صفحة الكاتب : د . جعفر عبد المهدي صاحب

وا طَـرَابُـلُـساهً !
د . جعفر عبد المهدي صاحب

بروفسور دكتور جعفر عبد المهدي صاحب

من محاسن الصدف أن  ألتقي في إسطنبول  بكوكبة لطيفة من الزملاء الدكاترة العراقيين الذين عملوا في مختلف جامعات ليبيا منذ عام 1991 وما بعده. ودار الحديث عن العاصمة طرابلس، وسحرها وجمالها  وذكرياتنا  بها خلال تلك  الأيام  الحلوة الممتعة  إنها عروس البحر والشمال الأفريقي،  ثم  بدأ الشعور بالحزن يتسرب إلى نفوسنا  حين تطرق  الحديث لما تعانيه طرابلس الآن  ويعانيه أهلها من صعوبات جمة وما يهددها من كوارث وأخطار ولا أدري كيف وجدت نفسي منخرطا في الحديث   عن أزمة العراق التي بدأت قبل  احتدام  الصراع الطائفي في ليبيا بثمان سنوات  وأنها قد حركت حمية الشعب الليبي من أدباء وشعراء وفنانين تجاه العراق ، ومنهم على سبيل المثال شيخ الشعراء الليبيين الأستاذ الدكتور عبد المولى البغدادي الذي جادت قريحته الشعرية في إنتاج رائعته الخالدة ( من عليه  الرهان بعد العراق؟) وهي في حقيقتها ملحمة أسطورية شعرية ذاع صيتها آنذاك، ووصفها العديد من الأدباء العرب بأنها ملحمة بليغة واستشرافية  لأنها كتبت عام 1991 أي  قبيل الهجوم على العراق

وكل بيت فيها هو بيت القصيد أو قصيدة البيت الواحد لجمالها وسمو عاطفتها  على يد شاعر فنان يجيد صنعة الشعر بإقتدار بارز.

  - وقد أعددت فيها كتابا يحوي آراء وتعليقات العشرات من شعراء وأدباء العراق  وهو الآن في طريقه للنشر إن شاء الله -  وذكرت لهم من مقدمتها بعض الأبيات  وهي  :

أَزِفَ السَّبْقُ يا خيولَ السِّباق

مَنْ عَليهِ الرِّهانُ بعدَ العراقِ ؟؟

أَزِفَ السَّبْقُ والمنافِذُ سُدَّتْ

واستعدَّتْ رقابُكمْ للسِّياقِ

وَدَنَتْ ساعةُ اللَّحاقِ ببغدادَ

فماذا يكونُ بعدَ اللَّحاقِ؟؟

نحنُ لا أنتَ يا عراقَ الضَّحايا

لم نزَلْ رغمَ بُعدِنا في اشتياقِ

لوْ تهاوى العراقُ لم يبقَ دَمعٌ

أوْ دمٌ فى العُروقِ غيرَ مُراقِ

لوْ تهاوى العراقُ كمْ مِنْ عراقٍ

سوفَ يهوي كذابلِ الأوراقِ

وقد أدهشت وأثارت هذه الأبيات  عاطفة  الزملاء الحضور وكان من بينهم شاعر عراقي مجيد، طلب مني أن أزوده بكامل القصيدة، فكان له ما أراد  ،  وما هي إلا أيام قلائل حتى  فاجأني بثلاث  ورقات  بخط يده تتضمن قصيدة بديعة من نظمه قال إنها مهداة الى الشاعر الليبي  البغدادي  عبد المولى ومن خلاله الى أهلنا وأحبائنا في طرابلس الغرب ، وها أني أقوم بنشرها  آملا أن تكون  رمزاً للتعاطف والتآزر بين الشعبين العراقي  والليبي  ،  وإسهاماً  في  انقاد مدينتنا  الحبيبة طرابلس  مما يحاك به من فتن وما يهددها من دمار  ،  وأترك بين أيديكم  أيها الأحبة  هذه القصيدة  تحاوركم  وتحاور المجتمع الإنساني والضمير العالمي  من خلالكم   :

 

         وا طَـرَابُـلُـساهً !

 

ضَـجَّ  الحِمى : واطرابُلْسَاهُ ! مُحْتَرِسَا ،

من  نكبة  جَـدَّدَتْ قُــدْسَا وأنْـدلُـسَا

كمْ مَنْ  دُمُـوعٍ ذرفْـناها لفقْدهِـمَـا

واليوم   يُـوشك أن نبْكِي  طرابُلُسَا !

ومن تُـرَى هو مُبْكيها ؟ أقول لكمْ

لا أضْحْكَ  الله من أبكى طرابُلُسَا

ليتَ اليهودُ  هُمُ  من  أفْزَعُوا وطني

حتى نُجَسِّدَ في أعماقنا  القُدُسَا

لـكَــنَّـنا وبغدرٍ من  أكَابرنا

فُقْنا اليهودَ وفقنا الرومَ  والفُرُسَا

من يـوم أن نُكِـبَتْ بَـغْـدادُ لاحَ  لنا

ما يُضْمِرُ الغربُ  للشرق الذي  افْتُرِسَا

وصَيَّـرونا شـتَـاتًـا تـائِـهًــا  بَــدَدًا

لا دَوْر للشعْب  إلا الصَّمْتَ والخَرَسَا

وكلهم يَطلق الأيدي ملوثةً

ليَحْتَوِي ذلك الكنزَ الذي اخْتُلِسَا

وتهمة القذف بالإرهاب جاهزة

لكل من  يبتغي للقفز  مُلْتَمَسَا

ونحن أفْراسهم و السَّوْطُ في يدِهمْ

ويرحـمُ الله مَـن لم  يمدحِ الحرَسَا

وسهمهم في يديْنا يَطْعَنُون  بِـه

أرْحامَنا كيْ يَضَلَّ الحِقْـدُ منغرِسَا

وأين منا صلاح الدين يُنْقِذُنا

منهم ويوقظ فينا الوعي والحَدَسَا

يا للشَّماتة صار القتل مفخرةً

مآتمٌ لذوينا أصْبحتْ  عُرُسَا

بئْس الحروبُ  وبئس العالِقُون بها

إبْـنَـايَ :  من منْهُمُ أبْكِي إذا رُمِسَ

فلْيُحْرقِ النفطُ ولْتُهْدَمْ منابِـعُـهُ

إن كان  فحْواهُ يحْوي  القهْرَ وألفَلَسَا

ولَم نَنَلْ منه  لا نصْفًـا ولا ربُـعَا

مع الجُناةِ   ولا خُمْسًا ولا سُدُسَا

هذي طرابُلُسَ الفيحاءَ شاحبةٌ

وروْنَـقُ الحُسْنِ في أرجائها طُمِسَا

إن كنتُ لستُ الذي من أهْلها فأنا

في روْض أحبابها صادفَتُ مُؤتَنَسَا

فأين. روْضٌ أَلِفْناهُ بها وَرِفٌ

وأين عيشٌ قطعناهُ بها سَلِسَا

يا لَلْأمَـانـي التي كُـنا نؤمـلُـها

أمْستْ  خَرابًا   وأمْسى حَظُّناُّ تعِسا

كم أدمعٍ  ودم في وجه نازحةٍ

ونَـازح  وشـيُـوخٍ  رُكَّــعِ  ونِـسَـا

وجئتُ  أستصْرخ الأحرارَ أينَ هُمُ

تفرَّقوا بين أيدٍ تَخْنقُ النَّفَسا

وبعضهم قد توَارَى  واختفى خجلاً

كأنه سُلْحُـفٌ ِْفي الماء قد غَـطَـسَـا

وهكذا الدهرُ كمْ  من عابِسٍ ضحِكتْ

له الخطوبُ  وكم من ضاحِكٍ عبَسَا

من يغْرُسِ  الشَّوْكَ فالأشْواكُ  تَغْرِسُه

وسوف يختنق الجاني بما غَرَسَا

ويكشفُ  الله والتاريخُ من غَـدروا

ومن هو الحَمْلُ  والذِّئْبُ الذي افتَرَسَا

لا بُــدَّ  للـيل من نور يُـبَدِّدُه

والبدر إن شعَّ  صِدقا يَفضَح الغلَسَا

عَـهْـدًا علْيْنـا بأنَّـا يا طَـرَابُـلُـسَا

سَنَسْتَعِـيدُ لك البنْيان والأسُسَا

ويُدرك الشرق  والغرب الجريح معًا

أنا أشِـقَّـاء  مَـهْمَــا  ران والْـتَـبَـسَــا

نتمنى أن يعيد الله عافية طرابلس وبغداد وبقية الحواضر العربية المنكوبة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . جعفر عبد المهدي صاحب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/07/27



كتابة تعليق لموضوع : وا طَـرَابُـلُـساهً !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net