صفحة الكاتب : نزار حيدر

أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٤)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

(أ)

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَايَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ}.

بغضِّ النَّظر عن الأَسباب والمُسبِّبات، والعلَّةِ والمعلُولِ، والمُقدِّمات والنَّتائج، نتساءل عن السرِّ الكامِن في شخصيَّة الإِمام السِّبط الحسن المُجتبى (ع) [تُصادفذكرى ولادتهِ الميمونةِ ليلة ١٥ رمضان المُبارك عام ٣ للهجرةِ في المدينةِ المنوَّرةِ] والذي مكَّنهُ من تركِ السُّلطةِ وسدَّةِ الخِلافةِ؟!.

ما هي تلكَ القوَّة الخارِقة والرُّؤية الثَّاقبة بعيدة المدى التي مكَّنتهُ من تركِ السُّلطة على الرَّغمِ مِن إِجتماع كلِّ الأَسباب للتشبُّث بها مثلما فعلَ غيرهُ؟!.

أَلم يكُن بإِمكانهِ، مثلاً، أَن يتشبَّث بها بذريعةِ أَنَّها [قميصٌ قمَّصهُ الله تعالى إِيَّاهُ لا ينزعهُ عن نفسهِ أَبداً أَو يهلكَ دونهُ] كما فعلَ الخليفةُ الثَّالث المقتول؟!.

فقد ذكرَ عُلماء [المذاهِب السنيَّة الأَربعة] وغيرهُم أَنَّهُ لمَّا اجتمعَ المُسلمُونَ على خلعِ عُثمان من الخلافةِ قالُوا لهُ؛ إِمَّا أَن تخلعَ نفسكَ أَو أَن نقتُلكَ! فاختارَ القتلَعلى خلعِ نفسهِ وقال؛ لا أَخلعُ قميصاً البسنيهُ الله!.

ويدلُّ ذلكَ على أَنَّ خلع الإِنسان لنفسهِ من الخلافةِ عندهُ أَعظم من إِظهارِ كلمةِ الكُفر، على الرَّغمِ مِن أَنَّهُ يعرِف جيِّداً، وقبل غيرهِ، أَنَّما البسهُ قميص الخِلافةعبد الرَّحمن بن عَوف وليسَ الله تعالى! فضلاً عن أَنَّ أَهل العِلم والتَّواريخ قد رَوَوا بِلا خلافٍ بينهُم أَنَّ الخليفةَ أَبا بكر قبلهُ قامَ على المِنبر وقال؛ أَقيلوني فلستُبخيرِكُم! وقد فعلَ ذلكَ من غَيرِ إِكراهٍ من أَحدٍ لهُ على الخلعِ ولا خَوف القَتل!.

أَلم يكُن بإِمكانهِ أَن يتمسَّك بالشَّرعية [شرعيَّة البَيعة] وقد كانت مُكتمِلةِ الأَركانِ والشُّروطِ، ليتشبَّث بالسُّلطة فلا يترُكها حتَّى لو جرت الدِّماء أَنهاراً ودُمِّرت البِلادوطحَنتها الحربُ الأَهليَّة؟!.

هذهِ الشَّرعيَّة التي وصفها أَميرُ المُؤمنينَ (ع) بقولهِ في رسالةٍ بعثها إِلى الطَّاغية الطَّليق مُعاوية بن أَبي سُفيان عندما رفضَ بيعتهُ (ع) {إِنَّهُ بَايَعَنِي الْقَوْمُ الَّذِينَبَايَعُوا أَبَا بَكْر وَعُمَرَ وَعُثْمانَ عَلَى مَا بَايَعُوهُمْ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَارَ، وَلاَ لِلغَائِبِ أَنْ يَرُدَّ، وَإنَّمَا الشُّورَى لِلْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ، فَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلوَسَمَّوْهُ إِمَاماً كَانَ ذلِكَ لله رِضىً، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ أَمْرِهِمْ خَارِجٌ بِطَعْنٍ أَوْبِدْعَةٍ رَدُّوهُ إِلَى مَاخَرَجَ منه، فَإِنْ أَبَى قَاتَلُوهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَاتَوَلَّى}.

فما هو السرُّ في عظمةِ شخصيَّتهِ (ع) الذي سيطرَ بهِ على كلِّ شيءٍ يُغري ليتركَ السُّلطة فيجنِّب الأَمَّة مشاكلَ عويصةً حاولَ الطَّاغية مُعاوية أَن يورِّطهُ فيهالتطحنَها طحنَ الرَّحى في إِطار صراعٍ على السُّلطة خطَّطَ لهُ منذُ عهد الخليفة الأَوَّل عندما عيَّنهُ والياً على الشَّامِ بعدَ مقتلِ أَخيهِ يزيد بن أَبي سُفيان وبدأَبتنفيذهِ لحظة مقتل الخليفة الثَّالث واعتلاءِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) سدَّة الخِلافة؟!.

*يتبع..

٧ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: nahaidar@hotmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/05/08



كتابة تعليق لموضوع : أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (١٤)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net