صفحة الكاتب : احمد كامل عوده

الشباب في دوامة الفراغ
احمد كامل عوده

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الوقت كالسيف ان لم تقطعه يقطعك ، حكمة قيلت منذ مئات السنين قالها احد الحكماء العرب في دلالة على اهمية الوقت لدى الانسان ، وتسابقه مع الزمن في اشارة مهمة ان الوقت يمضي سريعاً ولابد للإنسان استغلاله بأفضل استغلال ، لكن هل عمل العرب بتلك الحكمة فعلياً ، ومن هو الذي استفاد من تلك الحكمة وسارع الزمن حتى سبقه بعدة سنوات في العديد من التجارب ، فلو لاحظنا العرب وطرق حياتهم تجدهم غير مكترثين تماماً للوقت من خلال كثرة المقاهي ودور الاستراحة التي تملئ مدنهم ، والتي تعج بالشباب الذي يقضي ساعات طوال بالجلوس على مساطبها .

ان اخطر آفة تصيب المجتمع هي التكاسل وعدم الاكتراث للوقت ، والفراغ الطويل في حياة الانسان خصوصاً في مرحلة المراهقة والشباب فتكون تداعياتها خطيرة جداً ، ونتاجها مظاهر سلبية تكاد تفتك  بالمجتمع ، فمن هو المسؤول عن زيادة الفراغ في حياة الانسان وعدم اهتمامه للوقت ، هل هي كثرة البطالة وعدم العمل ؟ او هو الانسان بذاته يتحمل مسؤولية نفسه ، اكيد البطالة هي احد الاسباب في الفراغ لكن تقع المسؤولية الاكبر على الانسان نفسه ، فهو يمكن ان يقضي وقته بأشياء مفيدة وعدم الاستسلام ووضع نفسه في دوامة الفراغ التي تجعل منه شخصاً ضعيفاً ومستسلماً للظروف المحيطة به .

تفاجئت في يوم من الايام وانا في زيارة لاحد اقاربي في المناطق الزراعية المعروفة في واسط ، والتي تنتج اراضيها افخر انواع القمح وخلال  مسيري اليهم رأيت بين مسافة واخرى غرف منتشرة على الشارع ، وعندما وصلت الى اقاربي سألتهم عن تلك الغرف اجابوني انها مقاهي تفتح عصراً ، وتبقى الى ساعات متأخرة من الليل يتناول فيها الشباب (الناركيلة) ولعب (الدومينا )وتصفح الانترنيت فأستغربت كثيراً من تلك الحالة ، ايعقل اهل الريف والمناطق الزراعية التي كانت تضرب بها الامثال بالطبقات الكادحة امست هكذا ، والتي يقابلها اهمال الاراضي الزراعية وعدم استغلالها بالشكل الامثل  في المواسم الزراعية على الرغم من توفر المياه ، بسبب انشغال الشباب بالسهر والنوم في النهار ، وعندما التقيت بالشباب في المقاهي وجدتهم متذمرين من الوضع ، ويريدون التعيين في دوائر الدولة وهم يرفضون الزراعة بحجة انها مورد اصبح غير مجدي ونافع ورأيتهم يقارنون انفسهم بهذا وذاك ، وبعد لقائي بآهالي الشباب لمست منهم الحسرة والالم على اراضيهم التي صارت بوراً بسبب رفض ابنائهم زراعتها وهم يرمون السبب (بالانترنيت )الذي ساهم بضياع الشباب واضعف قواهم ، صراحة لا اخفي عليكم كنت مسانداً في الرأي لكبار السن لانهم اهل حكمة ومروا بظروف سيئة للغاية ، وبصبرهم وجهدهم تغلبوا عليها ، ويجب ان نستفاد من درايتهم في تسيير الامور وعدم الاستسلام للعادات الدخيلة على مجتمعنا والتي انهكت قواه .

نعيب الزمان والعيب فينا ، تلك مقولة اختصرت علينا الكثير ، فتطور وسائل الحياة لم نحسن استغلالها بالشكل الامثل ، وذهبنا الى الجلوس وتناول الحديث وعدم العمل ، اضافة الى ذلك لم تضع الدولة خطط كفيلة تنقذ المجتمع من الركود وانعاش الاقتصاد خصوصاً وان ارضنا تدر خيرات لاتنفذ ، وهناك مشاريع كثيرة يمكن بها زج الاف الشباب فيها وتحويلهم الى شباب منتج ، وانقاذ المجتمع من هاوية الفراغ الذي اصاب الشباب ، ويمكن الاستفادة من افكار النهضة الصناعية التي عملت بها الدول الغربية خلال القرن الماضي والتي غيرت من شعوبها وصارت دولهم من دول العالم الاول بعد ان انهكتها الحروب العالمية .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد كامل عوده
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/08/26



كتابة تعليق لموضوع : الشباب في دوامة الفراغ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net