صفحة الكاتب : د . راجي العوادي

الرأي السديد في صحة الاجتهاد والتقليد مبحث استدلالي
د . راجي العوادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تنويه

ما كان بودي فتح ملف دعوى بطلان التقليد او التطرق له , لولا انني بدءت المس ترويجا له في الشارع وثقيفا يستهدف شخصيات مميزة للتاثير عليهم وتشويش افكارهم بدعوى بطلان التقليد لانه لم يقم على دليل قراءني وحجة يقينية من السنة النبوية وسيرة اهل البيت الاطهار, حتى ان احدهم استهدفني , لهذا استوجب علي ان اعرض الرد على هذا الاشكال من باب البحث العلمي ليس الا.

1 - مدخل

لا يفوتنا ان نذكربأهمية منصب المرجعية الدينية بكونها امتداد لمنصب الإمامة الإلهية والتي هي استمرار لأهداف النبوة ومتابعة لمسؤولياتها ، فالرؤية لمدرسة اهل البيت تتبنى ثلاثة مناصب : منصب النبوة ، ومنصب الإمامة ، ومنصب المرجعية , ولذلك جٌعل الاخير منصبا امتداديا للمنصبين المذكورين بهدف المحافظة على معارف الدين وتعاليم الشريعة التي جاء بها النبي الاعظم والأئمة (ع) , اليس هو (صلى) من قال (العلماء ورثة الانبياء)؟! وحفيده الامام الصادق (ع) القائل (الفقهاء أمناء الرسل)

2- المقدمة

كثرت الفتن في زماننا هذا، ومنها ادعاء بطلان التقليد التي يرددها الكثير بحجج متعددة بالتشنيع على التقليد باسلوب خطابي وكانه لقن لهم تلقنيا متقنا بمهارة عالية واسلوب مقنع .

ان فكرة بطلان التقليد ادعت بها المدرسة الاخبارية والتي اندثرت منذ قرون ولم يبقى من اتباعها الا اشخاص بعدد الاصابع , فمن يريد احياء رايهم اليوم؟! وما الهدف من هذا؟! ولمصلحة من؟!ولماذا كان توقيتها بعد الانتصار على داعش ؟! لماذا ايقضوا هذه الفكرة بعد ان كانت نائمة؟! اليس بعد اطلاق فتوى الجهاد الكفائي وحجم الاستجابة الكبيرة لها ؟! فقد شاهدوا مدى تمسك المقلدون بمرجعيتهم الدينية العليا ، فأرادوا أن يفرقوهم عنها بعد ان يزرعوا الشك في نفوسهم.

انظروا الحملة المسعورة ضد التقليد بل ضد المرجعية الدينية العليا التي بدء بالتشكيك بدورها ونسجت التلفيقات والتهم لرموزها, فهم ارادوا شق الحوزة الدينية عموديا وافقيا , والا فالتقليد موضوعٌ ثابت وراسخٌ تدلُّ عليه أدلّة كثيرة كما سنبين لاحقا .

ان التقليد كان وما زال مستهدفا , فهناك من يريد التخلي عنه بقصد وبعضهم بغير قصد والنتيجه واحدة رغم اختلاف الاهداف ونحن نسالهم اذا كان التقليد باطل بدعوى حرمة تقليد غير المعصوم ؟!فاين هو المعصوم في زماننا هذا لناخذ منه الحكم مباشرة ؟! واين هي رسالته العمليه التي يجب العمل بها ؟! بل اين رسائل ابائه واجداده الاطهار؟! وما هو بديلكم عن التقليد ؟! لا اجابة من منكري التقليد من الذين ليس لديهم قصد وهدف, بينما المغرضون يدعوك الى اليماني وصي الامام احمد الحسن حسب وصفهم الذي ظهر عام 1990والذي هو الاخر غير معصوم الا في عقلية تباعه .

3 - التقليد

لغة اتى من القلادة التي توضع في عنق الغير , واصطلاحاً: يعني الأخذ اوالالتزام بفتوى المجتهد وتعلُّمها للعمل بها , فالمكلف يجعل المجتهد مسؤولاً عن صحّة عمله أمام الله عزَّوجلَّ، ويجعل هذا العمل في عنق المجتهد, فعندما اقول انا اقلد المرجع الفلاني , فهذا يعني انني اضع اعمالي الشرعية التي اقوم بها وفقاً لرأيه , اضعها في عنقه , فيتحمل مسؤولية هذه الأعمال يوم القيامة , والتقليد واجب , ولكن ليس واجبا شرعيا وانما وجوبه وجوب طريقي لمعرفة الاحكام الشرعية , فهو بمثابة الطريق الذي يوصلك للهدف لمن لم يصل إلى مرتبة الاجتهاد ولم يقدرعلى الاحتياط في عباداته ومعاملاته , فحاجتك للتقليد كحاجتك للطبيب فيما إذا تعرضت إلى مرض لا شك انك ستتوجه مباشرة إلى الطبيب الذي تثق به, تذهب إليه ليكتب لك وصفة الدواء , فقد تعرف دواء المرض , لكن لاتحمل نفسك مسؤولية وصفه بل تحًمل الطبيب لانه مختص في هذا العلم , وهكذا في كل امر يجهله عقلك يطلب منك ان تذهب للبحث عن العالم الذي يمكن ان يساعدك , وعلى هذا الاساس لا يوجد مسلم لا يقلد , فمجرد ان يرجع في احكامه الشرعية الى امام مذهبه اصبح مقلدا له , فالتكتلات حول مشايخ العالم السني هي نوع من التقليد بل حتى تكفير المسلمين يستند الى تقليد والا كيف يستجاب الى ائمة الظلال في دعاوى التكفير والتي تنتهي بسفك الدماء ؟!

ان التقليد نوعان: ممنوع ومشروع , فاما الممنوع , فهو الناتج عن الجهالة والتعصب او التقليد في اصول الدين وهذا ما نهى عنه الامام الصادق (ع) ((إياكم والتقليد ، فإن من قلد في دينه هلك )) أما التقليد المحمود فهو التقليد للافكار لا للاشخاص , وان يرجع غير المختص الى المختص في مورد إختصاصه شريطة أن يكون العالم تقياً لايفتي إتباعاً للهوى...ومن الضروري ان نبحث الشبه الحكمية في التقليد لا الشبه الموضوعية التي تختص بشخص المرجع , اذن يجب ان تقلد ولكن بشكل واعي ليس ارضاءا لاحد .

ان تحصيل العلم يكون بطريقين هما القطع او الاطمئنان , فان حصل لديه القطع فلا كلام , اما الاطمئنان فله عدة طرق .

الأول : الفحص والمتابعة , بطريقة الاستقراء للكتب الاستدلالية حتى يحصل بها ركون النفس.

الثاني : الخبرة والوثاقة , وهو الرجوع الى ذوي الخبرة والاختصاص ممن نثق بوثاقتهم .

الثالث : الشهرة والسيرة الحسنة , وهو طريق يختص بصاحب المعلومة حيث ان شهرته كافية في وروث الاطمئنان .

الرابع : شمولية المعارف , وهذه الشمولية كلما كانت أوسع كان الاطمئنان أكثر تثبتا .

بالنتيجة التقليد ظاهرة بشرية عامة قامت عليها سيرة الناس (سيرة العقلاء) في جميع شؤونهم الحياتية، حيث يرجع غير العالم في كل مجال من مجالات الحياة الى العالم والمتخصص تماماً كرجوعنا الى الأطباء والمهندسين , وجاء المشرع الاسلامي، واقر هذه الظاهرة في مجال الامتثالات الشرعية فانبثق منها مظهر من مظاهر سيرة المتشرعة حيث يرجع العامي الى المجتهد، كما يرجع العقلاء الى ذوي الإختصاص.

لقد بدا التقليد الشرعي، بوصفه ظاهرة شرعية اجتماعية، في عهد رسول اللّه (صلى) وبتخطيط منه ، ثم بتطبيقه من قبل المسلمين بمرأى ومسمع منه وتحت إشرافه وبإرشاده (صلى) وتمثل هذا في الأشخاص الذين كان ينتدبهم (صلى) للقيام بمهمة تعليم الأحكام الشرعية في البلدان و الأماكن التي اسلم أهلها في عصره.

لقد بَعْثِ النبي (صلى) مصعب‏ بن عمير إلى المدينة المنورة، والامام علي (ع) ومعاذبن جبل إلى اليمن , وكان المسلمون عندما يحتاجون إلى معرفة حكم شرعي للعمل به يسالون هؤلاء و يجيبونهم ويعملون وفق ما يفتونهم به ، وهذا هو التقليد الذي نقصده.

ان التقليد لا يعم الأصول الأساسية , وان المسائل الفرعية يجوز التقليد فيها , كما من أمكنه تحصيل النظر والاستدلال لا يمكنه التقليد , لان التقليد طريق العاجز القاصر, ويبقى حصول الاطمئنان هو شرط في صحة التقليد.

ان الفقهاء لا يقولون ببطلان عمل تارك التقليد او من لا يعتقد به , وانما مرادهم بالبطلان ظاهرا , واما ان صادف مطابقته للواقع او للحكم الظاهري او لفتوى المجتهد كان عمله صحيحا وان لم يعتقد بالتقليد .

الخلاصة: ان التقليد ليس من الامور الواجب الاعتقاد بها كما اتضح من سياق الكلام السابق , فلا نحتاج في اثباته الى دليل قطعي , لذا النتيجة ستكون ان اصل التقليد من المسائل الكلامية لان فيه جنبة نظرية استدلالية عقلية لا لكونه مما يجب الاعتقاد به فيكون المقلد مجتهدا في مسالة القول بجواز التقليد .

4 - الاجتهاد

الجهد العلمي الحر الذي يبذله المتخصصون الواعون في البحث الدائم عن الحقائق الاسلامية والتكامل في فهم الاسلام والاجابة على المستجدات التي افرزتها متطلبات الحياة , فعند الامامية الاجتهاد هو استقصاء طرق كشف الاحكام من الكتاب والسنة – استنباط الفروع من الاصول الماثورة عن اهل البيت (ع) فيكون المجتهد مستكشفا للحكم الشرعي لا مشرعا , واما المجتهد عند اهل السنة , فهو مشرع للحكم في قبال النص (القران والسنة) وليس مستكشفا للحكم .

د. علي شريعتي عرف الاجتهاد (( بانه البحث العلمي بحرية من قبل باحث مسؤول وليس الباحث الذي يريد ان يكشف الحقائق من اجل الكتب والمختبرات والجامعات بل لباحث الذي يقوم ببحثه من اجل الناس ومصير الناس والفهم الافضل للعقائد والاستجابة لمطليب العصر وطرح ضروريات الحياة الاجتماعية وهداية الناس على اساس المدرسة الفكرية ))

والاجتهاد ليس مسألة سهلة كما يتصورها البعض , فهي لا يمكن بلوغها الا بدراسة عشرات السنين لعلوم النحو، والمنطق، والبيان ، والتفسير، والحديث ، والتاريخ ، وكل ما يتوقف عليه استنباط الحكم الشرعي، فهو يحتاج خبرة معمقة

وليس دراسة سطحية.

ان الاجتهاد أمر مطلوب لسد حاجات الأمة ، ولا مفر من الإقرار والأخذ به ؛ لكن لابد من ضبطه بالضوابط ، وتقييده بالقيود فهو" حركة عقلية في أحكام الدين المشروعة لمصالح الأمة ، وليس الاجتهاد مجرد حركة عقلية تتجه مباشرة إلى المصالح " فهو التخصّص في علوم الشريعة ، والتقليد يعتمد على المتخصّصين، فكلّ مكلّف يريد التعرّف على الأحكام الشرعيّة يعتمد في معرفته على المجتهد المتخصّص، ولم يكلّف الله تعالى كلّ إنسان بالاجتهاد ومعاناة البحث والجهد العلميّ من أجل التعرّف على الحكم الشرعيّ، توفيراً للوقت وتوزيعاً للجهد الإنسانيّ على كلّ حقول الحياة , لذا درجت المجتمعات البشريّة على أن يتخصّص لكلّ مجال من مجالات المعرفة والبحث، عدد من الناس، فيكتفي كلّ فرد في غير مجال اختصاصه، بما يعلمه على البديهة، ويعتمد في ما زاد عن ذلك، على ذوي الاختصاص محمّلاً إيّاهم المسؤوليّة في تقدير الموقف، وكان ذلك لوناً من تقسيم العمل بين الناس سار عليه الإنسان بفطرته منذ أبعد العصور, كما لم يأذن الله سبحانه وتعالى لغير المتخصّص المجتهد بأن يحاول التعرّف المباشر على الحكم الشرعيّ من الكتاب والسنّة ، ويعتمد على محاولته، بل أوجب عليه أن يكون التعرُّف على الحكم عن طريق التقليد والاعتماد على العلماء المجتهدين".

فالاجتهاد ليس مصدراً للحكم ، بل هو عملية استنباط الأحكام من مصادرها ، فإذا قال الفقيه «هذا اجتهادي» كان معناه أنّ هذا هو ما استنبطه من المصادر والأدلّة فمن حقِّنا أن نسأله ونطلب منه أن يُدِلَّنا على تلك المصادر والأدلّة التي استنبط الحكم منها.

الخلاصة : ان الاجتهاد امام النص باطل , والاجتهاد في اطار مدرسة اهل البيت هو اجتهاد داخل اطار الشريعة , لاستكشاف سبل وطرق معرفة الحكم الشرعي من داخل الشريعة لا من خارجها , وليس اجتهاد امام النص كما هو الحال في حالة القياس والراي والاستحسان .

وبجملة واحدة ان الاجتهاد عند الامامية هو استقصاء طرق كشف الاحكام من الكتاب والسنة – استنباط الفروع من الاصول الماثورة عن اهل البيت (ع) فيكون المجتهد مستكشفا للحكم الشرعي لا مشرعا , واما المجتهد عند غيرنا , فهو مشرع للحكم في قبال النص (القران والسنة) وليس مستكشفا للحكم.

5 - أدلة وجوب التّقليد

5- 1(دليل قرائني)

قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ -التوبة - 122) ان حكم هذه الآية المباركة الوجوب بصيغة"النفر"الدالةعلى الإسراع للجهاد العلمي في التفقه بالدين لأهمية ، وهذا الوجوب برهنته اللغة من خلال (لولا) التحضيضيّة الدالة على الطلب الداخلة على الفعل الماضي(نفر) فهي تفيد التّوبيخ واللَّوم على ترك النّفر للتفقُّه في الدّين، وحيث اللّوم والتوبيخ على ترك الفعل لا يصح إلا إذا كان الفعل واجباً ؛ وأنّ هذا الوجوب وجوب كفائيّ لا عينيّ؛ لانه حصر على طائفة من كلِّ فرقة، وطلما اوجب التفقه , لذا يوجب التقليد لان هناك ملازمة بينهما من خلال الملازمة بين إيجاب الإنذار وإيجاب القبول، وإلّا

كان التّشريع لغواً.

انظر قول الله تعالى ( َلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) حيث وجوب الإنذار على المتفقِّهين ببيان الاحكام الشرعية ، بمعنى: أنّ على الّذين هاجروا وسافروا إلى طلب العلم والتفقُّه في الديّن يجب عليهم أن يقوموا بمهمّة تحذير قومهم وإنذارهم مخاطرعدم الإلتزام بالشّريعة إذا رجعوا إليهم، وهذا الإيجاب للإنذار على المتفقّهين يلزم منه إيجاب قبول إنذارهم من الطّرف الآخر, اي طاعة الناس للمنذرين ، وإلا كان إيجاب الإنذار بدون إيجاب القبول لغواً وبلا فائدةٍ...انني اريد التوقف على جزء من الاية الكريمة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) ففيها امران من الله تعالى الاول التفقه في الدين , فاذا حصل تنفيذ الامر الثاني وهو انذار القوم لأن من تعلم علما، فعليه نشره وبثه بين العباد, وأما اقتصار العالم على نفسه، وعدم دعوته إلى سبيل اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة، وترك تعليم الجهال ما لا يعلمون، فأي منفعة حصلت للمسلمين منه‏؟‏! وأي نتيجة نتجت من علم العالم ؟!‏ فسوف يموت العالم ، فيموت علمه معه ، وهذا غاية الحرمان، لمن آتاه اللّه علما .

والاية الكريمة اوجبت الاجتهاد بوجوب كفائي والدليل قوله تعالى { فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ .

الخلاصة : ان معنى الاية الكريمة ينصرف الى أن الله تعالى حثَّ على أن تخرج طائفة من المسلمين ليحصِّلوا العلم فيُنذروا قومهم، ولولا أنه يجب الرجوع إليهم، لَمَا كان للنِّذارة معنى، ولزم أن يكون البقيةُ تابعين لهم في علمهم.

فالنافرون يجاهدون عن القاعدين، والقاعدون يحفظون العلم للناظرين، فإذا رجعوا من نفيرهم استدركوا ما فاتهم من العلم , لكي نستوعب وندرك هدف الاية الكريمة علينا ان نبين معاني كلمات الاية الكريمة من خلال اعرابها بشكل مفصل .

الواو عاطفة (ما كان) (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص(المؤمنون) اسم كان مرفوع وعلامة الرفع الواو , اللام لام الجحود (ينفروا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (كافّة) حال من الفاعل منصوبة.

والمصدر المؤوّل (أن ينفروا) في محل جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر كان.

الفاء استئنافيّة (لولا) أداة تحضيض بمعنى هلّا (نفر) فعل ماض (من كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من طائفة- نعت تقدّم على المنعوت- (فرقة) مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ و(هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لفرقة (طائفة) فاعل نفر مرفوع اللام للتعليل (يتفقّهوا) مضارع مثل ينفروا (في الدين) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتفقّهوا)، الواو عاطفة (لينذروا) مثل: (ليتفقّوا)، (قوم) مفعول به منصوب و(هم) مضاف إليه.

والمصدر المؤوّل (أن يتفقّهوا) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (نفر).

والمصدر المؤوّل (أن ينذروا) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّل الأول ومتعلّق بما تعلّق به.

(إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرد من الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق ب (ينذروا)، (رجعوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (إليهم) مثل منهم متعلّق ب (رجعوا)، (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي- ناسخ- و(هم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (يحذرون) مثل يطؤون.

جملة: (ما كان المؤمنون لينفروا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة ما كان لأهل.

وجملة: (ينفروا...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.

وجملة: (نفر.. طائفة) لا محلّ لها استئنافيّة.

وجملة: (يتفقّهوا...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.

وجملة: (ينذروا...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.

وجملة: (رجعوا...) في محلّ جرّ مضاف إليه.

وجملة: (لعلّهم يحذرون) لا محلّ لها تعليليّة.

وجملة: (يحذرون) في محلّ رفع خبر لعلّ.

5- 2: (دليل روائي) وجوب التّقليد من الرَّوايات الشرّيفة

· قال رسول الله (صلى) " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم "...فالناس تتعلم العلم ليس لفائدة نفسها بل لفائدة غيرها؟! اليس الامام ابو جعفر (ع) قال: زكاة العلم ان تعلمه عباد الله ؟!

· قال رسول الله (صلى) " ان العلماء ورثة الانبياء "

· قال رسول الله (صلى) " فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " .

· قال رسول الله (صلى) " اللهم ارحم خلفائي فقيل له يا رسول الله من خلفاءك ؟! قال الذين ياتون من بعدي يروون عني حديثي وسنتي فيعلمونها للناس من بعدي"

· قال رسول الله (صلى) "يحمل هذ الدين في كل قرن عدول بنفون عنه تاويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكير خبث الحديد "

· قال الإمام علي (ع) :((الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم...)) وواضح ان المتعلم يتعلم من العلماء الربانيين فإذا لم يتعلم منهم كان من الهمج الرعاع.

· قال أمير المؤمنين(ع): ((يا كميل لا تأخذ إلا عنا تكن منا)) فالعالم الذي يأخذ عنهم (ع) هو منهم بصريح هذه الرواية. فإذا أخذ كميل وأي عالم آخر عنهم وجب أن نقبل كلامه لأنه صادر منهم (ع)

ان من ينكر تقليد للمجتهدين ويقول لا يبريء ذمتنا الا افتاء المعصوم (ع) ؟! لنتفق مع هذا الكلام ولنضيف اليه كلاما اخر لا يختلف فيه متبعي مدرسة اهل البيت الا وهو ان قول المعصوم وفعله وتقريره سنه , انظر ماذا قال

اهل البيت (ع )

- قال الإمام الصّادق (ع) لأبان بن تغلب: (( اجلسْ في مسجد المدينة وأفتِ النّاس، فإنّي أحبُّ أن أرى في شيعتي مثلك)) ومن الواضح أنّ جواز الإفتاء يلازم جواز العمل به , فإذاً الأئمة (ع) أعلى مصاديق أهل الذكر هم الذين أمروا الفقهاء بأن يفتوا الناس (والفتوى أما جواب على سؤال الناس أو هي ابتداء بالإجابة على الأسئلة المقدرة) فإذا افتوا وجب على الناس السماع لهم.

والظاهر ان جواز الافتاء ليس نقل الرواية فقط بل اعم من ذلك , انها دالة على ذكر المصداق لهذا المنصب او العنوان وهو الافتاء او المفتي الذي هو الفقيه , كما ان الامام (ع) كان يرغب بوصول الكثير من رجال الشيعة الى مستوى ان يكون لهم القدرة على الاستنباط والافتاء , وهذا هو التقليد.

- قال الامام الصّادق (ع): ((إيّاكم أن يحاكِم بعضُكم بعضاً إلى أهل الجّور، ولكن انظروا إلى رجلٍ منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه))

- جاء في معتبرة داود بن الحصين، عن أبي عبد الله الصّادق (ع) في رجلينِ اتّفقا على عدلينِ جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلافٌ، فرضِيا بالعدلينِ، فاختلف العدلان بينهما، عن قولِ أيّهما يمضي الحكم؟ قال (ع): ((يُنظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما فينفُذُ حكمُه، ولا يُلتفَت إلى الآخر))

- عن الإمام الصادق (ع) قال : (اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقهياً حتى يكون محدّثاً، فقيل له: أوَيَكُون المؤمن محدَّثاً؟ قال: يكون مفهَّماً والمفهّم محدّث..). اقول : لاحظ كلمة (الفقيه والمفهم والمحدث) وتأمل بها , وهي كاشفة على ان دراية الحديث وفهمه هو الاساس وليس روايته فقط , فأين هذا من مجرد رواية الحديث ونقله بلا تدبر وفهم ونظر !!

- عن الإمام الصادق (ع) قال: “قال رسول الله (صلَّى) يحمل هذا الدين في كلِّ قرنٍ عدولٌ ينفون عنه تأويل المبطلين وتحريف الغالين وانتحال الجاهلين كما ينفي الكير خبثَ الحديد”.اقول : وهل يكف مجرد نقل الرواية لنفي تأويل المبطلين وتحريف الغالين بدون استعمال العقل ؟!!

- عن الإمام الصادق(ع) قال : (حديث تدريه خير من الف حديث ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة منّأ لتنصرف على سبعين وجعاً لنا من جميعها المخرج) وقوله (: (أنتم أفقه الناس، إذا عرفتم معاني كلامنا، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه، فلو ساء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب). وعنه (ع) (إنّا لنتكلم بالكلمة لها سبعون وجهاً لنا من كلها المخرج) اقول : وهي واضحة بدراية الحديث وليس روايته .

- قال الإمام الكاظم(ع): ((فضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب))

- قال الإمام الكاظم (ع): ((تفقهوا في دين الله فإن الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة والسبب إلى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا))

- قال الإمام الرِّضا (ع) لعبد العزيز المهتدي عندما سأله: إنّي لا ألقاك في كلِّ وقتٍ، فممّن آخذ معالم ديني؟ فقال (ع) ((خُذْ عن يونس بن عبد الرّحمن))

- قال الامام الرِّضا (ع) لعليّ بن المسيّب الهمدانيّ عندما سأله: شقّتي بعيدةٌ، ولستُ أصلُ إليك في كلَّ وقتٍ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال (ع): ((من زكريا بن آدم القمّيّ المأمون على الدّين والدُّنيا))

وهكذا توجد عشرات الرِّوايات ، وفي مختلف المجالات التي يُمكِن استفادة جواز التّقليد، بل وجوبه منها على مَن لم يستطيع استنباط الحكم الشّرعيّ بنفسه.

وهنا قد يشكل البعض ويقول: ومَنْ قال إنّ الأئمة (ع) أرجعوا شيعتهم إلى الأصحاب بعنوان أنهم فقهاء يأخذون الأحكام منهم، فقد يكون إرجاعهم إليهم بعنوان أنهم رواة لأحاديثهم (ع) وبالتالي لا تثبت هذه الروايات جواز التقليد للفقهاء والأخذ بأقوالهم؟! وهذا الاشكال ما يطرح اليوم ويردد كثيرا!!!

الجواب: بالاضافة الى ما ذكرناه في اسطر سابقة نقول إنّ كلام الإمام الصادق (ع) في معتبرة داود بن الحصين واضح إذْ هو إرجاع لمن هو أفقه وأعلم، حيث قال الإمام (ع): ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا." ولم يقل (ع): ينظر إلى مَنْ هو أصدق في نقله عنا، حتى يكون المدار على الرواية هنا دون الفقه والإستنباط.

وعند مراجعة الروايات تجد بأنّ الأئمة (ع) قد علّموا أصحابهم أصول الإستنباط، ولم يكتفوا بإعطائهم الروايات فقط، ومن هنا تجد أنّ هذا الإرجاع لبعض الأصحاب دون غيرهم إنما هو بعنوان أنهم فقهاء يفتون على وفق الموازين والضوابط التي وضعها لهم أئمة اهل البيت (ع) لا بعنوان أنهم رواة فقط، ومن هذه الروايات التي يستفاد منها هذا المعنى:

- تعليم الأئمة (ع) لأصحابهم القواعد الكلية: روى ابن إدريس في مستطرفات السرائر: نقلاً عن كتاب هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال:" إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا"

- جاء في كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا (ع) قوله:" علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع"

- ورد في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق(قده) عن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبو الحسن الأول (ع):" إذا شككت فابنِ على اليقين, قال: قلت: هذا أصلٌ؟ قال: نعم

- تعليمهم طريقة الإستنباط من خلال التطبيق: ففي رواية أنّ زرارة بن أعين سأل الأمام الباقر (ع): من أين علمت أنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فأجابه: عرفته من كتاب الله، فعندما قال الله عزّ وجل:" فاغسلوا وجوهكم" عرفنا أنّ الوجه كله ينبغي أن يُغسَلَ، وعندما قال: برؤوسكم " عرفنا أنّ المسح ببعض الرأس، لمحلّ الباء

5 -3 (الدليل العقلائي)

تُعتبر السّيرة العقلائيّة القطعيّة هي احدى أدلّة الاستنباط للحكم الشرعيّ، وعليها مدار التّعويل في أهم ركن من أركان الاجتهاد، وهو: حجيّة خبر الواحد، فالفقه يعتمد كثيراً على خبر الواحد، ولولا خبر الواحد لاندرست الشريعة وتوقّفت عن التّواصل مع النّاس عبر الأجيال، فليس كلُّ الأحكام الفقهيّة متواترةً أو مقطوعةَ الصُّدور عن أهل البيت (ع) فالمتواترُ قليلٌ جداً في الشريعة ولم يبقَ طريقٌ أمام الناس للأخذ بالأحكام إلّا من خلال خبر الواحد، وقد ثبتت حجيّة خبر الواحد من خلال السّيرة العقلائيّة القطعيّة، أي: من خلال السّيرة الممضاة من زمان المعصومين (ع)؛ حيث كان النّاس يعتمدون في معاملاتهم واتّفاقاتهم على خبر الواحد، ويأخذون به، وكان الأئمّة (ع) يلاحظون هذه السّيرة بين النّاس في الأخذ بخبر الواحد، ولم يعترضوا عليها، فعُدَّ هذا السّكوت من المعصومين (ع) إمضاءً لحجيّة خبر الواحد، ويجوز الأخذ به شرعاً، والاعتماد عليه في استنباط الأحكام الشرعيّة. نقول: نفس هذا المعنى من السّيرة العقلائيّة تجده في الرُّجوع إلى أهل الخبرة، فقد كان النّاس يرجعون إلى أهل الخبرة أيّام المعصومين (ع) بل قبل زمانهم، وكان هذا الرُّجوع على مرأى ومَسمَع من المعصومين (ع)ولم يثبت صدور ردعٍ من المعصومين (ع) للنّاس في عدم الرُّجوع إلى أهل الخبرة.

فعُدَّ هذا السّكوت وعدم الرّدع من الأئمة (ع) إمضاءً للأخذ بهذه السّيرة العقلائيّة في الرّجوع إلى أهل الخبرة، والفقهاء هم من أهل الخبرة في اختصاصهم، فيجوز الرّجوع إليهم في هذا الجانب.

5- 4 (دليل سيرة المتشرعين وعلماء الطائفة)

من الأدلّة التي يمكن الاستناد إليها في المقام هي : سيرة المتشرّعة ، وهذه السّيرة لا تحتاج إلى إمضاء المعصوم كالسّيرة العقلائيّة المتقدِّمة ، بل هي بنفسها تستبطن رضا المعصوم (ع) وموافقته؛ باعتبارها سيرة خاصّة بالمتشرِّعة بما هم متشرّعة، وليس بما هم عقلاء , فقد تقدَّم في بعضِ الرِّوايات: أنَّ الأئمة (ع) أرجعوا شيعتهم إلى العلماء من أصحابهم في أخذ معالم الدّين وفي القضاء، وعلى هذا كانت سيرة أتباع أهل البيت (ع) في الرّجوع إلى أصحاب الأئمّة الثقات وأخذ معالم الدّين عنهم؛ بأمرٍ من الأئمّة (ع) أنفسهم، وقد شهدنا عصرَ الغيبة الصُّغرى ووجدنا الشّيخَ الكلينيّ (قدَّس سرّه) يؤلِّف كتاباً يتضمّن اختيارات فقهيّة واستنباط للأحكام في الجمع بين الرِّوايات المتعارضة وترجيح بعضها على بعض، وهو كتابه المعروف بـ(الكافي) وكذا وجدنا عليَّ بن بابوبه ـ والد الشّيخ الصّدوق ـ له رساله (الشّرائع) التي كانت مشهورةً بين الأصحاب، وقد نقل الشّيخ الصّدوق ولدُه فقراتٍ منها ، وهكذا يمتد الأمر إلى زمن الغيبة الكبرى فيؤلَّف الشّيخ الصّدوق ـ كتاب (الفقيه) و(المقنع) و(الهداية)، ويؤلَّف الشّيخ المفيد كتاب (المقنعة) ويؤلَّف الشّيخ الطوسيّ كتابَ (النّهاية)، وكلُّها كتبٌ فقهيّة ألّفها أصحابها للنّاس؛ لغرض العمل بها، كما تشير إلى ذلك مقدِّمات هذه الكتب , بل نجد مِن علماء الطّائفة مَن يصرِّح بالإجماع على جواز التّقليد، كالسيّد المرتضى (قُدِّس سرُّه) الذي قال: (لا خلافَ بين الأمّة قديماً وحديثاً في وجوبِ رجوع العاميّ إلى المفتي... ومَن خالفَ في ذلك كان خارقاً للإجماع)

وقال الشّيخ الطوسيُّ: (والذي نذهبُ إليه: أنّه يجوز للعاميّ ـ الّذي لا يقدر على البحث والتّفتيش ـ تقليد العالِم)

وقال المحقَّق الحليّ (قدِس سرُّه): (اتّفاق علماء الأمصارعلى الإذنِ للعوام في العمل بفتوى العلماء من غير تناكر، وقد ثبت أنّ إجماع أهل كلِّ عصر حجّة)

6 – حوار مع احد منكري واجب التقليد

6-1 قال لي المدعي : كيف تقرون وجوب التقليد وليس فيه نص قراءني الا في موضع واحد ؟! اية اهل الذكر مع انها تنصرف الى اهل البيت (ع) وليس للفقهاء , كما ان زعيم الطائفة في حينها السيد الخوئي يقول : لا ستدلال بهذه الاية على التقليد

الجواب| ليس صحيحا ان دليل التقليد منحصر في اية هل الذكر فقط , بل هناك اية النفير, ثم لو قبلنا رايكم بانه لا دليل على التقليد من القران الكريم , فهل هذا يكون مبررا لا سقاط واجب التقليد ؟! الجواب كلا , فكثير من الاحكام الفقهية , القران اصلها والسنة النبوية المطهرة فرعتها , بل هناك احكام لم يتطرق لها القران الكريم , والسنة النبوية شرعتها , خذ مثلا اداء واجب الصلاة والصوم عن الميت لم يرد فيها نصا قراءنيا ولكن السنة النبوية واحاديث اهل البيت (ع) اقرتها ومعمول بها عند الفريقين من المسلمين .

 

- عن معاوية بن عمار عن الإمام الصادق قلت لابي عبد الله (ع) أي شيء يلحق الرجل بعد موته؟!

قال: يلحقه الحج عنه والصدقة عنه والصوم عنه)

- عن عمر بن يزيد , قال: قلت لأبي عبد الله (ع) تصلي عن الميت؟! فقال: نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع الله عليه ذلك الضيق، ثم يؤتى فيقال له: خفف عنك هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك)

- عن عائشة, أن رسول الله (صلى) قال : من مات وعليه صيام ، صام عنه وليه " أخرجه البخاري ومسلم وحققه الالباني

فهل انت لا تقر بالصلاة والصوم عن ابيك الميت؟!

اما قولك : ان السيد الخوئي لا يرى دليلا ناهضا بالاستدلال على اية اهل الذكر في وجوب التقليد , فنقول

اولا - قد يكون هذا رايه في العنوان الاولي , اما العنوان الثانوي فنرى ونقر معك صحيح وصريح ان اهل الذكرهم اهل البيت (ع) بل هم منبع الذكر, ولكن عندما نريد ان نطبق هذه الايه في زماننا هذا فمن هم اهل الذكر؟! ونحن نعلم ان القرآن هو القران دستور الهي يطبق في جميع الازمان وفي كل مكان , فان قلت لي ان مصداق اهل الذكر هو الامام المهدي (ع) فاقول أين هو؟!وما هي وسيلة الاتصال به؟! وهل هو مكلف في عصر الغيبة بتعليم الجاهل والنهي عن المنكر ؟!هذه الاسئلة لا اجابة لها اليوم ...لذا اقول اهل الذكر هم اهل البيت (ع) كمرتبة اولى ولا ضير ان يكون الفقهاء اهل ذكر درجة ثانية طالما هم يسيرون على خطاهم ومنهجهم , فالرسول الاعظم (صلى) قال العلماء ورثة الانبياء , فهل يورثوهم بالمال ام بالعلم ؟! طبعا وراثة المال لا تتحقق لانه لا توجد صلة نسب بينهما , لذا الوراثة تنحصر قطعا بالعلم , ثم اليس الامامة امتدادا للنبوة والعلم امتدادا للامامة؟!

ثانيا – من المعلوم ان السيد الخوئي(قدس) فقهيا ومرجعا وزعيما للطائفية حتى 1993ورسالته العملية (منهاج الصالحين) بجزئين , وهو اشهر محقق عرف في القرن العشرين من خلال سلسلة كتابه معجم رجال الدين , ولا زال مقلدوه بالملاين على قيد الحياة , اليس هوعلى بينة ويقين من انه التمس دليل التقليد بدليل قطعي؟!!!

