ما الأسد الّا مجموعة خراف مهضومة
يحيى غالي ياسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

هذه العبارة - التي تتصدر عنوان المقال - هي للشاعر الفرنسي بول فاليري* ، وقد ألهمت هذه المقولة المفكرين والباحثين الكثير من الأفكار والفلسفات المعمّقة - بغض النظر عن صحة تلك الافكار ورصانتها - ..

ولو أمعنّا النظر فيها لوجدناها حكمة جديرة بالدراسة والتأمّل .. فهي تنظر الى هذا الحيوان الشجاع والمفترس - الأسد - بعين السبب الذي جعله بهذا الوصف لا بعين الواقع والنتيجة ، فلولا الخراف لما كان الأسدُ أسداً ..!!

ولقد أقرّ العقل بأن الأشياء تُعرف بأضدادها ، فشجاعة الأسد هنا جاءت بعد مقارنتها بجبن الخروف ، أو لنفهمها بنحو اخر .. هو أنّ شجاعته عبارة عن مجموعة متراكمة من الانتصارات التي خاضها مع ضحاياه ( الخراف ) وبالتالي تولّد عنده هذا الرصيد الكبير من الافتراس والقوّة ..

ولو أسقطنا واقع الغابة هذا على حال الشعوب الانسانية التي حكمتها شخصيات دكتاتورية او أنظمة استبدادية وما شاكل ذلك لوجدنا أنّ هذا الجور والظلم ماهو إلّا مجموعة من الحقوق المسلوبة قد تجمّعت عند الطبقات الحاكمة فأصبحت بها قوية ومفترسة ومستعِبدة لشعوبها ، فالسكوت والرضوخ والخنوع هو السبب وراء نشوء الدول الظالمة .

يقول الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام : ( فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلَّا بِمَا مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ ) .

فلنعلم اذن أنّ كل حق يُسلب او ظلماً تتجرّعه الجماهير أو حيفاً يصيبها وبدون ايّ مقاومة تذكر سيكون عبارة عن أرصدة استبدادية تصبّ في صالح جبروت الطبقات السياسية الحاكمة ، وصدق من قال : الظلم يحيا بالسكوت ، ويتنفّس بالخنوع .
_____ 

* امبروز بول توسان فاليري ولد في (30 أكتوبر 1871 ـ وتوفي في 20 يوليو 1945م) Paul Valéry وهو شاعر فرنسي وكاتب مقالات وفيلسوف ، بالأضافة إلى نظمه الشعر وكتابة الروايات (من مسرحيات ومحاورات) . لقد دون العديد من المقالات والحكم في الفن والتاريخ والأدب والموسيقى وأحداث عديدة .

 

الموضوع السابق غيروا ما بأنفسكم ..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat