دحض مقال :[ أكبر علماء المسلمين كانوا ملحدين ] ! الجزء الأول
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مير عقراوي / كاتب بالشؤون الاسلامية والكوردستانية
في الحادي عشر من شهر يناير من هذا العام نشر موقع صوت كوردستان مقالا تحت عنوان :( أكبر علماء المسلمين كانوا ملحدين ، من بينهم ؛ الرازي ، إبن سينا ، إبن المقفّع ، جابر بن حيّان ، الخوارزمي ، الجاحظ ، الفارابي وغيرهم ) . أما كاتب المقال فهو مجهول !!! .
بالحقيقة لايسمى هذا الذي نرد عليه وندحضه مقالا علميا وتحقيقيا ، لأن صاحبه المجهول (!) قد إلتقط آراء قسم من الفقهاء المسلمين ، وبخاصة السلفيين منهم حول فلاسفة المسلمين الذين جاء ذكرهم في المنشور المذكور . ومعلوم لدى المطّلعين لهذه القضايا مدى عداء السلفية للفلسفة والفلاسفة قديما وحديثا . لهذا فإن غالبية آرائهم وفتاوايهم لاتعتبر محكا مقبولا ، أو قاعدة للحكم ، لأنها تتّصف بالإفتئات الكلي والتجاوز الشامل على إيمانيات الفلاسفة وعقائدهم . وهذا الأمر مردود لأنه يعد تفتيشا للعقائد والايمان . وقد نهى الاسلام عن هكذا أمور ، أو تكفير الناس بمجرّد الخِلاف والاختلاف في الرأي ! .
ثم إن صاحب المنشور دون أن يحقِّق في هذا الموضوع الخطير أقر بجهل منه ان هؤلاء الفلاسفة والعلماء المسلمين كانوا ملاحدة . وعليه يبدو جليا ان صاحب المنشور بعيد عن المنهجية العلمية والمعرفية والتحقيقية والتاريخية والبحثية ، وانه شخص ، كما يبدو بوضوح يحمل في جنباته كما هائلا من العُقَدِ والحقد والضغينة تجاه الاسلام والمسلمين ، حيث يبدو ذلك بأشد الوضوح في سطر كتبه في صدارة المنشور ، وبخط كبير مفتريا ان ( علماء المسلمين الذين أضافوا شيئا للعلم والمعرفة الانسانية كانوا ملاحدة !!؟ ) .
ان صاحب هذا المنشور الافترائي والمجهول الهوية لم يحقق بنفسه ، ولا انه غاص في تأريخ هؤلاء العلماء والفلاسفة المسلمين ليصل الى الإثبات والبرهنة من خلال كتبهم وأقوالهم وأبحاثهم ، بل انه إلتقط وأستجمع آراء لمجموعة من شيوخ السلفية عنهم . لهذا لاشك ان هذه الطريقة مرفوضة جملة وتفصيلا من الناحية العلمية والمعرفية ، فضلا على انها مردودة على الصعيد الاسلامي ! .
اننا لانستطيع قبول آراء ، أو حتى فتاوى شيوخ السلفية عن فلاسفة المسلمين وعلماءهم الذين تخصّصوا في الفلسفة والمنطق وعلم الكلام ، لأن الأكثرية من آرائهم تتّسم بالتشدد والتطرّف لا بالنسبة للفلاسفة وحسب ، بل تجاه بقية العلماء والفقهاء المسلمين من المدارس والمذاهب الاسلامية ، ذلك ان السمة البارزة لديهم تجاه الذين يختلفون معهم من المسلمين هي التكفير والتضليل والتفسيق والشركية وغيرها ! .
وفي هذا الشأن أقول بأن ماقلته لايعني بأننا نؤيد كل ماورد عن الفلاسفة وعلماء المنطق والكلام من مقولات وأبحاث فلسفية . وقد نختلف ، أو نرفض الكثير من آرائهم ومباحثهم ، لكن ليس لكائن من كان أن يرمي مسلما بالإلحاد ، أو الكفر لمجرد أخطاء ، أو مخالفات صدرت منه ، لأن التكفير هو مسألة حساسة ومعقدة وشائكة كما جاء في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية .
لقد كانت الأغلبية من الفلاسفة المسلمين مؤمنين وأتقياء ، ومنهم من كان عالما كبيرا في الفقه ، وفي أصول الفقه والتفسير وغيره ، منهم على سبيل المثال إبن رشد الأندلسي . لذا فإن آراء وفتاوى شخصيات مثل إبن تيمية وإبن الجوزي وإبن القيم ( طبعا مع إحترامنا لهم ) وناصر الفهد وصالح الفوزان وإبن عثيمين وإبن باز حيال الفلاسفة لاتعتد بها ، لأجل مغالاتهم في موضوع تكفير الفلاسفة المسلمين ! .
في هذا الجزء من البحث نتطرق الى فيلسوفين عظيمين وعالمين كبيرين مسلمين تقيين هما ؛ محمد بن زكريا الرازي وإبن رشد الأندلسي كرد دحضي للمقال المنشور وصاحبه المجهول الهوية :
1-/ محمد بن زكريا الرازي [ 865 م – 925 م] : هو أبوبكر محمد بن زكريا الرازي . موسوعي وعالم كبير وطبيب وكيميائي وفيلسوف مسلم معروف . إن أصل الرازي من بلاد فارس ( ايران ) ، حيث ولد بالري . للرازي مجموعة علمية وفلسفية وطبية قيمة من الكتب ، منها :
1-/ كتاب ( الجدري والحصبة ) ، وهو موسوعة طبية .
2-/ كتاب ( الحاوي ) ، وهو كتاب ضخم في الطب .
3-/ كتاب ( السيرة الفلسفية ) .
4-/ كتاب ( رسائل الرازي الفلسفية ) .
وقد كان الرازي يبتديء كل كتبه ب( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، منها كتابه الذي آكتشف أخيرا وعنوانه [ زينة الكَتَبَةِ ] . وقد آكتشف هذا الكتاب أخيرا من قِبَلِ مجلة [ NATIONAL GEOGRAPHIC ] الأمريكية ، النسخة العربية . ويقول الرازي في مقدمة هذا الكتاب : ( بسم الله الرحمن الرحيم . قال أبوبكر محمد بن زكريا الرازي ؛ هذا كتاب زينة الكتبة ) . ينظر مجلة [ NATIONAL GEOGRAPHIC ] المجلد الثالث ، العدد التاسع ، يونيو 2011 ، ص 26 ، 27 . وهذا كما نرى بوضوح تام أكبر دليل ساطع وإثبات دامغ على إيمان وإيمانية الرازي من جانب ، وعلى إفتراءات وتخرصات صاحب المنشور المجهول الهوية والآراء التكفيرية للسلفيين من جانب ثان ! .
2-/ إبن رشد الأندلسي : هو أبو الوليد محمد بن أحمد [ 1126 – 1198 م ] . موسوعي وعالم وطبيب وفيلسوف وفقيه ونحوي . وقد ولد إبن رشد في قرطبة بإسبانيا الحالية .
من مؤلفات إبن رشد :
1-/ كتاب ( تهافت التهافت ) في الفلسفة . هذا الكتاب كتبه إبن رشد ردا على كتاب ( تهافت الفلاسفة ) للامام الغزالي .
2-/ كتاب ( المسائل البرهانية ) .
3-/ كتاب ( خلاصة المنطق ) .
4-/ كتاب ( مقدمة الفلسفة ) .
5-/ كتاب ( شرح الإلهيات الأوسط ) .
6-/ كتاب ( شرح رسالة إبن باجه ) .
7-/ كتاب ( المناهج في أصول الدين ) .
8-/ كتاب ( مختصر المستصفى في الأصول للغزالي ) .
9-/ كتاب ( الكليات ) ، وهو كتاب ضخم في الطب يقع في سبع أجزاء .
10-/ كتاب ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد ) ، وهذا الكتاب هو الآن بين أيدينا . يقول إبن رشد في بداية الجزء الأول من هذا الكتاب مايلي : [ بسم الله الرحمن الرحيم . أما بعد : حمدا لله بجميع محامده ، والسلاة والسلام على محمد رسوله وآله وأصحابه .
غرض المؤلف من تأليفه الكتاب : أن أثبت فيه لنفسي على جهة التذكرة من مسائل الأحكام المتفق عليها والمختلف فيها بأدلتها . والتنبيه على نكت الخلاف فيها ، مايجري مجرى الأصول والقواعد لما عسى أن يرد على المجتهد من المسائل المسكوت عنها في الشرع ، أو تتعلق بالمنطوق به تعلقا فريبا . وهي المسائل التي وقع الإتفاق عليها ، أو إشتهر الخلاف فيها بين الفقهاء الاسلاميين من لدن الصحابة رضي الله عنهم ، الى أن فشا التقليد . ] ينظر كتاب ( بداية المجتهد ونهاية المقاصد ) لمؤلفه إبن رشد الأندلسي ، وثّق نصوصه وحقّق أصوله وخرّج أحاديثه طه عبدالرؤوف سعد ، الجزء الأول ، ص 55 ، دار الجيل / بيروت ، لبنان ، مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة ، ط1 1989 .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مير ئاكره يي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat