ظاهرة البيوتكنولوجيا وآثارها الخطيرة على الفرد والمُجتمع
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

إنَّ ظاهرة البيوتكنولوجيّا - ونعني بها استعمال التطبيقات الرقميّة الحديثة وتوظيفها في الإطار الإيديولوجي السلبي- هي الظاهرة الأقوى فتكاً وخرقاً للمنظومات الاعتقاديّة والفكريّة والثقافيّة والسلوكيّة والقيميّة والتربويّة والأخلاقيّة والأمنيّة في المُجتمع ،أفراداً وأسراً ومجموعاتٍ ومؤسساتٍ .
- ومن خلالها تُدار الحرب الناعمة والكلاميّة والباردة التي تستهدف الشباب والعقول وعمليات اختطاف الوعي من المُتلقّين ، وسوقهم وفق إيديولوجيا رقميّة خطيرة جدّاً تشتمل على كل ما يخالف المُرتكزات الفطرية والاجتماعية القويمة والدينيّة المستقيمة أفراداً وجماعاتٍ.
- ولقد تمكّنت هذه الظاهرة الجديدة مؤخّراً من نشر أفكارها وإعادة إنتاج المقولات القديمة في جدلها وأغراضها كمقولة الإلحاد والعلمانيّة والوجوديّة والإباحيّة والفوضى الخلاّقة ومحوريّة الإنسان في الوجود أصالةً وقبل كلّ شيء واتّخاذه منطلقاً لكلّ فكرة.
والاعتقاد بأنّ الإِنسان أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً .
واعتبار أنّ الأديان والنظريات الفلسفيّة التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مُشكلة الإِنسان ،ممّا يتطّلب ذلك إلغاء الدين وتهميشه في واقع الحياة.
- وعليه تعمل هذه المنظومة الفكريّة من خلال أدواتها البيوتكنولوجيّة على إعادة الاعتبار الكلي للإِنسان ومُراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره دون أي اهتمام بمعايير الدين والأخلاق والعرف المقبول .
- وهي تسعى لترسيخ حرية الإِنسان المُطلقة والمُنفلتة - وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء، وبأي وجه يريد دون أن يُقيّده شيء.
- وتوجّه هذه الظاهرة المُنظّمَة الإِنسانَ بأن يطرح الماضي وينكر كلّ القيود، دينيّةً كانت أم اجتماعيّةً أم فلسفيّة أم منطقيّةً .
- فلا إيمان بوجود قيم ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه، وإنّما كلّ إنسانٍ يفعل ما يريد - وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً مُعيّنة على الآخرين.
- وهنا بيت القصيد - فإذن بمَ يتقيّد الإنسان ؟
- وقد رُصدت آثار هذه الظاهرة في وجهها السلبي بأرقام كبيرة ومُخيفة في واقع المجتمع العراقي من حيث انتشار تلقي مقولة الإلحاد وفق دوافع نفسيّة ارتداديّة غير صحيحة وغير مقبولة عقلاً وشرعاً ودليلاً وعِلما .
وتزايد حالات التسقيط الاعتباري والاجتماعي والمعنوي للشخصيات والجهات والأفكار والاعتقادات وجملة من القيم والاعتبارات الدينية والعرفية .
وكذلك تفشي أسرار مؤسسات الدولة الأمنيّة والإداريّة والاقتصاديّة والعسكريّة وغيرها.
فضلاً عن إسهامها في تغيير طبيعة الشخصيّة الفردية سلوكاً وقراراً وأخلاقا - ممّا أنتج تصاعداً بنسبة كبيرة جدا في حالات الطلاق وتفكك الأسر وتشرّد الأطفال وعقوق الآباء والأمهات - وتأنّث بعض الشباب.
وتضييع الاوقات وهدر الطاقات وبروز التلهي بالألعاب لحد الإدمان ،بحيث انخفض مستوى نسب النجاح والتعليم في العراق وبكافة المراحل الدراسيّة - وأصبحت منظومة الأخلاق والسلوك في معرض الخطر الوشيك والتصدّع الكبير.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat