رسالة إلى إبنتي القسم ٣
رعد الغريباوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رعد الغريباوي

ايه بنيتي :
من أجل هذا كله ومن أجل أشياء أخرى لم أذكرها رأيت أن أكتب إليك وان أحدثك عن بعض الأمور .
لعلك لمست حتى الآن أننا في بيتنا - أنا وأمك - لا نفرق في المعاملة والمحبة بينك وبين أخيك بشيء . وما أظنك إلا معترفة بأننا لم نستقبل اختك حين ولدت بأقل مما لو كانت صبيا . لعلك لاحظت فرح أمك بها وحبها لها ، ولعلك تعترفين بأني أمنحها من قلبي وعنايتي ما أمنحه لك ولأخيك .
أقول هذا لاثير معك مسألة التساوي بين المرأة والرجل . سألتني مرة : هل المرأة كالرجل ؟ وقلت لك آنئذ نعم ولا .
نعم لأنهما متساويان في الحقوق والواجبات ، متساويان في انسانيتهما ، متساويان في قيمتهما وأهميتهما للوطن وللمجتمع ، ولانهما جنسان متكاملان ، في كثير من الأمور ومتشابهان في كثير من الأمور أيضاً .
جسد المرأة غير جسد الرجل ، ونفسية المرأة تختلف عن نفسية الرجل ، عقلها غير عقله ، وعاطفتها غير عاطفته ، وتصرفاتها تختلف عن تصرفاته .
جسد المرأة مخلوق بحيث يناسب وظيفتها الأهم ، وظيفة الأمومة ، وعقلها يعمل على أساس من الحدس المباشر والأدراك المستبصر ، وعاطفتها الثرة قاطعة في أحكامها تحب وكفى وتكره ولا تبرر ، وسلوكها قائم على أساس من عقائدها ، ولو إختلفت عقائدها عن عقائد الناس أجمعين .
وليس معنى هذا انها أذكى من الرجل أو أغبى منه ، وليس معناه أيضاً ما زعم من أنها مخلوق يعيش على العاطفة ويتنكر للعقل ، وليس معناه أبدا أن الأمومة مهنتها الوحيدة وان البيت مكانها الأنسب دوماً .
لا . إن معناه أن ذكاءها يتخلف عن ذكاء الرجل بعض الشيء ، فثمة أمور تتجلى فيها عبقريتها وتخبو عبقرية الرجل وهي الأمور التي تحتاج إلى الحدس أكثر من المحاكمة ، وثمة أمور تتركها للرجل معترفة بتفوقه وهي الأمور المحتاجة للتخطيط والتنهيج والتنظيم .
إن معناه أن عاطفتها موحدة مع عقلها لا يفصم بينهما فاصم ولا يفرق بينهما مفرق ولذلك فهي لا تفهم منطق الرجل الذي يقوم على المحاكمة الباردة والمصلحة المطلقة ، وأن معناه أن تعطي أو تمنع ، وإن كانت في معظم الأحيان معطاءة ، أن تحب أو تكره وان كانت إلى المحبة والتسامح أقرب .
وفيما ذلك ففي النساء الذكية والغبية ، وفيهن الخيرة والشريرة ، وفيهن صاحبة الميل الفني وصاحبة الميل العلمي وصاحبة النزعة العملية .
وفي كل حال يجب أن يكون للمرأة ما للرجل من حقوق وعليها ما عليه من واجبات ، لتعمل لوطنها كما يعمل ، وتقدم للإنسانية ما يقدم .
وفي كل الأحوال لا يستطيع وطن على وجه أرضنا اليوم أن يصل إلى ما يصبو إليه من تقدم ورفعة اذا هو غمط المرأة مثل هذه الحقوق ونظر اليها غير هذه النظرة .
هذا جواب سؤالك أيتها الحبيبة أذكرك به اليوم لأقول لك شيئاً آخر .
لنا معكم تكملة الرسالة ، فتابعونا .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat