الخامس عشر من شعبان يوم المستضعفين العالمي قراءة في الأبعاد السلوكية .
احمد الفياض
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد الفياض

ترجمت البعد العقائدي في حياة الانسان إلى سلوك سوي وواعٍ يُمكّنه من ضبط افعاله وانفعالاته وفق منظومة الضوابط والمعطيات الإلهية تجنبه حالة التواجد على المحك في مجمل أحواله وشؤونه الحياتية ، وهذه المسافة الفاصلة بين الاعتقاد والسلوك تتفاوت بقدر تمكن العقيدة في القلب وضعفها ، فتتسع تلك الفاصلة بينهما كلما ابتعد ترسيخ الفهم العقدي في وجدان وقلب المعتقد وتتقلص كلما تقارب المفهوم من الوجدان وتجذر في اعماقه عندها يكون قادر على ترجمته إلى بعد سلوكي واقعي يتماهى مع اعتقاداته القلبية ، إذن العلاقة بين العقيدة والسلوك هي علاقة تكاملية وعلاقة تصالح مع الذات وتكون هناك تؤمة وتوافق بين البعد السلوكي والفكري في شخصية الفرد ، أو سميها تصالح وتوافق بين السلوك والفكر ، وخلاف هذه التوليفة التي دعت لها الشريعة الغرّاء وأيدها العقل ومنطق الفطرة السليم ، تبرز ظاهرة أخرى وهي ظاهرة الازدواجية في السلوك والتي نبّه عليها القرآن الكريم في قولة( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) وسوف أتناول فلسفة وأبعاد هذه الظاهرة في مقال مستقل .
عودا على بدء أقول السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف للمستضعفين ان يترجموا عقيدتهم بالإمام الحجة (عجل) إلى سلوك واقعي و إيجابي سوي ؟ وماهي آثار تلك الترجمة على مجمل مفاصل حياتهم؟
إيمانهم الراسخ بأن الامام الحجة (عجل) هو بشارة السماء لمستضعفي الأرض وهو الوعد الإلهي الصادق الذي وعد به عباده المؤمنين (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) وحتميّة تمكينه في الأرض يعطي لنفوس المستضعفين الأمل والتفائل بأن المستقبل لن يكون إلا لهم ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) .
فإذا تيقن المستضعفون بأنّ النصر حليفهم وتطهير الأرض من الظلم والجرائم الإنسانية يكون على أيديهم وهو وعد إلهي لا يقبل التخلف ، يولد لديهم الشعور بالعزيمة وقوة الإصرار على المواجهة بدل الهزيمة والتغلب على التحديات مهما كان شكلها ولونها ، وسيحظون بتأييد الله ونصره ، كما حدّثنا عن المسلمين الأوائل {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} استشعار المسؤولية والثقة بأن الله تعالى معهم والثقة بما وعدهم سبحانه وتعالى لهي أبرز معطيات الأمل المشرق الذي يدفع بالإنسان إلى عدم الركون لضغوط الحياة وتحدياتها وان النور قادماً لا محالة والفرج والمخرج نتيجة حتمية ولو في نهاية المطاف .
وللكلام تتمة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat