صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

أزرق أبيض ائتلافُ قتلةٍ وتحالفُ أشرارٍ
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

طغى اسم بيني غانتس على تكتل أزرق أبيض أكثر من غيره، الذي اشتهر به وحمل اسمه، رغم أنه ليس الجنرال الوحيد فيه الذي تقلد رئاسة أركان الجيش، بل يقف معه في هذا التكتل الجديد التشكيل كلٌ من غابي أشكنازي وموشيه يعالون، وكلاهما كان رئيساً للأركان، إلا أن يعالون كان وزيراً للحرب أيضاً، ولكن ثلاثتهم الذين عملوا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وتم تعيينهم بقرارٍ منه، تعاهدوا على إسقاطه، وتحالفوا معاً لإزاحته عن منصب رئاسة الحكومة، كأنهم يصفون معه حساباً قديماً، ويثأرون منه على مسلكياتٍ سابقة، غير عابئين بما حقق وأنجز لــــ"شعب إسرائيل"، إذ يرونه فاسداً ومتهماً، ومراوغاً وكاذباً، ونرجسياً وأنانياً، تحركه غرائزه وتتحكم في تصرفاته زوجتُهُ.

 

تمكن الجنرالات الثلاثة من استقطاب عددٍ كبيرٍ من كبار الضباط السابقين في الجيش والمخابرات، والتحق بهم كثيرون آخرون من الناقمين على نتنياهو والغاضبين منه، والحانقين عليه والمنافسين له، فيما يشبه أوسع تمردٍ عسكري وأمني مشروع على رئيس الحكومة، بغية إسقاطه ووضع حدٍ لسنوات رئاسته المتواصلة، رغم أنهم وغيرهم من الإسرائيليين يشهدون أن نتنياهو بدد الحلم الفلسطيني في دولةٍ مستقلةٍ، وقضم غالبية أراضي الضفة الغربية، وبنى فيها مئات المستوطنات، واستطاع أن يوسع حدود بلدية القدس، ويزيد سكانها اليهود ويقلل سكانها العرب، كما نجح نسبياً في التسلل إلى "جبل الهيكل"، وأعاد اليهود إليه يصلون فيه ويقيمون طقوسهم الدينية في باحاته.

 

حزب الجنرالات الذي اتفق مع حزب "ييش عتيد" بزعامة يائير لابيد، يتطلع لتحقيق نقلة نوعية في المشروع الصهيوني، تحقق أحلامهم وتنهي مخاوفهم، وتمكنهم من بناء دولةٍ قويةٍ مستقرةٍ على أكبر مساحةٍ ممكنةٍ، ولهذا فهم يؤمنون بالدولة القوية والجيش القادر، الذي يتمكن من تحقيق الأهداف بقوة الصدمة وشدة الضربة، علماً أنهم من أوائل من رفعوا شعار "كي الوعي"، ومارسوه على الأرض اجتياحاً في الضفة الغربية وحرباً في قطاع غزة، ولكنهم على الرغم من فشلهم الذريع في تمريره، إلا أنهم يعلنون أنهم سيمضون في طريق القوة، وسيعتمدون على الجيش في حسم معاركهم، ليستعيد هيبته وقدرته الفائقة على الردع، ولا يخفون أبداً استعدادهم لإعادة قطاع غزة ولبنان إلى العصر الحجري في حال اندلاع مواجهةٍ جديدةٍ.

 

لا ينسى الفلسطينيون أبداً بني غانتس الذي كان على رأس الجيش الذي خاض الحرب على المقاومة في العام 2014، وهي الحرب الأكثر ضراوةً والأشد عنفاً، والتي استمرت لأكثر من خمسين يوماً، قتل فيها المئات من مواطني قطاع غزة، ودمر مساكنهم وخرب بيوتهم، وسوى بالتراب معاملهم ومصانعهم، وقوض اقتصادهم وزاد في حصارهم، ولن يغفروا له أبداً قتله لعائلاتٍ فلسطينيةٍ بأكملها، وارتكابه أبشع المجازر في حق المدنيين من النساء والشيوخ والأطفال، علماً أنه يفتخر بما ارتكب، ويباهي بما اقترف، ولا يظهر ندماً على الجرائم البشعة التي خلفها جيشه على أرض القطاع.

 

كما لا ينسى الفلسطينيون جرائم غابي أشكنازي الذي عين رئيساً لأركان جيش الكيان بعد فشله الذريع في حرب لبنان الثانية عام 2006، فظن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أيهود أولمرت أن أشكنازي سيتمكن من إعادة تأهيل الجيش واستعادة هيبته، ولكن المقاومة لم تمكنه من إتمام مهمته التي جاء لأجلها، إذ تورط وجيشه في مواجهاتٍ مع المقاومة في قطاع غزة، انتهت بحربٍ أذهبت بما تبقى لجيشهم المهزوز من هيبة، ولكنه ارتكب في قطاع غزة مجازر دموية ذهب ضحيتها أكثر من ألف شهيدٍ.

 

أما ثأر الفلسطينيين مع موشيه يعالون فهو جداً كبير، ولا يقتصر على إدارته لعدوان جيشه على قطاع غزة عام 2014 عندما كان وزيراً للحرب، بل إن إقدامه على اغتيال الشهيد خليل الوزير برصاصةٍ في رأسه مباشرةٍ، لهو ثأرٌ لن يُنسَ، وجريمة لن تغفر له، وإن حاول أن يظهر الآن أنه وسطيٌ معتدل، وأنه مع تقديم تنازلاتٍ معقولة إلى الفلسطينيين، تمكنهم من العيش الكريم والحياة المستقرة الآمنة.

 

قد نخطيء كثيراً إذا صدقنا أن هذا الائتلاف سيحقق العدالة الإجتماعية بين المستوطنين الإسرائيليين والمواطنين الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1948، وأنهم سيعيدون النظر في قانون القومية اليهودية بما يحقق المساوة المدنية بين السكان العرب واليهود، أو أنهم مع دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ.

 

بل هم بتشكيلتهم الواسعة، التي تضم إلى جانب الضباط العسكريين والأمنيين السابقين، ضد الدولة الفلسطينية المستقلة، ويعارضون بشدةٍ عودة اللاجئين الفلسطينيين، ويرفضون أي سيادة فلسطينية مستقبلية على الحدود، ويرفضون بالمطلق أن يكون للفلسطينيين جيش وعندهم سلاح، ويصرون على بقاء القدس عاصمةً موحدةً لكيانهم، والحدود الشرقية كلها بتصرف الجيش وتحت قيادته، ولليهود الحق المطلق في العيش في مكانٍ يرتأونه، ولا تفكيك للمستوطنات الكبرى، ولا إخراج لسكانها منها بالقوة، فهل نرجو منهم بعد ذلك خيراً ونتوقع منهم إنصافاً، أم أنهم بحق تحالف أشرارٍ سيئين وائتلاف قتلةٍ مجرمين.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/24



كتابة تعليق لموضوع : أزرق أبيض ائتلافُ قتلةٍ وتحالفُ أشرارٍ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net