هل ردت طالبان الدين لإيران
سجاد الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سجاد الحسيني

في المنطق "اجتماع النقيضين محال " اذ لايمكن ان يجتمع في مكان الشيء ونقيضه في أن واحد ، اما في عالم السياسة يبدو الأمر جائز وممكن، كيف لا ونحن نرى أعداء الأمس أصدقاء اليوم!! في الماضي القريب ، وبعد سلسلة من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي شهدتها المنطقة الغربية من آسيا سيما أفغانستان وباكستان وما رافقها من حروب ابرزها حروب مواجهة السوفيت، تمخض عن تلك الارهاصات تيارات وجماعات وقيادات افغانية ابرزهم اسامة ابن لادن عن تنظيم القاعدة وملا عمر زعيم طالبان و"الشاه مسعود " صاحب الفكر الإسلامي المعتدل ، لم تكن إيران حديثة العهد على دعم الجبهات خارج حدود الجمهورية، على غرار سعي الدول الصناعية لايجاد وفتح أسواق خارجية لتصريف البضائع ، كانت طهران داعمة للشاه مسعود بقوة ، كونه ندا للقاعدة وطالبان وصاحب فكر معتدل غير متطرف والسبب الرئيسي للدعم هو لمنع التنظيمان المتطرفان (القاعدة وطالبان) من الضفر بالحكم اي منعا لتشكيل حكومة سلفية متطرفة وسط الدول العربية والإسلامية ، كان شاه مسعود كما يبدو قريب من نجاحه بالمفاوضات لتشكيل الحكومة الأفغانية، مما دفع "اسامة ابن لادن" إلى اغتياله بالتعاون مع جهات خارجية اجنبية، عملية الاغتيال التي حدثت عام ٢٠٠١ بواسة كاميرا مفخخة وبحجة انها محطة اعلامية تريد إجراء مقابلة مع الشاه وعند دخول الصحفيان انفجرت الكاميرا داخل مكتب الشاه ليلقي حتفه ، لتبقى الساحة خاليه منه امام المتنافسين ، كانت رسالة المتطرفين واضحة للجانب الايراني خصوصا بعد أقدامهم على قتل وإعدام ١٣ دبلوماسي أيراني في أفغانستان، الا ان الحنكة والكياسة تظهر في هكذا مواقف حساسة،، صرحت طهران بانها ستحتفظ بالرد بالزمان والمكان المناسبيين!! بعد بضعه أشهر اسقطت حركة طالبان وهيمنتها على العاصمة كابل ، وبدل ان تتشفى طهران وتستغل الفرصة للانتقام، عملت العكس وفتحت حدودها أمام عناصر الحركة وادخلتهم أراضيها، وجهزت ودربت مقاتليها ، لتجعل منهم ورقة ضغط ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بعد احتلالهم العراق في مطلع ٢٠٠٣ ، وفعلا، عملت طهران على على زج هذه العناصر لمقاتلة الأمريكان على الاراضي العراقية لترضخ الادارة الامريكية للتفاوض وهذا ماحصل اذ ابلغ الأمريكان حلفائهم السياسيين بانهم يتركون الحكومة العراقية الأولى ان تذهب للمحور الإيراني وانهم اي الامريكان والايرانيين قد اتفقوا على صيغة معينة!! هذه الحادثة، اعتقد هي تفنيد للمقولة المشهورة "السياسية فن الممكن" فالسياسة اذا استخدمت وفق تخطيط ودراسة ورؤية واستشراف، تتجاوز الممكن وتأتى بغير الممكن أيضا!! اذ لايتصور احد ان تقوم علاقات استراتيجية وامنية بين نقيضان مختلفان عقائديا وطائفيا ومذهبيا وحتى عنصريا، وكان اعلان طالبان عن تبني إسقاط طائرة امريكية بمثابة رد الجميل والتأكيد على العلاقة الحميمة بين الطرفين، يأتي ذلك، فيما ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية، أن رجل الاستخبارات الأمريكية مايكل داندريا الذي يقال إنه خطط لعملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، كان على متن الطائرة العسكرية الأمريكية التي تحطمت في منطقة غزني وسط أفغانستان. كما اكدت المخابرات الروسية ذلك . والآن هل يمكن إجتماع النقيضين في عالم السياسة ، وهل معنى لقول السياسية فن الممكن.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat