صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

نتنياهو يتربصُ بخصومِهِ الليكوديين ويَعِدُ حلفاءَه اليمينيين
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 بعد الفشل الذريع الذي مني به جدعون ساعر ومن والاه وأيده، أمام منافسه القوي الذي ظنه ضعيفاً مهزوزاً، يائساً محبطاً، وحيداً معزولاً، رئيس حزبه ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، بدأت تداعيات معركة الانتخابات الداخلية في حزب الليكود عنيفةً قوية، وقاسيةً موجعةً، ووقحةً سافرة، حيث بدأت حرب تصفية الحسابات ومعاقبة الآبقين وتأنيب المتشككين، والانتقام من الخصوم وطرد المنافسين، وإقصاء المعارضين وتهميش المتآمرين.

لا يبدو أن الفائزين في هذه المعركة سيتحلون بصفات المنتصرين ومناقبيتهم العالية، وسيصفحون عمن نابذهم العداء وبادرهم بالخصومة، بل لن يقبلوا بمبادئ الديمقراطية وأسس المنافسة الشريفة، ولن يعتبروا ما حدث معركةً انتخابيةً فقط، واستحقاقاً ديمقراطياً لا غير، إذ أنها في حساباتهم الداخلية حربٌ ضروسٌ ومعركةٌ حامية الوطيس، كادت أن تقتل كبيرهم، وتقضي على زعيمهم، وتسلمه لقمةً سائغةً للقضاء وجسداً ميتاً للسجن والفناء، إلا أن أملهم قد خاب وسهمهم قد طاش، وعاد نتنياهو قوياً كما كان، ومرشحاً أول كما يتمنى، وخصماً عنيداً كما يريد.

استغل جدعون ساعر ظروف نتنياهو الخاصة ودعا إلى انتخاباتٍ داخلية مبكرة في حزبه، وقد ظن أنه سينتصر عليه وسيغلبه، وسيطرده ويبعده، ولكنه نسي أن المتكالبين على هذا المنصب كثرٌ، والطامحين فيه والحالمين بالوصول إليه أقوى منه وأجدر، وقد أدركوا أن موازين القوة ما زالت مع نتنياهو، وأنه ما بقي في منصبه رئيساً للحكومة حتى شهر مارس القادم، فإنه لا يزال قوياً وقادراً على الرفع والسخط، لكن ساعر الغِر العجول، الأهوج الأحمق، الضحل الجاهل، الذي حل على أقل من 30% من الأصوات، ظن أن خصوم نتنياهو سيلتفون حوله وسيصوتون له، وأن الغاضبين منه والكارهين له سينفضون من حوله، وسيمتنعون عن التصويت له، لكن صناديق الانتخابات عرته وفضحته، وتركته ضعيفاً وحيداً مكشوفاً أمام نتنياهو، يلتمس صفحه ويرجو عفوه.

أما اليمين الإسرائيلي المتطرف والأحزاب الدينية المتشددة، وزعماء الاستيطان العنصريين، وأعضاء الليكود من سكان مستوطنات غلاف قطاع غزة، وغلاتهم في غيرها من المستوطنات، الذين صوتوا لنتنياهو وأيدوه في رئاسة حزب الليكود، بعد أن ظن البعض أنهم يكرهونه ولا يريدونه، وسيحجبون أصواتهم عنه ويمنحونها لغيره، فقد أعلن نتنياهو عزمه على مكافئتهم، ونيته تقديرهم وكسب المزيد من رضاهم تمهيداً للانتخابات القادمة، التي ستكون حاسمةً بالنسبة له، تحدد مصيره وترسم خاتمته، فيكون ملك إسرائيل وطالوتها، أو سجينها وسبةً في جبينها، وصفحةً سوداء في تاريخها.

قد تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية في الأيام القليلة القادمة، موجة رحيلٍ من حزب الليكود إلى غيره، أو عمليات طردٍ وحرمانٍ لبعض أعضائه المتهمين بالتخاذل والتآمر، وقد لا يكون بعضهم مرشحاً على قوائم الحزب في الانتخابات القادمة، فكما يحاول نتنياهو وفريقه هندسة الأحزاب الدينية المتطرفة، لتتجاوز نسبة الحسم، وتحوز على أصواتٍ أعلى، وتسحب أصواتاً من حصة ليبرمان، فإنه سيعمل على هندسة حزبه وإعادة تنظيمية بصورةٍ أفضل، لئلا يفوز فيه من يناوئه أو ينافسه، أو يخشى من ولائه ويخاف من انقلابه، فهؤلاء سيطردهم، وسيأتي بغيرهم من المؤيدين والمخلصين له.

كما ستشهد المرحلة القادمة حملةً استيطانية واسعة، يصادر خلالها نتنياهو المزيد من الأراضي الفلسطينية، لبناء مستوطناتٍ جديدةٍ فيها، وتوسيع القديم منها، وسيبدأ في تنفيذ وعوده بضم مناطق فلسطينية بأكملها إلى الكيان الصهيوني، وإخضاعها لسيادة حكومته، وتطبيق قوانين كيانه عليها، بدءاً من الأغوار الأردنية، والجولان السورية، ومناطق واسعة من الأراضي الفلسطينية المصنفة "C" وفق اتفاقيات أوسلو، وكأنه بهذا يكرم حلفاءه اليمينيين ويكافئهم، ويشكرهم ويحفظ فضلهم ولا ينكر ولاءهم.

نوازع الانتقام عند نتنياهو وفريقه كبيرة، ودوافع الثأر في نفوسهم كثيرة، وما تخفي صدورهم وتوغر قلوبهم لبعضهم البعض أكبر من أن يغفرها المنتصرون أو ينساها الخائفون، فلن يغفر نتنياهو وفريقه من استغل الظروف الخانقة وانتهز الأزمة الضاغطة، وأراد أن يوجه إليه ضربةً قاتلةً، ولو كان شريكه في الحزب وزميله في السياسة، فكيف يغفر وهو في طبعه حاقدٌ وفي أصله فاسدٌ، تحركه المصالح وتقوده المنافع، غدارٌ لا يصون عهداً ولا يحفظ وداً، همه المنصب وغايته رئاسة الحكومة، يصفه زملاؤه بالكاذب ويُعرِّفُهُ شعبه بالانتهازي، فهل يكون انتصاره في رئاسة حزبه سماً زعافاً يقتله، وسراباً ووهماً يخدعه، أم سيكون فأله عليه حسناً، وبشارة خيرٍ وفاتحة أملٍ له، تعيده إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية أربعة سنواتٍ أخرى جديدة.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/12/31



كتابة تعليق لموضوع : نتنياهو يتربصُ بخصومِهِ الليكوديين ويَعِدُ حلفاءَه اليمينيين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net