( جُنْدُ الزَّهَرْ) الفصل الخامس
يسر فوزي
يا أيُّها القهرُ المُغرِّدُ في دَمِي
اعزِفْ لُحونَكَ ثَورَةً تجْتاحُنِي
تَسْتنْبِتُ الأحْلامَ عِطرًا ذاتَ فجرٍ في غدِي
إنّــي شَقيتُ و لم يعُدْ قَرْعُ الخَطوبِ يَقُضُّنـِـــي
أَطْوي لَيالِ البَرْدِ في بَلَدِي
و أُعَانقُ الجَمْرَ المُخَضَّب فِي يَدِي
************
الفصل الخامس
( جُنْدُ الزَّهَرْ)
الفصل الأوّل
قالوا غَدًا حيْفُ الزّمانِ سيَنْدَثِر
قُلْنا فَهَلْ
يَسْرِي وَرِيدُ الزّهْرِ فِي طِينِ القَمَرْ
و تُرَاقُ أَزْمِنَةُ التّحَكُّمِ في البَشَرْ
قَالُوا بَلَى طُوبَى لَكُمْ
زَمَنُ العَبِيدِ مَضَى فَقَدْ وَلَّى الضَّجَرْ
قدْ أَيْنَعتْ جَذْلَى أكَالِيلُ الزَّهَرْ
و عَريشَةُ الأحلاَمِ تَرْفُلُ في خَفَرْ
صَبْرًا و نَغْنَمُ مَا تَسَرَّبَ مِنْ قَطَرْ
قُلْنا المَطَرْ
قَالُوا بَلَى
فَالوَزنُ مَضْبُوطٌ إذًا فَلْتَـنْشُدُوا صِدْقَ الخَبَرْ
و لْتَنْزعُوا ثوبَ الحِدَادِ و مَا غَبَرْ
قُلنَا مَضَتْ سَنَةٌ و لمْ تسْتَمطِروا حُلْمًا و لاَ الْغَيْثُ انْهَمَرْ
قاَلُوا رُوَيْدًا أهْلَنَا
فالصَّبْرُ مِنَ نِعَمِ الإلهِ عَلَى البَشَرْ
و النَّصْرُ صَبْرُ سُوَيْعَةٍ
فَلْتَصْبِرُوا حَتَّى السَّحَرْ
و تَذَكَّرُوا أهْلَ البَوادِي و الحَضَرْ
سَيَكُونُ عَهْدُ كَرَامَةٍ
و يَطِيبُ فِيهِ المُسْتَقَرّ
أَوَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ البَشَائِرُ تَنْهَمِرْ؟
قُلْنَا إلاهَ الكَوْنِ نبْضٌ نابِتٌ في عِرقِنا
و وَكِيلُنا فِي ما قَضَى حُكْمُ القَدَرْ
و الصّبرُ حِنْطَةُ يَومِنا
و رَفِيقُنَا مُنْذُ الصِّغَرْ
قَالُوا إِذًا
الوضْعُ مَحْسُومٌ غَدَا
عُودُوا إلَى عُشِّ السَّمَر
و غَدًا سَنُعْلِنُ نَهْجَنا بالمُخْتَصَرْ
الفصلُ الثّـاني
قُلنَا كَفَى
أَقْفَالكُمْ يا شَيْخَنَا تُفْتِي الخَطَرْ
و جُمُوعُ أحزابُ الوَطنْ
أبْواقُها تُفْشِي الحَذَرْ
أَأَصَابَكُمْ قِصَرُ النَّظَرْ
لمْ نَجْتَنِي الخيْرَ الضَّنِينَ و ما نَزَرْ
حَتّى عَلَى مَدِّ البَصَرْ
فَـبَشائِرُ التَّكْفِيرِ شَاعَ طَنِينُها
وعلَى العَلَنْ
و هُناكَ مَنْ يَسْعَى إلَى حَرْقِ البَوادِي و المَدَرْ
و هُنَا اعْتِصامَاتٌ تُرَدِّدُ مَطْلَبَ العَيْشِ اليَسِرْ
و جَمَاعَةٌ تَرْنُو لِصَيْدِ مَكَاسِبٍ
مَا هَمَّهَا وَضْعُ العَصَا
فِي مَسْلكِ الدَّرْبِ العَسِرْ
و مَضَتْ تُلمْلِمُ ما تَبَقّى مِنْ فُلُولٍ سَادَها
ذَاكَ القَذِرْ
و عُيُونـُنَا تَطْوِي اللّظَى
تَدْعُو القَوِي جَبْرَ الضَّرَرْ
فَبِرَبِّكُمْ أيْنَ الوُعودُ و أيْننَـا
مِنْ غيْثِ خضْراءِ الطُّيُوبِ المُنتَظَرْ
و أَرِيجُنا و اليَاسَمينُ يُباعُ في غُرَفِ المَزَادِ و فِي الصُّوَرْ
يا حَسْرتاَهْ
أَتَبَخَّـرَتْ مُزُنُ الزَّهَرْ
الفصل الثالث
قالُوا خَربْتُمْ أمْنَنَا
أنتُم وَ صُنّاعُ الفِتَنْ
و سنَفْضَحُ الأرْجَاسَ في كُلِّ الصُّحُفْ
و عَلَى المَوَاقِعِ و الأَثِيرِ و بِالصُّوَرْ
مَلَؤُوا شَوَارِعَ صَبْرِنَا باللّافِتاتِ المُنْذِرَة
كتَبُوا علَيْهَا مَا يَلِي
رَفْضُ البَشَائِرِ فِي شَرَائِعِ نَهْجِنـَـا
إحْدَى الكَبَائِرِ فاحْذَرُوا
دُقّتْ نَواقِيسُ الخَطَرْ
و الأَدْعِيَاءُ مَآلُهُمْ بيْنَ الحُفَرْ
و اسْتَشْهَدُوا إِخْوانَنَا
لَهُمُ الجَزَاءُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ سُوَرْ
قُلْنَا وصَبْرُ الحَالِمينَ قَد انْفَطَرْ
مَاذَا دَهاكُمْ يَا بَشَرْ
أتُبَشِّرُونا بِالنّعِيمِ و تَحْشُرُونا فِي سَقَرْ
هَتَفَتْ جُمُوعٌ و الغَضَبْ
جَمْرٌ يُخَضِّبُ جُرْحَ حُلمٍٍ مُنْكَسِرْ
إسْلامُنَا دِينُ المَحبَّةِ و العِبَرْ
و عُروبَةُ الأمْجادِ في خَضْرائِنا سِفْرٌ نَظِرْ
أمّا الهَوِيّةُ سَطَّرَتْ فِي عُمْقِنا طِيبٌ عَطِرْ
و لَكُمْ نَقُولُ و فِي العَلَنْ
خَطٌّ عَرِيضٌ أحمرُ
عُنْوانُهُ : إِنَّــا و تُونِسُ بِالثَّلاثَةِ نَفْتَخِرْ
وحَذَارِِ سَكْبَ الغُبنِ فِي المَاءِ العَكِرْ
فَالفِتْنَةُ العَمْيَاءُ مِنْ هَذا الطَّرِيقِ تَمُرّ
إنْ أُشْعِلتْ فِي دَرْبِنا عَيْنُ الشَّرَرْ
لنْ يَنْفَعَ التَّطْبِيبُ عَيْنًا صَابَهَا دَاءُ العَوَرْ
الفصل الرابع
قَالُوا لِمَا هَذا التَّذَمُّرُ و الكَدَرْ
و أَمامَكُمْ نَسْعَى و أرْهَقَنا الطَّلَبْ
لا تَجْزَعُوا و سَنَجْتَنِي رَطْبَ الثَّمَرْ
و عَلَيْكُمُ باِلصَّبْرِ فالتَّارِيخُ دَرْسٌ ذُو عِبَرْ
قُلْنَا و حِلْمُ اليائِسينَ قَد انْشَطَرْ
عِيدَانُ شِدَّتِنَـا ذَوَتْ
و انْهَارَ صَرْحٌ مِنْ شُمُوعٍ صَابِرَة
أَمّا رَفِيقُ خُطُوبِنا مَا عَادَ يَحْتَمِلُ اللّظَى
رَحَلَ التّجَلُّدُ و انْتَحَرْ
يَا أَيُّها الرَّكْبُ الوَقِرْ
نَتَساءَلُ
مَاذا وَرَاءَ سِتارِكُمْ
أَوَ لَيْسَ هَذا مَا أَقَضَّ مَنامَكُمْ
زَمَنَ العَقَرْ
أَمْ أنَّ حاجَتَكُمْ دَنَتْ
