العفاف ، تركيبة دينية حضارية
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

لم يعد العفاف - بحسب مفهومه الواسع - دعوةً دينية فقط أو أنه مجرّد التزام شرعي وما شابه ذلك ، بل بات ضرورة حضارية تتوقف عليها مرافق حياتية مهمّة في الوقت المعاصر ..
أصبح العفاف بمعناه العام والذي هو ( انتصار العقل على الهوى ) يعمّ السياسة الدولية ويدخل في الاقتصادات العالمية ويؤثر على صناعة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وطبيعة استخدامها ، بات يشمل المذاهب والأيديولوجيات الفكرية ويتوسط الحواضر العلمية ، وهكذا يراد له الآن أن يضبط إيقاع الاسواق التجارية ويعطي معنى للأماكن الترفيهية والمرافق السياحية .. والقائمة تطول .
بهكذا حجم نستطيع ان نجعل العفاف ونصيّره مرهماً لأدواء وأمراض إنّ أُهملت فإنها ستفتك بكل تلك المجالات التي يرتادها الانسان المعاصر ويتعاطى معها المجتمع الحضاري الراهن ..
فإذا عفّ الحاكم المؤتَمن يَده عن المال العام ، وعفّ عن الزور لسان وقلم الإعلام ، وعفّ التاجر جيبه عن كسب السحت والحرام ، والقاضي في اطلاق الأحكام .. أزدهرت البلاد وصلحَ العباد ..
فما مؤسسات الرقابة والنزاهة والتفتيش والتدقيق .. الخ التي أصبحت جزءاً رئيسياً من نظام الدول وهيكلية مؤسساتها الا تأكيداً على كلامنا هذا في أهمية العفاف وانّه أضحى مطلباً حضارياً ملحّاً ومفصلياً ..
العفاف كفيل بإحداث توازن اقتصادي واجتماعي وسياسي وبيئي .. تعجز عنه أدق التدابير الدولية المتخذة وأعمق النظريات العلمية المطروحة .
والعفاف عبادة دينية وشعيرة يتخذها المتدين - في كل دين سماوي - وشعار ينادي به ويمشي بهدي رايته . فعن عليّ عليه السلام : ( لكاد العفيف أن يكون ملَكاً من الملائكة ) .
العفاف يقتل الهوى ويُعالج ضعف النفس البشرية ويقاوم هناتها ومواطن تخاذلها ، يكبت الشهوة ويُطفأ نار الغضب ويجمح الشره ويقوّم الطمع ويضع من نفس المتكبر ويُرجع المغرور الى رشده ، حتى ورد أن ( العفة رأس كل خير ) ..
والله هو الموفق لكل خير
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat