صفحة الكاتب : رسل جمال

الحسين يفرقنا !
رسل جمال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ينص احد قوانين الفيزياء، ان لكل فعل رد فعل يساويه بالقوة ويعاكسه بالأتجاه، على ان يضم الزمكان هذا القانون، اي من غير المعقول ان يدفع س حجر في الشمال فيتحرك حجر اخر بالجنوب، رغم بديهية القانون واستحالة تفنيده، الا ان الحسين عليه السلام يستمر بضرب هذا القانون عرض الحائط، فبعد ١٤٠٠ سنة من مقتله يفترض بردة فعل تلك المصيبة ان يستمر عام، او لنقل عقد على ابعد تقدير، الا اننا ليومنا هذا نسمع اصوات أظلاعه وهي تتكسر تحت حوافر الخيل، فهذا الالم وتلك اللوعة تتجدد عام بعد عام، اشبه بينبوع يتدفق يآبى النضوب، لهذا جاء في الحديث القدسي " ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا"

اصبحت القضية الحسينية بكل ما تحمل من معاني ودلالات، وتد تشد اليها الامة، وعملية تلقين مستمرة للاجيال بالمبادئ التي قام من أجلها الحسين، هي درس عملي لكل البشرية برفض الظلم وعدم السماح للخطأ ان يستمر حتى لو كان ذلك الخطأ دولة قائمة بكل ماتملك من امكانيات، هي نهضة لاسقاط عروش الطغيان، وسحب الشرعية من دولة الظلام.

يعد الحسين اول من أسس للمعارضة السياسية في التاريخ الاسلامي، وقد رسم خارطة طريق لبرنامج المعارضة التي قادها، قبالة القوم، برنامج ستراتيجي بعيد المدى، لم تستوعبه عقول اعدائه.

وضع حسابات المنطق والرياضيات جانباً، لانه كان على يقين انه مهزوم لا محالة لوجستياً، ان الثبات على العقيدة، والاصرار على الوقوف بجلد وأستأساد امام العدو، هو اكسير خلود المعركة.

عندما يتصارع المنطق مع الجنون، ويتقاتل المعقول مع اللامعقول، حينها تكون المدينة الفاضلة التي بناها افلاطون في خياله ودعى البشرية الى الاقتداء بها للوصول الى الكمال، مجرد لوحة سريالية لا وجود لها، امام مشهد الحسين وهو يطلق بأصحابه صافرة انذار قائلا" انتم في حل من بيعتي، وهذا الليل فاتخذوه جملاً" وهو بلاء عظيم وصقل لمعدن الرجال.

 

نحن لا نملك في يومنا هذا الا ان ندرس احداثيات المعركة دراسة بحثية بحتة، للوقوف على خفايا تلك الواقعة، ونقيس تحت المجهر تلك القدرات والقابليات، ونقيسها على ما نملك من قدرات وامكانيات، وبمعادلة حسابية يتبين لنا الفرق الشاسع، بين ما كان ومايكون وماهو كائن.

 

عندما يُحرم احدهم من الماء، لأكثر من ثلاث ايام وفي ظروف استثنائية حساسة، بين حصار وقتال، كلها امور من شأنها تضعف النفوس وتقهر الارادة، اضاف الى ذلك صرخات الاطفال والعيال المرعوبة، كلها عوامل ضاغطة على جيش الحسين، الذي وقف بكل بسالة.

 

لم يكن خروج الحسين كأبتزاز سياسي، ولم يبيع ثمن سكوته على حكومة فاسدة، في زمن باع الناس دينهم ودنياهم بأبخس الاثمان،

بل خرج من اجل ان ينقذ النفس الانسانية، فبنى مدرسة للكرامة، وخط بقدمه خريطة النصر، ولم يقف عند هذا الحد، بل استنهض بالامة قيمها الجاهلية، بعد ان يأس ممن كانوا يحاربوه ان يعودوا الى دين الاسلام!

 

حيث نادى بالقوم " ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد، فكونوا احرار في دنياكم وارجعوا الى احسابكم ان كنتم اعراباً "

اراد الحسين ان يبرهن ان من قاتلوه، لا ينتمون الى الاسلام من جهة، ولم يدركوا اخلاق الجاهلية حتى، فهم للدواب اقرب من الانسانية، اشبة بعصابة مرتزقة لا تفقه الا لغة الدينار والدم .

 

فصرخ الحسين صرخة خالدة في ضمير الزمان ، سجلها تأريخ الامة الاسلامية، التي لم تبلغ قرنها الاول حتى، فأحدثت تلك الصرخة وتلك الدماء صدمة للمجتمع انذاك، اعادت للعقول الذاهلة رشدها.

هكذا فرق الحسين بخروجه على سلطان جائر بين طودين من البشر، هم الاحرار والعبيد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رسل جمال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/11



كتابة تعليق لموضوع : الحسين يفرقنا !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net