و كُؤُوسُكُم قَد نَالَها وِسْعُ الوَطَرْ
يَا لَلأَسَفْ
حِبْرُ الحَواشِي قدْ تَغيّرَ لَونُهُ
و كَذا المَنابِرُ غَيّرتْ أَبواقَها
و غَدَتْ تُرتِّقُ فِي الأُطُـرْ
أَمّا الكَرَاسِي لَفَّهَا ذَاتُ الوَبَرْ
هَزَّازَةٌ.. تَهْوَى النَّشَازَ و مَا نَدَرْ
و تَبَعْثَرَ الحُلمُ الوَليدُ و مَا اسْتَقَرْ
و شِعَارُ ثَورَتِنا هَــوَى
قدْ شاقَــهُ رَجْمُ الحَجَرْ
و الصَّوْمُ فِي بَلَدِي لأَيَّامٍ أُخَرْ
فالعَزْفُ مَوْزُونٌ عَلَى نَفْسِ الوَتَرْ
قَالُوا أَلاَ تَسْتنْظِرُوا
ضِقْنَا بِكُمْ ذَرْعًا و هَذَا مَا حَضَرْ
قُلْنَا رَضِينَا بِاليَسيرِ و مَا سَتَرْ
واسْتَوعَبَتْ أَقْدَارُنا سَيْلَ التّكَالُبِ و العِبَرْ
لنْ يُلْدَغَ الأَبْرَارُ مِنْ ذَاتِ المَمَرّ
خَلَتِ البِلادُ مِنَ العَبيدِ و ذَلِكَ العَهْدُ انْدَحَرْ
لا لَنْ نُساقَ فَنَحْنُ لَسْنَا بِالحَوَرْ
لسْنَا وَقُودًا للفِتَــنْ
و لِـــمَنْ عَبَرْ
الفصل الخامس
قَالُوا فَمَنْ أنْتُمْ إذًا .. ما خَطْبُكُمْ
قُلْنا بأَنّــا شَعْبُ خَضْرَاءِ الأُمَمْ
نَحنُ الشّموعُ و قدْ أَضَأْنَا أرْضَنَا
بِبَــرِيقِ ثوْرَتِنـَـا العَطِـرْ
نَدْعُو إِلَـهَ الكَوْنِ في صَلَوَاتِنـا
أَنْ يَحْفَظَ الخَضْرَاءَ مِنْ جُبِّ الحُفَرْ
قُلْنـَـا إِذًا
نَحْنُ الشُّمُوعُ و قدْ أَضَأْنَا أرْضَنَا
و مِنَ العَجَائِبِ أَنّنَــا
نَحْيـَا بِــأَنْوَاءِ السَّهَــَرْ
نَرْنُو إلَى إغْفَاءَةٍ
و النَّومُ فِي أحضَانِ مَوْطِنِنَـا كَوَخْزٍ بالإِبَرْ
و أَمَامَ صَوْلَةِ جُوعِنَا مَا مِنْ مَفَرّ
فَالفَقْرُ مِنَّا يَنْحَدِرْ
قالُوا كَفَى .. فَلَقَدْ مَلَلْنَـا قَرْعَكُــمْ
قُلنَــــا بَلَى .. فَلْتَسْمعُوا
و تَعُــوا
قَسَمًا بِسيْلِ كُلُومِنــَا
سَنَظَلُّ عُشَّاقَ الوَطَنْ
و جُنُودُ خَضْرَاءِ الزَّهَرْ
نَفْدِي خَصِيبَ تُرَابِهَا
و مَنَابِتَ الأحْرَاشِ و الدَّفْلَى و أفْنَانَ الشَّجَرْ
نَهْوَى هُطُولَ شِتَاءِهــا
إِنْ كَانَ قَطْــرًا أَوْ قَطَـــرْ
و رَبِيعُـهَا إنْ أَعْدَمُوهُ لَنْ نَمَلْ
و سَنَنْــــــتَظِرْ
فَعَلَى صُخُورِ الجَدْبِ يُبْعَثُ فَجْرُنا
و الغَيْثُ بَيْنَ جِبالِنَا
فَيْضٌ مِنَ النُّورِ المُقَدَّسِ يَنْهَمِرْ
أَوَ لَمْ تَرَوا طَيْفَ الشَّهِيدِ مُرَابِطـًا عِنْدَ القَمَرْ
يَشْدُو صَدَى أٌغْرُودَةِ الأَحْرَارِ فِي عُرْسِ المَطَرْ
وسَنَنْتَظِــرْ مَدَّ المَطَــــرْ