صفحة الكاتب : عباس الزيرجاوي

السلة والذلة
عباس الزيرجاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الإمام الحسين (عليه السلام) يقول بعاشوراء (ألا وإنّ الدعي بن الدعي قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة ....).
بينما الإمام الرضا (عليه السلام) يقول لابن شبيب: (إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء) والمتأمل في القولين يجد – بحسب الظاهر – تنافياً بينهما.
كيف يمكن الجمع بين الحديثين ؟
الجواب يكمن في بيان معنى السلة والذلة:
معنى السلة: مواجهة السيف والقتل.
والذلة: هو الإذلال والخضوع لحكم يزيد.
لذلك قال الإمام الحسين (ع) موضحاً خياره: (( وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك، ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام)) يعني أن الإمام الحسين (ع) لا يمكن أن يقبل بالإذلال، وأنه يؤثر القتال ومواجهة الظالمين والشهادة في سبيل الله تعالى على أن يقبل بالذلة والسلامة تحت ظل اللئام.
هذا ما قاله الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء يوم حدد فيه موقفه النهائي بعدما عرض عليه يزيد بن معاوية مبايعته كخليفة للمسلمين.
لقد خّير يزيد بن معاوية الحسين "عليه السلام ما بين السلة والذلة, أي ما بين مبايعته والقبول به خليفة للمسلمين وبين القتل العلني الذي صرح به يزيد جهاراً ونهاراً عندما كان يردد لأتباعه :" أينما وجدتم الحسين فاقتلوه ولو كان معلقاً بأستار الكعبة !".
لذلك بدء العمل على إشاعة خبر الحسين "عليه السلام" بأنه شق عصا المسلمين ولهذا فهو أشر والأشر يجب قتله شرعاً.
وهنا جاء رد الحسين "عليه السلام" بقوله :"وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً. وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر".
لقد آمن الحسين "عليه السلام" بأنه سواء بايع أم لم يبايع فهو سيقتل على أي حال. فهو إن لم يفعل, سيقتل علناً, وإن فعل سيقتل كما قتل أخوه الحسن "عليه السلام" قتلاً خفياً وسرياً بالسم.
لقد اختار الحسين "عليه السلام" الشهادة إيماناً في لقائه مع جده النبي "صلى" في المنام حينما قال له :"وإن لك في الجنان لدرجة لن تنالها إلا بالشهادة. فأسرع إلى درجتك".
لقد وقف الحسين "عليه السلام" أمام خيارين لا ثالث لهما, إما بيعة رجل مجاهر بالفسق والكفر والقتل وحب السلطة والمنصب على حساب كرامة الإسلام والمسلمين أو القتل العلني الذي جاهر به يزيد.
لذلك رفض الحسين "عليه السلام" مبايعة يزيد حفاظاً على كرامة الإمامة والخلافة وعدم تعريضها للإذلال وهتك الحرمة عندما وجد الحسين "عليه السلام" نفسه ملزماً شرعاً بعدم البيعة.
إذن المقصود من الذلة التي نفاها مولانا الإمام الحسين (ع) هي الركون للظالمين وإطاعتهم. 
بينما الذلة التي أثبتها مولانا الإمام الرضا (ع) - أذل عزيزنا - لا يُقصد منه إلا السبايا اللاتي لاقين الحتوف من الأعداء لعنهم الله تعالى.. يراد منها دخول الذل على أهل بيته الأطهار عليهم السلام بعد شهادة سيدهم مولى الأحرار سيد الشهداء (ع)، فقوله" أذل عزيزنا بأرض كرب.." أي دخل الذل على السبايا حيث لاقوا الكروب والهموم والأحزان.
إذن المقصود من الإذلال في رواية الإمام الرضا (ع) هو القتل والتنكيل والتعذيب والسبي والترويع.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عباس الزيرجاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/21



كتابة تعليق لموضوع : السلة والذلة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net