صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

ليبرمان يصفُ خصومَه وينعتُ منافسيه
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 كثيراً ما يصفه رفاقه وأصحابه وخصومه وشركاؤه بأنه حيوانٌ بغلٌ، وأنه ثورٌ هائجٌ، وينعتونه أحياناً بالحمار العنيد، ويذكرونه بماضيه القديم في روسيا عندما كان حمالاً الأسواق، ثم حارساً في الملاهي الليلية، يستخدم عضلاته وقوته الجسدية، ويعطل عقله وقواه الروحية، فإذا به وهذه صفاته يصبح زعيماً لحزبٍ، وقائداً لطائفةٍ كبيرةٍ من المهاجرين، قبل أن يسمى وزيراً في أكثر من حكومةٍ، مرةً للاستيعاب وأخرى للخارجية وأخيراً للحرب، حيث كان العاملون تحت إمرته في الوزارات التي ترأسها، يستنكرون الانقياد له، ويتعففون عن التبعية له، وتعلو أصواتهم بانتقاده والتنديد به، فهو لا يصلح لكثيراً منها، إذ أنه أهوجٌ صدامي، وعنيفٌ قتالي، يفسد العلاقات، ويخرب التحالفات، ويعطل المؤسسات.

ولا يتورع أصحابه وخصومه عن اتهامه بالكذب والخداع، والمكر والاحتيال، والرشوة وسوء الائتمان، وأنه قليل الوفاء وعديم الثقة، ينسى المعروف وينقلب على أهله، وينكر الخير ويمتنع عن مد يد المساعدة، إذ تهمه مصالحه وتحركه منافعه، ولا يعنيه غيره إن غضب أو ثار، أو اعترض واستنكر، فمصالحه هي التي تحدد خطاه وتسوقه، ولا يخجلون من وصفه بالسفيه الأرعن، الذي ينكث الغزل ويفسد العلاقة، ويحتاج لغيره ليصلح ما أفسد، أو يخفف من غلواء ما خرب، تماماً كما هدد مصر بتدمير سدها العالي، وكما هاجم الحكومات الأوروبية وسياسات الاتحاد الأوروبي، ولم تفلت منه الإدارة الأمريكية السابقة، التي صب عليها جام غضبه، ووصف بعض أعضائها بمعاداة السامية وبالعمل ضد مصلحة "دولة إسرائيل".

يبدو أن أفيغودور ليبرمان يريد أن يرد الصاع صاعين لمن تطاول عليه وسبه، أو عابه وشتمه، فقرر أن يعود إلى كاره القديم ومفرداته الأولى التي يحفظها ويعرفها، وإلى أخلاقه التي نشأ عليها وتمتع بها، فها هو يفتح النار من على منصات التواصل الاجتماعي وعلى صفحات الصحف والمواقع الإليكترونية، يفضح زملاءه، ويكشف حقيقة شركائه، وينعتهم بما يعرف عنهم، ربما انتقاماً منهم أو تعريةً لهم، ولعله وإياهم أجمعين يستحقون هذه الصفات، ويسـتأهلون هذه النعوت والشتائم، فهي شمائل بذيئة وأخلاقٌ قبيحة فيهم متأصلة وعندهم ثابتة، توارثوها جيلاً بعد جيلٍ، وحافظوا عليها وربما زادوا فيها، ولست هنا في معرض تبرئة أحدهم أو الدفاع عن بعضهم، بل أردت أن أظهر حقيقتهم، وأن أكشف عن طبيعتهم التي يتعاملون فيها مع بعضهم البعض.

فها هو يهاجم بعنفٍ حليفه القديم وصديقه الحميم بنيامين نتنياهو وحزبه، ويصفه بأنه انتهازي فاسد، وأنه أناني شخصاني، لا يحترم الشركاء ولا يقدر الولاء، فلا يستحق بذلك التضحية والمساعدة، بل يستحق اللعنة والذهاب إلى الجحيم، ويصف صديقة نتنياهو وحليفته ميري ريغيف بــــ"الدابة"، لأنها ارتضت أن تخدم نتنياهو وأن تنوب عنه وتمثله، ووزير خارجيته إسرائيل كاتس بالكاذب الوضيع، لأنه يدافع عن نتنياهو ويبرر له، ويمهد الطريق أمامه ويحمل الجيش تبعات أخطائه، ويتمسك به ويدافع عنه رغم أخطائه.

أما الأحزاب الدينية التي يكرهها ويرفضها، ويحاربها ولا يقبل التحالف معها، كونه علماني يرفض فرض قوانينهم على الحياة العامة في الكيان، وإجبار المواطنين على الالتزام بها، فإنه يتهمها بالكذب والنفاق، وأنها تقدم مصالحها الحزبية ومنافعها الشخصية على مبادئها الدينية، ويسوق على ذلك أرييه درعي زعيم حزب شاس مثالاً على ما يقول، حيث يتهمه بالخيانة والغدر، وأنه انتهازي يقبل التنازل والتخلي عن ثوابته مقابل مكتسباتٍ حكومية وأخرى دينية تعود بالنفع على طائفته وأتباعه.

لعلها ليست طبيعة أفيغودور ليبرمان فقط، إنما هي طبيعة الإسرائيليين جميعاً، وهي جبلتهم التي فطروا عليها، وأخلاقهم التي تربوا عليها، ولولا الأخطار المحدقة بهم، والمقاومة التي تتربص بهم وتهدد مستقبلهم، والتحدي الذي يواجهونه، كنا رأينا أخلاقهم الحقيقية، وعلاقاتهم البينية، ونفوسهم المريضة، وقلوبهم الحاقدة، وعرفنا كيف أنهم يكرهون بعضهم، ويحقدون على أنفسهم، ولا يحبون الخير لأحدٍ منهم، وأنهم يخدعون ويتآمرون، ويكذبون ويسرقون، ويطمعون ويبخلون.

ولو أننا تحلينا بأخلاقنا وتمسكنا بقيمنا، وحافظنا على شيمنا، كنا انتصرنا عليهم، وأخرجناهم من بلادنا، وطهرنا من رجسهم مقدساتنا، إلا أننا استوينا وإياهم في العيب والرذيلة، وأصبحنا وإياهم سواء في الفحش والبذاءة، وأصبحنا مثلهم نكذب ونخون، ونغدر ونتآمر، ونقتل ونظلم، ونسجن ونعتدي، فأصابنا ما أصابنا من الضعف والخسارة والذل والهوان.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/11



كتابة تعليق لموضوع : ليبرمان يصفُ خصومَه وينعتُ منافسيه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net