صفحة الكاتب : حيدر حسين سويري

إِحْدَى الْأُمَمِ
حيدر حسين سويري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   كانت دراستنا بجميع مراحلها في حقبة حكم البعث المقيت، تشرح لنا معنى الأمة بشكل مخالف للواقع؛ بالتأكيد فإن سياسة الدولة كانت ترسم سياستها في وضع المناهج الدراسية، فكان درس الوطنية والذي يتحول في مرحلة الدراسة الجامعية الى درس القومية، يتمحور حول مفهوم الأمة ولكن بشكلها المغلوط كما تبين لنا لاحقاً...

   الدرسان (الوطنية والقومية) يؤديان الى نفس المعنى، فالوطنية كانت تشرح لنا معنى الوطن العربي، وفي درس القومية كانوا يشرحون لنا القومية العربية، وكنا لا نعرف ولا نسأل، حتى وقعت حرب عاصفة الصحراء فصدام دخل الشقيقة الكويت! وقامت الانتفاضة الشعبانية، بعدها قمنا بطرح كثير من التساؤلات التي أدت الى قطع لسان قائلها أو عنقه، والحمد لله على سلامتنا...

   فللأمةِ عدة معانٍ منها: الجيل الذي عاش فترة معينة من الزمن؛ كذلك الرجل الجامع لخصال الخير؛ وفي هذين المعنيين لا نجد أي ترابط مع ما كنا ندرسه في الدرسين المذكورين، لكن بقي معنى ثالث لعل فيهِ بعض التطابق فلابد من التطرق إليهِ وهو أن معنى الأمة:  جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ تَجْمَعُهُمْ رَوَابِطُ تَارِيخِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ ، قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا هُوَ لُغَوِيٌّ أوْ دِينِيٌّ أوِ اقْتِصَادِيٌّ وَلَهُمْ أهْدَافٌ مُشْتَرَكَةٌ فِي العَقِيدَةِ أَوِ السِّيَاسَةِ أَوِ الاقْتِصَادِ مثل الأُمَّةُ العَرَبِيَّةُ أو الأُمَّةُ الإسْلاَمِيَّةُ.

   لم نجد أي واقع للأمة العربية خصوصاً نحن العراقيين، فلم تكن لنا اهداف سياسية او اقتصادية مشتركة مع البلدان العربية وكذلك هم، ابداً بل ان حتى عملتنا مختلفة في الشكل والاسم والقيمة، أما عن اللغة فقد أكون انا العراقي لا افهم الموريتاني الا إذا تكلم الفصحى والعكس صحيح، وهو ليس متيسر للجميع؛ فعن أية أمة تتحدثون؟!

   كذلك لم نجد للوطن العربي أي تطبيق على ارض الواقع، فالحدود مرسومة بدقة، والرايات والاعلام مختلفة، وأما السفر من دولة عربية الى أخرى فقد تجد فيه من الصعوبة ما لا تجده مع بلد اخر؛ فكان كلام الدرسين السابقين عبارة عن وهم او حلم لا يمكن تحقيقه البتة.

   يمكننا القول الآن بل يتضح لنا جلياً ومن التعريف أعلاه اننا في العراق نشكل أُمة (وكذلك كل الدول عربية او اجنبية)، بالرغم من تعدد العرق واللغة والدين وذلك لعدة عوامل: فنحن نقع ضمن حدود واحدة (وحدة الأرض)، كذلك نسير ضمن سياسة اقتصادية واحدة، بل وعسكرية وعادات وتقاليد واحدة، واما اللغة والمعتقد فهي أمور ثانوية نستطيع تجاوزها بسهولة، كما تجاوزتها الهند وغيرها...

بقي شيء...

كما يقال ففي الصراحة راحة، وانا اليوم كنتُ صريحاً مع نفسي ومع القارئ، وهو ان العراق ليس دولة فقط إنما أُمة متعددة الاعراق والاديان. فحينما تخلص الشعب من الديكتاتورية ظهر خلاف مكوناته واختلافها، وعدم اتفاق أي مكونين ولو على مصطلح واحد، فوجدنا من يبرر الظلم الصدامي! بالرغم من أن ثمة أطراف نزفت قلوبها دماً، كذلك الارهاب ومثله السلاح خارج نطاق أجهزة الدولة الرسمية، حتى وصلت الامور للسيادة والعلاقات الخارجية. اذن العراق ليس دولة إنما أمة (كما أسلفنا) إذا لم تتفق مكوناتهُ على عوامل مشتركة، فالأفضل أن يذهب كُلٌّ إلى شانه. (عبارة مؤلمة لكن لابد من قولها)


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر حسين سويري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/04



كتابة تعليق لموضوع : إِحْدَى الْأُمَمِ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net