّ الحروبِ العبثيَّة على مدى رُبعِ قرنٍ تقريباً لإِبعادِ شبح ترك السُّلطة الذي كانَ يُؤَرِّقهُ ليلَ نهارٍ!.

إِنَّهُ ملأَ أَرضَ العراق بالمقابرِ الجماعيَّة والأَنفال وحلبجة التي قصفَها بالسِّلاحِ الكيمياوي فراحَ ضحيَّتها عشرات الآلاف بينَ شهيدٍ وجريحٍ ومُعوَّق، وكلُّ ذلكَلحمايةِ سُلطتهِ مِن الزَّوالِ.

كان ذلكَ [قائدٌ ضَرورة] إِنتهت بهِ عنتريَّاتهِ وبهلوانيَّاتهِ وشعارات [المُمانعة والمُقاومة] وكلُّ ما بذلهُ وأَنفقهُ من دماءِ العراقيِّين وسمعةِ العراق ليتجنَّب زوال السُّلطةِ،والتي كانَ دافعها الأَوَّل المرض النَّفسي وجنُون العَظَمة! ليستقِرَّ بهِ المقام في بالوعةٍ حقيرةٍ توَّجت كلَّ مسيرتهِ النِّضاليَّة العفِنة.

ومرَّت الأَيَّام لتبتليَ البِلاد بـ [قائدٍ ضَرورةٍ] آخر رفعَ شِعار [بعد ما ننطيها] فكانَ على استعدادٍ لفعلِ كلِّ شيءٍ من أَجلِ أَن ينالَ [الوِلاية الثَّالثة] فحرَّكَ مثلاًالقطَعات العسكريَّة في العاصِمةِ بغداد وهدَّد بفتحِ أَبوابَ جهنَّم إِذا مسَّ أَحدٌ سُلطتهُ! لولا أَنَّ الله تعالى لطفَ بعبادهِ ومنحهُ فُرصةً أُخرى ليعودَ إِلى نفسهِ عسىأَن لا يقودهُ [جنُون السُّلطَة] إِلى بالوعةٍ أُخرى!.

وصدقَ مَن قال [أَنَّ الدَّجاجةَ تمُوتُ وعينَها على المزبلةِ] وهو حالُ [الطَّاغوت] الذي يموتُ وعَينهُ على السُّلطةِ!.

*يتبع..

٩ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/10



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٦)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net