في تعريف مختصر للسياسة: تعني كيفية إدارة شؤون الناس في جميع الأحوال.
الآن... سنبين بشكل مبسط العلاقة التي تجمع الدين بالسياسة، فالاخيرة لا تنفك عن الدين فهي من صميمه، وهنالك نصوص عدة وردت في الشريعة الإسلامية في القرآن والسنة المطهرة لبيان ذلك، وفي استقراء لبعضها نلحظ، منها ما جاء لتوضيح شروط السياسة، ووجوب إقامتها على اسس العدل والشورى واداء الأمانة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأخرى وردت لتبين كيفية اختيار الحاكم، فترة حكمه، كيفية محاسبة تصرفاته، وغيرها مما لايفسح المجال ذكرها تفصيلا.
ومما لا جرم في كون السياسة من صميم الدين هو تكليف الله تعالى لانبيائه، والتأريخ يشهد لسياسة الحاكم الأعظم محمد (ص) في ظل حكومته القائمة على أسس رعاية مصلحة البلاد والعباد وإدارة شؤونهم، فهو من شرع الدستور وأقام الصلح وقضى على الفساد والإلحاد وحكم بين الناس بالعدل وشق لهم طريقا مستقيما يضمن لهم النجاة، فكان قائد امة وحاكم دولة مع كونه نبيا ومبلغا للرسالة، والنتيجة... تمكن من جمع شتات المجتمع وجعل من ناسه أمة قال فيها الله جل شأنه (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، فهل يا ترى كان الدين بمعزل عن سياسة الرسول (ص) خلال حكومته؟!.
كذلك وصايا الأئمة الأطهار (ع) تولد لدينا الفكرة الواضحة عن مكان الدين في السياسة وفي كونهما جزء لا يتجزأ عن الآخر، فسياسة أمير المؤمنين (ع) أيضا كانت مستقاة من المفهومين القرآني والنبوي، وله (ع) احاديث تبين ارتباط الدين بالسياسة، كقوله "ملاك السياسة العدل" ، وآخر "رأس السياسة استعمال الرفق"، فالعدل قيمة سياسية وردت مرارا في كلام الله تعالى و وصاياه، وفي الوقوف لمعرفة أبعاد سياسة أمير المؤمنين في الحكم (ع)، كانت في عهده حكومة دينية متكاملة قائمة على أسس المنطلقات الأساسية الإسلامية الهادفة إلى تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية وبناء العلاقات وفق اطر العدل والمساواة والحرية.
وهكذا هو منهج أهل البيت (ع) وسياستهم في ظل حكوماتهم.
وفي مقارنة بين السياسة الإسلامية السابقة، وبين السياسات العالمية المعاصرة، فهنالك بون (فرق) كبير بينهما، فالدين يدعو إلى سياسة الرحمة والعطف واللين والعدل والمساواة والتكافل الاجتماعي وصيانه حقوق الناس وحمايتها وحسن التعامل معهم ورعاية مصلحة البلد، وهو ما تعجز عنه الكثير من الحكومات المعاصرة، فالسياسات الحالية قائمة على أساس المصلحة الذاتية، وفلسفة الانتفاع الشخصي والمنهج الانتهازي ويرتكز عملها على تكميم الشعوب وكبت الحريات ومصادرة الحقوق واتباع جميع أساليب الظلم والقمع والإقصاء، وهو واقع نعيشه اليوم في ظل حكومات فاسدة وحكام لايراعون حرمة البشر.
لذا فمن الضروري لنجاح اي سياسة أو حكومة دخول الدين فيها ، فليس صحيحا ان تكون السياسة بمعزل عن الدين، أو القول بأنهما متقاطعان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat