حنان الزريجاوي / كيف لنا ان ننجز ابداعا في التراث الديني والمعرفي لنحرص به على الخير والجمال في تراثنا من خلال كتاباتنا النسوية؟
آمال الفتلاوي /
من الضروري أن نحفظ تراثنا وتاريخنا من الأندثار عِبر إخراجه بشكل حداثوي معاصر يتناسب فكريا مع هذه المرحلة، بالنسبة لحفظ التراث النسوي هناك بعض التحديات في هذه الجنبة لأن التاريخ لم يحفظ لنا من التراث النسوي الديني إلا الشيء القليل وافتقرت أغلب المصادر إلى الأحاديث الموثوقة عن سيدات البيت النبوي واكتفت صفحاته بذكرهن عِبر أدوارهن في أحداث مهمة ومصيرية بدون تدوين سيرة، ورواية خبر او اثنين عن كل شخصية لا يكفي لتقديم إنموذج مثالي، ولذا فان توظيف الخيال بشكل وجداني عميق (لايخرج عن اطار تقديم الصورة الحقيقية للشخصية) مهم جدا في إبتكار أطروحات حداثوية نحفظ بها هذا التراث من الأندثار، وننقيه من الشوائب التي الصقت به وأضرب لذلك مثلاً مسألة تشويه سيرة السيدة الجليلة سكينة بنت الإمام الحسين عليه السلام على الكاتبة ان تتناول سيرتها على أساس حديث الإمام الحسين عليه السلام عنها (وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ) وأن لاتخرج عن الأطر الوصفية لهذه السيدة الجليلة في هذا الحديث كونه كلام معصوم وكلام الإمام هو إمام الكلام، والقصد أن تتعمق الكاتبة في ماوراء سطور هذا الحديث وتستنتج منه عدة جنبات مثل الجنبة الاخلاقية والفقهية، والعقائدية، والاجتماعية، وعلى أساس هذه الجنبات نضع أساسيات نرتكز عليها في تناول حياتها؛ لتقديم صورة مشرقة بعيداً عن التشويه.
حنان الزيرجاوي/ هل من الممكن أن تستثني الكاتبة كتاباتها من رؤياها النقدية الناتجة من عوالم ابداعية؟
آمال الفتلاوي /
النقد الأنطباعي والنقد الموضوعي البنّاء ساهما في تنقية الذائقة الأدبية وغربلة المنجز الأدبي وأحدثا حراكاً أديباً على الساحة، والكاتب يعي هذا الشيء وله عين نقد يرى بها منجزه ولا يمكن أن يستثني كتاباته من رؤاه النقدية وإلا فما فائدة تلك الآراء إن لم يكن هو نفسه يؤمن بها، بل على العكس الكاتب مقيّد بما يؤمن به أكثر من غيره كون كتاباته حجة عليه.
حنان الزيرجاوي / ما هو رايك بفصل الادب النسوي عن الحركة الادبية، كون المرأة تعرضت لمواجهة تضليلية كبيرة من دون الرجل؟
آمال الفتلاوي /
للأدب النسوي تأثير كبير جدا على الساحة الأدبية، وهو ركيزة من ركائز الأدب الإبداعي كون المرأة الأديبة تمتاز بالدقة في وصف الأحداث والمشاعر وتقمص الأدوار، وقادرة على أن تمسك زمام التسلسل الدرامي للأحداث في أيّ نص تنجزه، وهذا بحد ذاته أعطى إنطباعا بجدارة المرأة وقدرتها على التعبير عن خوالجها وقضاياها أفضل من الرجل، ولكن لا يعني هذا أن تكون غريمة له بل على العكس في الوقت الراهن أرى إن الرجل قد تغيرت نظرته للمرأة عما كان سابقا وأصبح يؤمن بها وبقدرتها على التغيير والتعبير والدخول في المجالات الكثيرة فضلا عن المجال الأدبي، وهذا يعود لشجاعة المرأة وإدراكها لأهمية دورها التوعوي، أما الموجات التضليلية فهي لا تختص بالنساء حصرا، إنما هي موجهة بالتحديد للأسرة ولكن تأثيرها على المرأة أوضح كونها الأكثر تأثيراً في الأسرة.
حنان الزيرجاوي/ برزت ظاهرة استسهال الكتابة كيف تعالج هذه الظاهرة وهل النقد الادبي وظاهرة المشغل النقدي قادرة على انهاء هذا الاستسهال وجعل الابداع هوية؟
آمال الفتلاوي / ظاهرة أستسهال الكتابة أنتشرت كالنار في الهشيم كون سهولة الحصول على المادة أصبح متاحا بشكل سلس بفضل التكنولوجيا والأنفتاح التقني مما جعل البعض ممن يسمي نفسه كاتبا لا يفرق بين إقتباس النصوص بشكل مشوه ونسبها لنفسه، وبين أستخراج المصادر اللازمة لتدعيم كتاباته، وهذا الإلتباس يكون عند الفاقد لموهبة الكتابة، واذا أردنا أن نتخلص من هذه الظاهرة علينا أن نوضح أولاً ماهو المشغل النقدي حتى تكون الإجابة واضحة المعالم.. المشغل النقدي هو ورشة عمل نقدية أدبية تبناها الاستاذ الاديب الكبير علي حسين الخباز / مسؤول إعلام العتبة العباسية المقدسة ورئيس تحرير صحيفة صدى الروضتين لتمحيص الأدب النسوي وتنقيته والأرتقاء به إلى المستوى الأدبي المطلوب عِبر جمع مقالات لعدة كاتبات وتقديم إنطباع نقدي بنّاء ونشره سواء في المواقع الالكترونية أو في الصحف الورقية، فالمشغل النقدي كان تأثيره كبيرا أختص بالنصوص الأدبية لنون النسوة وهذا أعطى خصوصية وأهمية كبرى للأدب النسوي وقد أتت ثمار المشغل وأحدث تأثيره على محورين الأول جعل الكاتبات الجيدات يعدن النظر في نصوصهن وإتقانها أكثر، والمحور الثاني: أستهوى الكاتبات الجدد في تنمية أقلامهن وصنع ثيمة لكتاباتهن وضعتهن على بداية طريقهن، وهذا شي ليس بالهيّن، حينما ترسم خارطة طريق لعدة منجزات أدبية وتجعلها تصب في نفس البودقة، وتجعل الكاتبة تعي مستوى كتاباتها ومدى تأثير قيمة كتاباتها الأدبية على المتلقي، هنا يتضح لنا مدى أهمية النقد في الكتابات الأدبية بشرط أن يكون على أسس صحيحة وأن يكون بنّاءً الغاية منه تصحيح مسيرة الأدب وليس دفنه، وهذا يضع حدا لظاهرة أستسهال الكتابة.
حنان الزيرجاوي/ كيف نستطيع صناعة مبدعة وننمي الابداع عند الكاتبة المبتدئة؟
هل مشروع الكاتبة يستند على امور من اهمها الاشتغال في تجنيسات ادبية وفكرية متنوعة؟
آمال الفتلاوي /
الركيزة الأساسية التي على الكاتبة أن تستند عليها هي موهبتها ورغبتها وحبها وإيمانها بالكتابة ومن ثم عليها أن تشتغل على موهبتها عبر القراءات المتنوعة.
أولاً على الكاتبة المبتدئة أن تدرك إن موهبة الكتابة ينبغي أن تلازمها رغبة في الكتابة وتعمل على صقلها بالمطالعة الجدية والمتنوعة، والتركيز على قراءة القران (كونه موسوعة بلاغية عظيمة حوى جميع الاجناس الادبية)، ونهج البلاغة، وكذلك مطالعة الخُطب التاريخية وغيرها، وتنمية الخيال لديها فالخيال عامل مهم في رسم الصورة الادبية بشرط أن تحذر من الوقوع في هوة اللامعقول أيّ أن توظّف الخيال في رسم الواقع وإخراجه بصورة شاعرية جميلة برؤية جديدة للتأثير على النفوس وهذا هو مغزى الكتابة، وكذلك عليها أن تنظر لكتاباتها بعين الناقد وتكرر قراءة ما تكتبه مرات عدة وإن لزم الأمر إعادة صياغته، أما بالنسبة للإشتغال في تجنيسات أدبية متنوعة، برأيي إن من يجيد الكتابة الابداعية فهو يجيد الاشتغال على أكثر من جنس أدبي، إن لازمته الرغبة والعزم.
حنان الزيرجاوي/ هل للمكان وجود كبير في مساحات الابداع كونك تعملين في المكان المقدس؟ ماهي انعكاسات تلك القدسية على الكتابة وتأثيرها على المسيرة الابداعية؟
آمال الفتلاوي /
( ترددت كثيراً قبل إجابتي عن هذا السؤال الصعب حد العسرة، وأحترت في الإجابة فالامتناع عن الإجابة قد يكون نوع من أنواع الجحود بحق الكافل، وإن أجبت أخشى ان أقع في دائرة التقصير مع المولى روحي له الفداء، ومابين الحيرة والتردد فاتت أيام ثمانية حسمت أمري فيها وأستأذنت من سيدي ومولاي وكانت الإجابة متواضعة لم يقبلها وجداني ولكن لابد منها فلا أملك غيرها) .. من نِعم الله عز وجل أن حباني بنعمة القرب المكاني والعمل تحت أفياء قمر العشيرة، وهذا أعطاني قوة روحانية عجيبة أستثمرتها في منجزاتي الكتابية كون المكان المقدس له خصوصية في النفوس تتخطى حدود الحب والولاء.. هي وشيجة تفوق كل صِلات القرب لاأعرف كنهها.. كل ما أعرفه أن دمائي مدافة بهواه ، دقات قلبي تبض بحبه ، أنفاسي تستنشق شذاه، لطالما سمعت صوت قلبي وهو يطرق عتبات جماله، يبث لواعجه إلى مولاه، مفتونة بهواه حد الموت وما بعد الموت، يسكن روحي، خلايا جسدي مشغوفة بحبه بلا حدود، نعم بلا حدود، قلتها سابقا وسأقولها دائما في حب مولاي أبي الفضل عليه السلام وأنا أخاطبه:
(حقوق الحب محفوظة للكفيل)
أشهد أن لاشريك لك في قلبي..
أشهد أن حبك يسري في دمائي..
أشهد أن حبك مخلوط بلحمي وعظمي..
أشهد أن حبك رسول قلبي إلى عقلي..
أشهد إني أستنشق هواك..
وأشهد إن عقلي متيم برضاك..
الأ فليخرج من كان في القلب سكناه.
فحقوق الحب محفوظة للكفيل.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat