إله الشر في التوراة.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 💠 مع أن القرآن نسب الشرور إلى الإنسان ووصفه بأنه (بما كسبت أيدي الناس). إلا أن الكتاب المقدس ينسب كل الشرور والبلاء إلى الله ، فكل قبيحة وجائحة تحدث للأرض ومن عليها فهي من الله وأن الإنسان هو ضحية ذلك الإله الدموي الذي يكنّ بغضا عجيبا للإنسان.فهو يحمل ليلا مشعلا من نار يحرق به الشعوب ، ويحمل نهارا نبوتا ضخما يسحقهم به.

💠 الكتاب المقدس الذي هو انعكاس لنفسية هذا الإله مثل الغراب لا يأتي منه سوى النكد للمكان الذي يتواجد فيه. وهذا هو الشائع حتى عند بعض العلماء فإنهم يضربون بشؤوم الغراب مثلا (غراب البين). لا بل حفل ذكر الغراب وشؤمه في الكثير من الأدب والتراث والشعر العربي كما يقول الشاعر :
اذا حل الغراب بارض قوم ــ فبشرهم ولو بعد حين بالخراب
ويقول شاعر آخر :
إذا صار الغراب دليل قوم ــ يقودهم إلى أرض الخراب.(1)

💠 والكتاب المقدس فقد وصفه الكثير من علماء المسيحية بأنه (أخطر كتاب) فهو لا يُقدم سوى الشؤوم للناس ولا يتمنى لهم إلا كل شر دامغ وبليّة صاقعة. فمثلا في أحد نصوصه لم يكتفِ ربهم برمي (الوباء) كعقاب للبشرية على افعالها ، بل اضاف لهم بلاوي ومصائب اخرى كما يقول في 12( بالسيف والجوع والوبإ أنا أفنيهم. وكان الذين ماتوا بالوبإ أربعة وعشرين ألفا).(2)
ومشكلة هذه النصوص (المقدسة جدا) أن الله ترك الوثنيين والكفرة ولم يُعاقبهم ، وضرب المؤمنين بهذا الوباء كما يقول في يشوع : ( وكان الوبأ في جماعة الرب). اي مو هذوله جماعتك ليش تضربهم بالوباء.(3)

💠 وأما في إرمياء ، فهنا يتجسد الموت العبثي : ( قال الرب: أدفع هذه المدينة من الوبإ والسيف والجوع ليد أعدائهم وليد طالبي نفوسهم، فيضربهم بحد السيف. لا يترأف عليهم ولا يشفق ولا يرحم . وأرسل عليهم السيف والجوع والوبأ حتى يفنوا عن وجه الأرض. وأجعلهم كتين رديء لا يؤكل من الرداءة وأجعلهم قلقا لكل ممالك الأرض، حلفا ودهشا وصفيرا وعارا في جميع الأمم).(4) يعني يسويهم مثل التين المعفّن المليئ بالدود والسوس. ويجعلهم عارا في جميع الامم. شنو القضية مو انت رب رحيم عطوف ، شنو هذوله شنو امسوين حتى تلحكّهم ابتوثيه .

💠 وأما في حزقيال ، فيقول هذا الرب الرحوم بعباده متنبئاً للارض ومن يعيش عليها : (ثلثك يموت بالوبإ، وبالجوع يفنون. وثلث يسقط بالسيف ، وثلث أذريه في كل ريح، وأستل سيفا وراءهم).(5) يعني ما يبقه ولا واحد ثمانية مليارات كلهم يقضي عليهم ثلث يموت بالوباء والجوع . وثلث يموت ذبحا بالسيف . وثلث يجعله هباءا تذروه الرياح ويُلاحق الناجين بالسيف حتى لو دخلوا جحر ضب يدخل الموت وراهم.كما يقول : (والذين في الحصون وفي المغاور يموتون بالوبإ).

💠 حقيقة هذه العقوبات تعكس لنا مقدار حقد ربهم عليهم كما يقول في سفر حزقيال بأنه اضافة إلى السيف والجوع والوباء يضربهم بأمور أخرى كما نقرأ (وأعاقبهم بالوبإ وبالدم، وأمطر على الشعوب مطرا جارفا وحجارة برد عظيمة ونارا وكبريتا).(6)
💠 والله إننا نرى في هذه الأيام كل ما ذكره الله تعالى في الامم السابقة من انحرافات وفساد وكفر وشرك وتحلل من كل القيم والاخلاق ولذلك لا نستغرب ان يحل غضبه علينا في اي لحظة وتظهر عقوبات تلك الأمم فينا. والغريب أن المؤمن أيضا سوف يلحقه هذا العذاب . يعني (الإخضر يذهب بسد اليابس). صحيح ان الله سيفرزهم يوم القيامة ولكنهم سوف يُعانون العذاب أيضا، انظر إلى اي حد يصل شر الاشرار فإنه يكتسح كل شيء ويطال حتى المؤمنين والابرياء وكل مخلوق آخر سيلحقه شر الإنسان.ومن هنا سنّ الله تعالى جهاد الظالمين لردعهم أن يعم شرّهم على الآخرين.
(يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون).(7)

🔺️ المصادر :
1- الطبعا الغراب لا ذنب له ، إنما الجهل هو الذي يخلق التشائم لدى الإنسان.فعندما يخطأ الإنسان لا يعترف بخطأه بل يرمي هذه الخطأ برأس قطة سوداء ، او غراب او بومة ، او مقص مفتوح.
2- سفر إرميا 14: 12. و:سفر العدد 25: 9.
3- سفر يشوع 22: 17.
4- سفر إرميا 21: 7.
5- سفر حزقيال 5: 12.
6- سفر حزقيال 5: 12.
7- سورة ياسين آية : 30.

الموضوع السابق شكراً لله على كورونا.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat