فرحتي بانهزام المنتخب المغربي.. وهذه مبرراتي
محمد المستاري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في الحقيقة كثيرا ما تمنيت بأن ينهزم المنتخب المغربي في البدايات الأولى من كأس إفريقيا للأمم 2012، ومرد ذلك إلى أسباب كثيرة على رأسها، إننا في هذه الظرفية نعيش أوضاعا معلقة ومبهمة، وبالتالي فنحن لسنا بحاجة إلى كرة القدم أو إلى كل ما من شأنه أن يلهينا أو يمثل علينا.
أضف إلى مبرراتي، أن الفوز في مباريات كرة القدم بالمغرب يُشكِّل ورقة رابحة بالنسبة إلى أولئك السياسيون الفاشلون الذين يستغلون السُذَّج والأمية المتفشية في مجتمعنا، حيث يُخرجُون فئة معينة إلى الشارع يهتفون ويزغردون فيتبعهم آخرون ثم آخرون، وبذلك الملفات الساخنة التي لا تعوض بثمن تبرد بتفاهة كرة القدم ليس إلا... وتدعيما لهذا الطرح، المباراة الأولى التي جمعت بين تونس والمغرب انتهت بالخسارة، غير أن ذلك دفع بأولئك المشتغلين في الخفاء والكواليس إلى تأليف أغاني خاوية بخصوص كرة القدم وأخذها حيزا كبيرا من الاهتمام إذ بُثت في الإعلام الرسمي. فما بالكم إذا ربح المغرب وفاز.
وأحيط علما، إن في مجال الإعلام هناك نظرية تسمى بنظرية تحديد الأولويات، وهي النظرية التي كثيرا ما يلجأ إليها السياسيون عندنا بشراكة مع قنواتنا الإعلامية الخائنة وغير المستقلة، من أجل طمس الملفات الساخنة أو تبريدها، ومفاد هذه النظرية في الأدبيات الإعلامية أنها من نظريات القائم بالاتصال، ومعنى ذلك أن منطلق ذات النظرية يدل على أن وسائل الإعلام هي من تقوم بترتيب اهتمامات الجمهور من خلال إبراز القضايا التي تستحق، وإهمال قضايا أخرى، فيبدي الجمهور اهتمامه بهذه القضايا (كرة القدم، والمسلسلات المدبلجة، والسهرات المائعة..) دون غيرها.
ولهذه النظرية تأثير قوي جدا، وذلك من خلال وسائل الإعلام التي تبث أحيانا برامج ومواضيع تعطيها حيزا كبيرا من الوقت وتركز عليها (كرة القدم..) حتى تبدو للمشاهد أنها أهم من غيرها في مقابل تجعله يهمل مواضيع أكثر منها قيمة وأهمية.
فلماذا لا تطرح الأسئلة: أين وصلت الحكومة؟ ما هي منطلقاتها؟ ما هي أجنداتها وأولوياتها؟ ما منزلقاتها؟ كيف تطرح ملفاتها؟ كيف ستتعامل مع محرقة المعطلين أولئك الذين افتقدهم آباءهم وأحبابهم وأصدقاءهم، إذ ما ذنبهم أمن أجل الخبر والمُطَالبة بالحق لا ممارسة الفوضى والعنف ماتـــوا..إذن، أين هو دور الإعلام في التساؤول الحر والهادف؟؟ لماذا لم يتم استقبال ابن كيران في إحدى قنواتنا التي نتهافت عليها ليشرح معنى ضرب الأجهزة الأمنية لأولئك المعطلين بالركلات والهراوات علما بأنهم هددوا بإحراق الذوات وذهبوا للحصول على الخبز إثر ألم الجوع؟؟. لماذا لم يتم استقبال مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، الذي أحبه ويحبه كثير بالثقة ليوضح أسطورة العدل والحرية بالمغرب؟؟.
أقول إن إسبانيا ودول غربية أخرى من روافد اقتصادياتها عائدات كرة القدم، لذلك تلجأ إلى شراء لاعبي كرة القدم بأموال طائلة، وتشيد الملاعب بأموال طائلة أيضا، غير أنها بالمقابل تذر أموالا طائلة بل وصاروخية بالنظر إلى ما خسرت، فربما يكفيها المواطنون المغاربة وغيرهم ليُعَبِئُوا أوراق اللوطو "LOTO" أو شرائهم أقمصة مشاهير رياضييها...لتسدد كل نفقاتها، أو تحقق الفائض في عائدات مخططاتها. هذا إذن هو منطق إسبانيا وأوربا.
في مقابل منطق المغرب الذي يتأسس على الخواء والفراغ، ومعنى ذلك أننا نقوم باستيراد مدرب يحصل على أزيد من 250 مليون شهريا بينما هي حسب معطلين ضائعين قيمة مشاريع كبرى تذر أموالا طائلة، هذا إذا لم نتحدث عن الاهتمام المبالغ فيه والمتمثل في إنجاز ملاعب مكلفة في مقابل غياب مدارس وجامعات بمدن كبرى.
وإن اهتمام ومبالغة الدولة بقضايا كهذه، في مقابل قصورها وعدم اهتمامها بقضايا أكثر منها قيمة وأهمية، يدل على أن الربح هو تكريس الأمية في أولئك الشباب الأقوياء والبواسل وجعلهم مغيبين أمام شاشة التلفزيون.. يشتغلون بالدراهم المعدودة.. ويسرقون.. وتوضع عليهم قوانين وهم ساهون..أولئك الشباب عندما تسألهم يجيبون نحن جمهور وفي لفريقنا في كرة القدم؟؟
أقول إننا لسنا بحاجة إلى كرة القدم، تهدر المال، تعمق الجهل، تبرد الملفات الساخنة، تلهي الشباب وتدفع بهم إلى القمار بعدما تلفه وتعرضه بقوالب جذابة تسمح بالتسلسل إلى اللا شعورهم، والمستغرب حتى عبر التلفزيون الرسمي الذي يسددون له فواتير الكهرباء شهريا، في الواجهة القمار يسمى بلعبة الحظ، فهل أقول من خلال هذا المقال حظ سعيد في المرة القادمة، أم تبا ونهاية لكي يا سياسة الكرة؟؟
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
محمد المستاري

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat