أيها الساسة العراقيون الفاشلون ... إستيقظوا
راسم المرواني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
راسم المرواني

الأزمة الخليجية الجديدة بين أمريكا وإيران ليست في جنوب شرق آسيا ، ولا حتى في شرق آسيا ، وليست في أفريقيا ، بل هي في الرقعة الجغرافية التي تضم العراق والعراقيين ودول الجوار ، ولذا ، فمن (الغباء) أن يتصور البعض أن العراق يمكن أن يمارس دور (سويسرا) في الحياد ، ومن الغباء أيضاً أن يطالب البعض بأن يقف العراق على الحياد من هذه الأزمة ، متصورين بأن ذلك من الممكنات مع هذا الكم من الولاء (المذهبي) لإيران لدى العراقيين ، ومع هذا الكم من فصائل المقاومة العراقية (الشيعية والسنية) التي أنتجها (الحريف) السياسي الإيراني في العراق ، بنفس الوقت الذي تمد فيه أغلب دول العالم أعناقها (كالغرانيق) لهذا الصيد ، ابتداءً من (الدب الروسي) ، مروراً بــ (التنين الصيني) وانتهاءً ببقية دول المنطقة والعالم .
وصحيح أنني كنت وما زلتُ (أستبعد) نشوب حرب (عسكرية) محدودة أو مفتوحة بين (المعسكر الأمريكي) المتمثل بأمريكا والسعودية والإمارات والبحرين ، و (المعسكر الإيراني) المتمثل بإيران وحزب الله وحماس وبقية المزروعات الإيرانية في الوطن العربي والعالم ، واستناداً – أيضاً - إلى الوثوق بأن (ترامب) هو رجل (صفقات) وليس رجل (حرب) ولا يريدها ، وإن كل (عنترياته) في منطقة الخليج إنما هي (استعراضات) لإجبار إيران على الجلوس إلى (طاولة المفاوضات) من أجل عقد (صفقة جديدة) تضاف إلى صفقاته السابقة مع كوريا وغيرها ، ولكنني بنفس الوقت لا أضمن (نشوب الحرب) تحت مطارق (ضغط) اللوبي الصهيوني على (ترامب) ، واستغلال رعونته الواضحة واندفاعه بالتعجيل أو الاصرار على (ضرب إيران) عسكرياً ، متغافلين عن حقيقة أن هذا (الإصرار) إنما هو (رعونة صهيونية بامتياز) ، سيدفع المحتلون الصهاينة فاتورتها من ضربات موجعة ستوجهها إليهم (سوريا) من جهة ، و (حزب الله من جهة) ، و (حماس) من الداخل .
كل هذه الأدوار في (دوري الكرة) الخليجية الرابعة ليس موضوع مقالتي ولا الغاية منه ، وإنما صلب الموضوع يكمن في (الغباء) والمراهقة السياسية العراقية التي لا تجيد لعبة (فن الممكن) ولا تستطيع قراءة الأحداث ، ولا تحسن التعامل معها بشكل (براغماتي) ، ولا تؤمن بأن في عالم السياسة ليس هناك (صديق دائم) ولا (عدو دائم) ، بل هناك (مصالح دائمة) .
سأفترض - وفرض المحال ليس بمحال - أن العراق محكوم بطبقة من (رجال الدولة) وليسوا مجرد (رجال حكومة) ، وسأفترض أيضاً أنهم قد (بلغوا) سن التكليف السياسي ، وسيعرفون كيف يستفيدون أو يوظفون هذه الأزمة لمصلحة العراق والعراقيين .
لا أنكر أبداً أن الخاسر الأكبر في هذه الحرب - لو نشبت - هم أمريكا وحلفائها ، ولا ينكر مراقب (متنصل عن العندية والقبلية والطائفية) أن الكفة تميل لصالح إيران وحلفائها ، ولكن ، وبنفس الوقت ، لا ينكر (عاقل) بأن إيران وأمريكا الآن في وضع يؤهلهم أو (يجبرهم) على الموافقة على أي (شرط أو مطالب) تضعها الحكومة العراقية على (طاولة التفاوض) من أحد المعسكرين (الأمريكي) أو (الإيراني) ، على اعتبار أن (الساحة العراقية) هي ساحة صراع بين المعسكرين .
الآن ، يمكن لسياسي عراقي يمتلك سلطة القرار والحس الوطني - يفترض أنه آت من المجرات البعيدة ، أو لم تلده الأمهات بعد - ، أن يضع معايير (التوازن) في العلاقات ، وأن يملي شروطه بقوة على المعسكرين معاً ، دون أن يكون مضطراً للاصطفاف مع أحدهما ، وأن يخرج من عنق زجاجة (الاحتلالين) بشروطه ومطالبه ، إعتماداً على (فن الممكن) .
فالسفارة الأمريكية وقواعدها بمتناول يد المجاميع المسلحة الموالية لإيران ، والمصالح الإيرانية وقنصلياتها وشخصياتها المتنفذة بمتناول يد المعارضين للهيمنة الإيرانية في العراق ، والكرة الآن بملعب اللاعب العراقي فقط ، ولا يحسب النتائج إلا الله (والراسخون في العلم) ، ومن هنا تكون البداية .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat