صفحة الكاتب : د . مصطفى يوسف اللداوي

مشاريع قوانين عنصرية إسرائيلية جديدة
د . مصطفى يوسف اللداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لا ينفك المجتمع الإسرائيلي ينحو نحو مزيدٍ من التطرف والتشدد، ويجنح نحو عنصريةٍ مفرطةٍ وكراهيةٍ فيه متأصلة، وعدوانية فيه تاريخية، وحقدٍ لديه موروث، إذ تلجأ حكومته إلى تطبيق قوانين صارمة ضد السكان الفلسطينيين، تضيق الخناق عليهم وتجعل حياتهم صعبة وقاسية، ويقوم جيش الاحتلال وقوى الشرطة والأمن بفرضها بالقوة، وإخضاع السكان لها تحت التهديد بالسلاح والاعتقال أو القتل.

وتعمل مؤسساتها التشريعية على اقتراح وسن المزيد من القوانين العدوانية التي تستهدف المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم، وتتطلع تدريجياً ولكن بسرعةٍ أكبر وبصورةٍ ممنهجةٍ عنيدةٍ إلى تجريد الفلسطينيين من كل حقوقهم، وطردهم كلياً من أرضهم، والاستيلاء على جميع ممتلكاتهم، والسيطرة التامة على مقدساتهم وممتلكاتهم وموروثاتهم المادية والمعنوية والفكرية والثقافية والتراثية والتاريخية.

الكنيست الإسرائيلي الحالية والقادمة تنتظر مشروعاتِ قراراتٍ خطيرةٍ وكبيرةٍ تمس الحق الفلسطيني العام، وتستهدف وجود الفلسطينيين كلياً وجذرياً على المدى الحاضر والمستقبل، فقد أعدت لجانهم القانونية وهيئاتهم التشريعية على اختلاف غرفها، مجموعةً من مسودات القوانين المفصلة بدقةٍ، كمشروع قانون سريان السيادة الإسرائيلية الكاملة على مستوطنات الضفة الفلسطينية، مستوطنة غوش عتصيون غربي مدينة بيت لحم، والمستوطنات المشادة في مدينة نابلس وحولها، ومستوطنة معاليه أدوميم شرق مدينة القدس وغيرها، ولعل تصريحات السفير الأمريكي في الكيان الصهيوني حول مشروع ضم الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، يتوافق مع التشريعات الإسرائيلية القادمة، وربما يعتمد عليه ويستأنس به.

كما توجد على طاولة القانونيين الإسرائيليين مشاريع قوانين أخرى من شأنها حماية جنود الاحتلال والمستوطنين والحيلولة دون إدانتهم أو محاكمتهم، وإعفائهم من أي ملاحقة قانونية في حال تسببهم في مقتل فلسطينيين في حال تعرضهم للخطر، فضلاً عن السماح للمستوطنين عموماً باستخدام الأسلحة النارية لحماية أنفسهم وأفراد عائلاتهم، خاصة خلال تنقلاتهم بين المستوطنات التي تطل على المناطق الفلسطينية، والتوصية بعدم توجيه اتهاماتٍ لهم بالقتل العمد، والاكتفاء بأخذ شهاداتهم لدى الشرطة، وفي حال إدانتهم لا ينبغي إصدار أحكامٍ قاسيةٍ بحقهم.

كما تعد غرف التشريعات الإسرائيلية مجموعة من القوانين العقابية، التي تعاقب كل من يقوم بأي أعمالٍ أو أنشطةٍ سياسية أو إعلامية أو جماهيرية، من شأنها أن تضر بأمن الكيان، أو تشوه صورته وتسيء إلى سمعته، ومنح جهاز الشرطة الحق بمنع قيام أي أنشطة جماهيرية في ظل المناسبات الفلسطينية، التي يتوقع منها أن تتفاقم إلى أعمال شغبٍ وفوضى وعامة، فضلاً عن الموافقة على قرار منع دخول الأجانب المنتسبين إلى هيئاتٍ ومؤسساتٍ تلحق ضرراً باقتصاد البلاد وأمنه.

ولا يستثني المشرعون الإسرائيليون الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من تشريعاتهم الجائرة، إذ يقترحون حرمان المعتقلين الأمنيين الخطرين من حقوقهم، وعدم السماح لهم بالشراء من كانتينة السجون، وفرض سلسلة من العقوبات ضدهم، منها منع الزيارة، وتقنين العزل والزنازين الانفرادية، والحرمان من مواصلة الدراسة، وتجريدهم من كثيرٍ من الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، ويصر المشرعون على وجوب إبقاء مسودة مشروع تنفيذ أحكام الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين المدانين بعمليات إرهابية.

أما المحكمة العليا الإسرائيلية التي يظن البعض أنها ملجأ الفلسطينيين وحصنهم، وأنها تستطيع أن تقف في وجه تغولات الجيش والحكومة، وهي في حقيقتها عكس ذلك تماماً، إذ أنها غالباً ما تؤيد قرارات الجيش وتوجهات الحكومة، ونادراً ما تقبل اعتراضات الفلسطينيين أو توافق على شكواهم وتؤيدهم في مطالبهم، ورغم ذلك فإن المشرعين الإسرائيليين يتطلعون إلى شطب حق الفلسطينيين في التوجه إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وإبطال صلاحية المحكمة في النظر في اعتراضاتهم أو قبول شكواهم، وبذا تصبح الطريق أمام المتشددين ممهدةً جداً، إذ أن القانون والتشريع معهم، والقضاء بين أيديهم، الأمر الذي من شأنه أن ييسر تنفيذ مشاريعهم، ويسهل عليهم الوصول إلى غاياتهم.

يتفنن المشروعون الإسرائيليون في تمكين الأحزاب الدينية واليمينية المتشددة، وزيادة حصتهم في المشهد الإسرائيلي العام، وتقوية حظوظهم في التمثيل البرلماني والحضور القضائي، فهذه القوانين تعبر عنهم وتلبي رغباتهم وتحقق أمنياتهم، ولعلها تمهد الطريق أمامهم ليكونوا جزءً من الائتلاف الحاكم الجديد الذي ينوي الفائز في الانتخابات القادمة تشكيله، سواء كان نتنياهو أو بني غيتس أو غيرهما، ولعل الدورة الجديدة للكنيست القادمة ستكون مثالاً صارخاً على التطرف، ونموذجاً جديداً على العنصرية الإسرائيلية السافرة، التي لا تراعي قيماً ولا تحترم حقاً ولا تلتزم قانوناً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . مصطفى يوسف اللداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/14



كتابة تعليق لموضوع : مشاريع قوانين عنصرية إسرائيلية جديدة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net