المتاجرة بشرف الآباء
يحيى غالي ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يحيى غالي ياسين

التبجح بماضي الآباء والأجداد والتعالي على الناس بإسمهم والمتاجرة بشرفهم وطلب الأجرة المعنوية على جهودهم التي بذلوها يُعتبر خصلة إنسانية فاسدة وإحدى المشاكل البشرية الأزلية التي طالما تحكّمت بالمجتمعات ووقعت بسببها المظالم والمآسي والويلات ..
ولم تألوا القوانين البشرية والالهية جهداً في سبيل علاج هذه المشكلة ووضعها على جادة فيها نوع من العدالة والعقلانية ولكن دون جدوى تقريباً .
فالتفاخر بالاباء وطلب الكرامة بهم ليس ممنوعاً بحد ذاته ولكن ينبغي أن يكون محدودا ، فالمرء يُكرم في ولده كما ورد ولكن لا يعني هذا أن الناس تهان من قبل الولد بحجة كرامة أبيه ..!
ورغم أن هذه المشكلة كانت متجذرة في عصر الجاهلية الاّ أننا نرى هناك صيحات حق تحاربها :
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
ليس اليتيم من مات والده ان اليتيم يتيم العلم والأدب
إن الفتى من قال ها أنا ذا وليس الفتى من قال كان أبي
ولعل ذكر حادثة ابن نوح في القرآن إشارة سماوية الى محاربة ظاهرة تبجيل الأبناء بالاباء بغض النظر عن حالهم وتصرفاتهم ..
بكل صراحة أنا احترم وأجلّ في عصرنا أبناء وأحفاد السيد الخميني قدس سره ، فرغم عظمة شخصية أبيهم العالمية والإسلامية ، وأنه أسس لشعبهم دولة يهابها الشرق والغرب وبنفس الوقت كان مرجعاً دينياً وعالماً مرموقاً الّا أنهم لم يستغلوا إسمه ولم يتاجروا بتاريخه ولم يساوموا الآخرين على مجده وشرفه ..
وأخيراً فإن الشعوب الواعية تستطيع ان تقضي على كل هذه الأعراف والقوانين البشرية الفاسدة ، والوعي بنفسه لا يكفي في الواقع ان لم تكن هنالك إرادة قوية ..
واختم بهذه الرسالة التي بعثها أمير المؤمنين الى أحد ولاته ، ففيها ما نريد قوله :
أمّا بعد ، فإنّ صلاح أبيك غرّني منك ، ظننتُ أنك تتّبع هديَه ، وتسلك سبيله . فإذا أنت فيما رٌقَّيَ إليّ عنك ،لا تدَعُ لهواك انقياداً . ولئِنْ كان ما بلغَني عنك حقّاً ، لَجَمَلُ أهلِك وشِسْعُ نَعلِك خيرٌ منك ! ومن كان بصفتك فليس بأهل أن يُسَدّ به ثغرٌ، أو ينفُذَ به أمرٌ، أو يُعلى له قدْر، أو يُشرك في أمانة ، أو يؤمَن على خيانة ،فأقبلْ إليَ حين يصل إليك كتابي هذا إن شاءالله .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat