العدالة والصراحة المجتمعية المفقودة في إقليم كوردستان ! الجزء الأول
مير ئاكره يي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
{ من أبرز مدلولات العدالة الاجتماعية هو أن يعايش المواطن الأمن والأمان ، المساواة والكرامة ، الرخاء والحياة الكريمة والحرية في النقد والتعبير }
إن المجتمعات التي تئن تحت وطأة الإستبداد والجور والتفاوت الاجتماعي الفاحش . بالإضافة الى الزيف والتزوير والاستعلاء الزعاماتي والعائلي يصبح الصدع بقول الحق والحقيقة والصراحة والمباشَرَةِ في التعبير والنقد والاعتراض عملة نادرة وغالية جدا . وذلك بسبب طغيان الرعب والخوف والرهاب وشيوعه في المجتمع / المجتمعات من قِبَلِ الأجهزة الأمنية والمخابراتية والبوليسية والتجسسية لأنظمة القمع والاستبداد .
لذا يضطر بعض الناس الى المعارضة والمجابهة والانتقاد والرفض لهذه الأوضاع السقيمة عبر الكتابات الإيمائية والصيغ غير المباشِرة ، أو عن طريق ضرب الأمثال والحِكَمِ الفلسفية والسياسية والتاريخية عن السلاطين المستبدين ، وعن ظلمهم وطغيانهم وعدوانهم على المجتمعات ، و عن نهبهم للثروات الوطنية التي هي أساسا ملكا للمجتمعات ! .
وقد قلت بعض الناس ، لأن الغالبية من أفراد المجتمع ، لعوامل مختلفة وأسبابا متعددة قد لاتشعر بطائلة الجور الاجتماعي ، أو انها لاتتحسس سريعا ثقل الطغيان السلطاني الاستبدادي وكابوسيته . على هذا الأساس نرى ان سلاطين الاستبداد والقمع والاكتناز الثرواتي يتربعون على كراسي السلطة والسلطنة القهرية الجبرية لعقود طويلة وكثيرة ، حيث هم ، كما هو دينهم وديدنهم لايتزحزحون عن تلكم الكراسي المخضّبة بالدماء والدموع والآهات والويلات للمواطنين إلاّ الموت . وفي هذه الحال فإن الأبناء قد تم إعدادهم سلفا لإستلام كراسي السلطة الدموية . وهكذا دواليك ...!
ولأجل تعرية دجل وظلم سلاطين الاستبداد وخكام الجور والقهر من ناحية ، ومن ناحية ثانية بهدف بث الوعي في المجتمعات وإيقاضهم من غفلتهم وغفوتهم ، بل إيقاضهم من نومهم التخديري إضطر الكثير من الأنبياء والمصلحين والمفكرين والثوار الإنسانيين الى الإيثار الشامل ، والى نكران الذات حيث التضحية بأعزِّ مالديهم ، وبأغلى مما يملكون . هذا فضلا عما كانوا ينتظرونه من الحكام الظلمة بسبب كفاحهم كل أنواع المحن ، وشتى أصناف العذاب والتعذيب والتنكيل والتشريد والجوع والظمإ ، منهم :
سقراط ( 399 – 469 ق ، م ) . سقراط هذا الحكيم والفيلسوف اليوناني الزاهد الي تجرّع سم الشكران في معتقله ، فذهب الى ربه شهيدا ثائرا مظلوما شاكيا جور الأرض وحكامها الطغاة البغاة . ومنهم ، رائد الشهداء والأحرار الامام الحسين ( 625 – 680 م ) الذي ضحى بنفسه وابنائه وإخوانه وأعز أقربائه وأتباعه كقرابين في درب الحق والحقيقة والحرية والانسانية ، فتم نحر هؤلاء الأحرار الأخيار نحرا من الوريد الى الوريد ، كما تُنْحر الخراف تماما ! .
إذن ، فالحاكم الذي ينشر الفَزَعَ والرهاب والاستبداد والرعب والكبت والهلع والإذلال في ربوع البلاد ، وذلك من خلال أجهزته القمعية المسماة بالأمن والمخابرات وفِرَقِ القوات الخاصة ، أو العصابات ... أو الحاكم الذي يحكم هو وأفراد عائلته وحاشيته لعقود طويلة ، وبالجور والبطش والنهب الاكتنازي لثروات المجتمع ليس جديرا ولامشروعا أن يستمر في حكمه وحسب ، بل يجب أن يُعْزَلَ ويُخْلَعَ ، لا بل على الشعب أن يأخذ بتلابيبهم الى فضاءات محكمة عادلة لينالوا الجزاء العادل الذي يستحقونه !
يقول الفيلسوف الفرنسي ( إيتين دي لابواسييه / 1530 – 1562 ) عن أصناف الحكام المستبدين والسلاطين الطغاة ، وذلك في تصنيف بالغ الأهمية : [ هناك ثلاثة أصناف من الطغاة : البعض يمتلك الحكم عن طريق إنتخاب الشعب ، والبعض الآخر بقوة السلاح ، والبعض الآخر بالوراثة المحصورة في سلالتهم ، فأما من آنبنى حقهم على الحرب فنعلم جيدا انهم يسلكون ، كما نقول ، في أرض محتلة .
وأما من ولدوا ملوكا فهم عادة لايفضلون أبدا ، لأِنهم قد ولدوا وأطمعوا على صدر الطغيان ، يمتصون جِبِلّةِ الطاغية وهم رُضّع ، وينظرون الى الشعوب الخاضعة لهم نظرتهم الى تَرِكَة من العبيد ، ويَتَصّرفون في شؤون المملكة كما يتصرفون في ميراثهم . ] ينظر كتاب ( العبودية المختارة ) لمؤلفه لابواسييه ، ترجمة الأستاذ مصطفى صفوان ، ثم شرح الكتاب وكتب له المقدمة كل من المفكر المصري الدكتور جمال البنا والأديب الشاعر هشام علي حافظ والمفكر السوري جودت سعيد والفيلسوف السوري أيضا الدكتور خالص جلبي ، فتم طبع الترجمة العربية والمقدمة والشروح تحت عنوان { كيف تفقد الشعوب المناعة ضد الاستبداد } ص 63 – 64
لذا فالسلطان المستبد هو السلطان المستبد سواء كان في الماضي أو الحاضر ، ولافرق بينهم على الاطلاق من حيث الدين والمذهب والجنس والقومية والطائفة والتخوم الأرضية ، لأِنهم كلهم غاصبين لسلطات الشعوب وإرادتها وسيادتها وثرواتها . ثم ان سياساتهم الحقيقية تتمركز في قهر الناس وإذلالهم وإستعبادهم ، وفي دكِّ عزهم وكبريائهم وإنسانيتهم وحريتهم ، وفي كسر هممهم فتخديرهم لكي يغطّوا في نوم عميق ، وفي تتعيسهم وتبئيسهم لكي ينعموا بثرواتهم على حسابهم !!! .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مير ئاكره يي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat