صفحة الكاتب : نزار حيدر

[القافِلُون]! [٢]
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   إِذا ردَّ عليكَ بشتيمةٍ فهو [قافل] وإِذا ردَّ عليكَ بتهديدٍ فهو [جوكر] يستقوي عليكَ بميليشيات أَحزاب السُّلطة الفاسِدة والفاشِلة، وإِذا ردَّ عليكَ بجهلٍ فتأَكَّد بأَنَّهُ [ذيلٌ].
   أَمَّا إِذا أَخذ يهذي فتأَكَّد بأَنَّك أَوجعتهُ بمنطقِكَ وحُجَّتِكَ الدَّامغة وأُسلوبك الرَّاقي ولُغتك السَّليمة!.
   تُرى؛ لماذا يرفُض [القافُل] أَن يُصغي؟! يُصغي فقط حتَّى؟!.
   يقُولُ الحُسينُ السِّبطُ (عليهِ السَّلام)؛
   وَيلكُم ما عليكُم أَن تنصتُوا إِليَّ فتسمعُوا قَولي، وإِنَّما أَدعوكُم إِلى سبيلِ الرَّشاد، فمَن أَطاعني كانَ مِنَ المُرشَدين، ومَن عصاني كانَ مِن المُهلَكين، وكلُّكُم عاصٍ لأَمري غَير مُستمعٍ قَولي فقد مُلِئت بطونكُم مِن الحَرامِ، وطُبِعَ على قلُوبِكُم، ويلكُم أَلا تنصُتُونَ؟! أَلا تسمعُونَ؟!.
   هيَ معادلةٌ إِذن؛
   أَكلُ الحرامِ سببٌ في الطَّبعِ على القلبِ، والذي يحولُ بينَ المرءِ والحقِّ، وإِنَّ أَوَّل علاماتهِ الإِمتناعُ عن الإِستماعِ للرَّأي الآخر، والإِصغاءِ لكلامِ النَّاصحِ الأَمين، لأَنَّ الإِصغاءِ أَوَّل دافع لإِعادةِ النَّظر في الثَّوابت الوهميَّة والمتينَّيات المُستنِدةِ إِلى المصالحِ الذَّاتيَّة [الأَنانيَّة].
   ولذلك فليسَ مُستغربٌ أَبداً أَن لا تُصغي [العصابةَ الحاكمةِ] وذيولها وأَبواقها إِلى قَول الشَّارع ونصيحة الخطابِ المرجعي، بعدَ أَن مُلئت بطونهُم بالحرام.
   يصفُ القرآن الكريم طبيعة تعامل [العِصابات] مع قَول الحقِّ بقولهِ {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}.
   ويتجلَّى لغو [العصابةِ الحاكمةِ] بخطاب الشَّارع ونبضهِ الصَّادق الحريص الأَمين [الخطابِ المرجعي] بسعيهِم الحثيث تفسيرهُ بما يخدم أَجنداتهُم الحزبيَّة الضيّْقة التي كانت وما تزال هي السَّبب المُباشر للفشل الذَّريع الذي مُنيت بهِ الدَّولة.
   ولقد كشفت حالُ البِلاد الحاليَّة الكثير من أَنواع [القافلين] فهُم إِمَّا كونهُم جُزءاً لا يتجزَّء من المنظُومةِ الفاسدة، أَو أَنَّهم جهلة ومتخلِّفُون لا يفهمُون شيئاً بأُمور الإِصلاح والتَّغيير، أَو أَنَّهم مستفيدُون من الحالِ القائمِ فلا يريدُونَ، في حقيقةِ الأَمرِ، أَن يتغيَّر شيئاً، أَو أَنَّهم مِن عبَدةِ الأَصنامِ على حسابِ الوطنِ، يعبدُون [عِجلاً سميناً] يستقتلُونَ للدِّفاع عنهُ والتَّبرير لهُ حتى إِذا تيقَّنُوا أَنَّهُ فاسدٌ ودجَّالٌ بدرجةٍ عاليةٍ.
   يقُولُ تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ}.
   و [القافل] يتصوَّر أَنَّ النَّقدَ منقصةٌ لزعيمهِ الذي رسمَ حولهُ خطّاً أَحمر يريقُ دمهُ ولا يعبرهُ أَحداً! والنَّصيحةَ تُثلِمُ [عظَمة] [القائد الضَّرورة] والتَّعبيرُ عن الرَّأي يُقلِّل من شأنِ الزَّعيم إِذا تقاطعَ معَ رأيهِ! ولذلك [يقفُل] عقلهُ على رأي [صاحبهِ] فقط رافضاً الإِصغاءِ لأَحدٍ.
   يقولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذلِكَ، وَحُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ ـ وَإنِ اشْتَدَّ عَلَى رِضَى اللهِ حِرْصُهُ، وَطَالَ فِي الْعَمَلِ اجْتِهَادُهُ ـ بِبَالِغ حَقِيقَةَ مَا اللهُ سُبْحَانَهُ أَهْلُهُ مِنَ الطَّاعَةِ لَهُ، وَلكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللهِ عَلى العِبَادِ النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى إقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ. وَلَيْسَ امْرُؤٌ ـ وَإنْ عَظُمَتْ فِي الْحَقِّ مَنْزِلَتُهُ، وَتَقَدَّمَتْ فِي الدِّينِ فَضِيلَتُهُ ـ بِفَوْقِ أَنْ يُعَانَ عَلَى مَا حَمَّلَهُ اللهُ مِنْ حَقِّهِ.
   وَلاَ امْرُؤٌ ـ وَإِنْ صَغَّرَتْهُ النُّفُوسُ، وَاقْتَحَمَتْهُ الْعُيُونُ ـ بِدُونِ أَنْ يُعِينَ عَلى ذلِكَ أَوْ يُعَانَ عَلَيْهِ}.
   ولكَونِ [القافل] ذيلٌ فهو كثير التملُّق والتودُّد، وهي الصِّفات التي يبحث عنها [الزُّعماء] في أَتباعهِم، لأَنَّها تصنعُ لهم هالةً وقيمةً بين النَّاسِ على حسابِ الحقِّ والنَّجاحات وتحقيق صالح الشَّأن العام.
   يحذِّرُ أَميرُ المؤمنينَ (ع) مِن هذه الصِّفاتِ السيِّئةِ والذَّميمةِ والمُدمِّرة للتَّابعِ والمتبوعِ على حدٍّ سواء، بقولهِ (ع)؛
   وَقَدْ كَرِهْتُ أَنْ يَكُونَ جَالَ فِي ظَنِّكُمْ أَنِّي أُحِبُّ الاِْطْرَاءَ، وَاسْتَِماعَ الثَّنَاءِ، وَلَسْتُ ـ بِحَمْدِ اللهِ ـ كَذلِكَ، وَلَوْ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُقَالَ ذلِكَ لَتَرَكْتُهُ انْحِطَاطاً لله سُبْحَانَهُ عَنْ تَنَاوُلِ مَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ.
   وَرُبَّمَا اسْتَحْلَى النَّاسُ الثَّنَاءَ بَعْدَ الْبَلاَءِ، فَلاَ تُثْنُوا عَلَيَّ بِجَمِيلِ ثَنَاء، لاِِخْرَاجِي نَفْسِي إِلَى اللهِ وَ إِلَيْكُمْ مِنَ التَّقِيَّةِ فِي حُقُوق لَمْ أَفْرُغْ مِنْ أَدَائِهَا، وَفَرَائِضَ لاَ بُدَّ مِنْ إِمْضائِهَا، فَلاَ تُكَلِّمُونِي بَمَا تُكَلَّمُ بِهِ الْجَبَابِرَةُ، وَلاَ تَتَحَفَّظُوا مِنِّي بِمَا يُتَحَفَّظُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِرَةِ، وَلاَ تُخَالِطُونِي بالْمُصَانَعَةِ، وَلاَ تَظُنّوا بِيَ اسْتِثْقَالاً فِي حَقّ قِيلَ لِي، وَلاَ الِْتمَاسَ إِعْظَام لِنَفْسِي، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَثْقَلَ الْحَقَّ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَوْ الْعَدْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ، كَانَ الْعَمَلُ بِهِمَا أَثْقَلَ عَلَيْهِ.
   فَلاَ تَكُفُّوا عَنْ مَقَال بِحَقّ، أَوْ مَشُورَة بِعَدْل، فَإِنِّي لَسْتُ فِي نَفْسِي بِفَوْقِ أَنْ أُخْطِىءَ، وَلاَ آمَنُ ذلِكَ مِنْ فِعْلِي، إِلاَّ أَنْ يَكْفِيَ اللهُ مِنْ نَفْسِي مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، فَإنَّمَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لاَ رَبَّ غَيْرُهُ، يَمْلِكُ مِنَّا مَا لاَ نَمْلِكُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَأَخْرَجَنَا مِمَّا كُنَّا فِيهِ إِلَى مَا صَلَحْنَا عَلَيْهِ، فَأَبْدَلَنَا بَعْدَ الضَّلاَلَةِ بِالْهُدَى، وَأَعْطَانَا الْبصِيرَةَ بَعْدَ الْعَمَى.
   *يتبع...
                            لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/02/07



كتابة تعليق لموضوع : [القافِلُون]! [٢]
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net