صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

هل تبقى الأنظمة الملكية بعيدة عن رياح التغيير؟
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

علي مراد العبادي

في اعقاب انطلاق ما يعرف بالربيع العربي اوائل عام 2011 في عدد من الدول على اثر خروج تظاهرات مطالبة بإسقاط الانظمة السياسية واحداث اصلاحات على رأسها الديمقراطية واستبدال الانظمة الديكتاتورية، والتي تكللت بالنجاح في بعض الدول كمصر وتونس واليمن وليبيا، فيما تطورت احداثها للنزاع المسلح في سوريا دون حسم يذكر، اضافة الى تأخرها في الجزائر والسودان التي شهدت قبل ايام الاطاحة بعمر البشير الرئيس السوداني واستقالة الرئيس الجزائري بوتفليقة على اثر الضغوط الشعبية، يبقى السؤال المحوري والذي يعاد طرحه في أية احتجاجات او ثورات تحدث في المنطقة، وهو لماذا لم يشمل التغيير الدول العربية ذات الانظمة الملكية؟

ان الملوك لا زالوا يحكمون في دول الخليج اضافة الى الاردن والمغرب العربي والاحتفاظ بالسلطة لمدة اطول والبقاء في معزل عن ثورات الربيع العربي، وذلك لعدة أسباب:

الأردن، دولة محدودة الموارد الاقتصادية بعيدة عن الاطماع الداخلية وحتى الخارجية فضلاً عن اتباع ملك الاردن لسياسة الاحتواء عبر اعطاء هامش من الحرية لإجراء الانتخابات البلدية والنيابية واختيار الحكومة، كما وان المعارضة هناك قد جرى ترويضها ببعض المناصب، ولا يفوتنا ان الاصلاحات التي اجريت على مراحل عدة قد استجابت لبعض طموح الجماهير اضافة الى احتفاظ العائلة المالكة ببعض الهالة الدينية باعتبارهم من النسل الهاشمي.

المغرب، بقيادة محمد السادس فقد عمل على تنازله عن بعض الصلاحيات الممنوحة له وهو ما جنبه الكثير من المشاكل وايضاً فإن حجم المشاركة السياسية وهامش الحريات العامة المتوفرة واحتفاظ الملك هناك بمكانة تاريخية ودينية لدى السكان لا سيما دورهم في ايام الغزو والاحتلال الفرنسي، لذلك فإن غالبية الاوساط الشعبية ليسوا على استعداد للتضحية بتلك المنجزات.

دول الخليج العربية، ذات الوفرة المالية الكبيرة والرخاء الاقتصادي القائم على الريع النفطي، فالوضع يختلف اذ ان حجم الواردات الكبيرة وعدد السكان القليل يؤهلها لتحقيق الرفاه الاجتماعي وزيادة دخل الافراد وبالتالي هذا العامل يمكنها من الاستجابة السريعة لأية مطالب شعبية، وبالرغم من وجود معارضة في السعودية الا انها خارج المملكة ولا تحظى بنفوذ كبير على مستوى الداخل، اما البحرين وبالرغم من اندلاع الاحتجاجات هناك وتطور ادائها من قبل الاغلبية الشيعية الا ان السعودية قد احتوت الموقف وارسلت قوات درع الجزيرة لقمع تلك الحركات وتحجيم دورهم و ابعادهم وعودة الاستقرار بالرغم من بعض الاحتجاجات ما بين مدة واخرى، والامر ينطبق على بقية دول الخليج ذات الانظمة الملكية عمان والامارات وقطر والكويت فقد تناوبت سياساتها ما بين ترويض المعارضة او تحجيم دورها او قمعها والعمل على الرخاء المجتمعي لإرضاء المواطنين هناك.

ان الانظمة الملكية ونتيجة للمدة الطويلة في ممارسة الحكم المطلق قد اكتسبت الخبرة الكافية للتكيف مع الظروف وربما عامل الوراثة المتبع فيها يمثل احد الركائز لذلك، ايضاً للدور الديني والتاريخي أثر بارز في اقناع الجماهير والعمل على تنشئتهم سياسياً واجتماعياً كبعض التسميات المناطة بالهالة المقدسة كولي العهد وخادم الحرميين وسمو الامير وحفظه الله او السلطان المفدى، والتي اصبحت جزءاً من المناهج التعليمية التي يجري تغذيتها للأطفال وهو ما يخلق جيل موالي ومقتنع بذلك، كما وان النزاع السوري وحالة الحرب الاهلية هناك قد انعكست بصورة ايجابية على بعض الانظمة عبر اقناع الجمهور بأن اية احتجاجات قد تلقى نفس مصير المعترك السوري وما فيه من دمار وتخريب وقتل وتهجير.

لكن التغيير قد يجري في الانظمة الملكية العربية بأية لحظة إذا ما ارُيد اعادة ترتيب تحالفات المنطقة بشكل جديد، على وفق متغيرات العامل الدولي، وعندها قد لا يشفع لها متانة وقوة علاقتها بالولايات المتحدة وسرعة الاستجابة لمتغيرات العصر والتكيف مع الظروف المحيطة، كما وان مجتمعاتها قد تطمح لمزيد من المشاركة السياسية ومسايرة الانظمة الديمقراطية وهو ما قد يحدث تغييراً مستقبلياً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/27



كتابة تعليق لموضوع : هل تبقى الأنظمة الملكية بعيدة عن رياح التغيير؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net