تتمة للموضوع: لقد ورد في احد التفاسير ان اهل الذكرهم اليهود فاسالوهم ايها المشركون عن نبوة النبي (صلى) وصفاته وعلاماته المكتوب عندهم في التوراة , وهناك تفسير ذكره العياشي عن ابي جعفر (ع) قال نحن اهل الذكر ونحن المسؤولون.

6- 2 قال المدعي لي , انتم تعتبرون الفقهاء(مراجع التقليد) معصومين وجعلتم الرادّ عليهم كالرادّ على الله تبارك وتعالى؟!

الجواب اولا - ليس الفقيه معصوما , ولذا كان للمكلف حرية العدول عن رايه الى فقيه اخر تطمان النفس الى فتواه , اما الاتباع فيستند الى القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله تعالى (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) إذ تفيد وجوب الحذر عند تحذير الفقهاء لهم من مخالفة الواجبات والمحرمات والفرائض التي يذكرونها لهم .

ثانيا - جاء في رواية مقبولة عمر بن حنظلة ((فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله)) وهي رواية صحيحة واحد رواتها الشيخ الصدوق الذي تدعون انه اخباري وليس اصوليا .

6- 3 قال المدعي: انتم تقولون (ما حكم به العقل حكم به الشرع)؟! فهل دين الله يصاب بالعقول؟!

الجواب | الظاهر انت التبس عليك الفهم بين الاحكام الشرعية والمستقلات العقلية التي بينها علم المنطق ومنها قبح الظلم وحسن العدل وهي المقصودة ما حكم به العقل حكم به الشرع وليس الاحكام الشرعية .

قال الإمام الصادق (ع) {حجة الله على العباد النبي، والحجة فيما بين العباد وبين الله العقل}

قال الإمام الكاظم (ع) {إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (ع) وأما الباطنة فالعقول} فالحجة هو الرسول الاعظم (صلى) ولكنها لا تنحصر به شخصياً ، فخلفاء الرسول ومبعوثوه إلى الناس وحاملو رسالته ممن تفقهوا في الدين وبلّغوه إلى الآخرين كلهم حجج الله على العباد، بل إن نفس الرسالة التي أنزلها الله على قلب الرسول وأوحى بها إليه هي من أجلى مصاديق الحجة، ولذا ذكر المفسرون أن "الرسول" (صلى) في قوله تعالى :{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} هو كناية عن مطلق الحجة والبيان الذي يأتي من الله، إما على يدي الرسول مباشرة، أو عبر نوابه وخلفائه وحملة دينه، أوعبر رسالته , فإذا كان دين الله لا يصاب بالعقول فكيف يقول الإمام (ع) ان لله حجتين؟ وكيف يجعل حجية العقل إلى جوار حجية الشرع تماماً؟!ما ورد عن الامام علي (ع) انه قال (ان الدين لا يصلحه الا العقل ) فأين ذهب النافون للعقل ممن يزعمون انهم رواة الحديث ,وكيف يستقيم الدين بدون العقل !, فالعقل هو المصباح والأداة لتمييز الغث من السمين والصحيح من الفاسد , فالعقل هو مدرك للاحكام وليس بحاكم بمعنى هو مستكشف وليس بمشرع خلافا للمخالفين , والمهم ان العقل عند الشيعة ليس مشرعا بل مستكشفا .قال الشيخ المفيد رحمه الله العقل هو سبيل لمعرفة حجية القران ودلائل اللاخبار لان العقل ليس بحاكم عند الشيعة وانما مهمته الاداراك فقط , فالعقل يوجب وجود شخص متخصص ذا دراية بالأسانيد والرجال والأحكام واللغة والتفسير وعلوم القرآن وأسباب النزول الخ من العلوم , وهذا الشخص هو المجتهد الذي أخذ على عاتقة استخلاص الأحكام من مصادرها وتبيانها للمؤمنين .

6 – 4 قال المدعي لي الظن مذموم قرائنيا{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ يونس:36} و{وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا النجم:28} وروائيا (قال رسول الله (صلى) إياكم والظن فإن الظن أكذب الكذب) في حين كل احكامهم الفقهية ظنية , فكيف تحلون هذا الاشكال؟!

الجواب |

اولا - المقصود بالايات الكريمة والحديث النبوي الشريف الظن في (أصول الدين) لا في فروعه

ثانيا- ان العلم ليس داخلا في أدلة الردع عن الظن ، والتقليد ييتكأعلى العلم ، لذا يكون التقليد خارج عن أدلة عدم حجية الظن.

ثالثا – المراد في قول النبي الاعظم (صلى) سوء الظن وليس الظن بالمطلق بقرينة عبارة (اكذب الكذب) وليس كل الظن مذموم بل بعضه (َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)

بل قد يكون الظن صادقاً قال تعالى: (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ) وقال الرسول الاعظم (صلى) «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللهِ الظَّنَّ» و«حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ» فكيف تتمسك بالظني لنفي حجية الظن؟!

6 – 5 قال المدعي لي : في رواية مرسلة «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه هنا التخيير وليس الوجوب للتقليد.

الجواب| صحيح بعض فقهاءنا قال بان هذه الرواية مرسلة , رغم ان آثار الصّدق عليها بيّنة بوصف الشيخ الأنصاري , لكن إستدلال الفقهاء على وجوب التقليد لا يعتمد بالدرجة الأولى على هذه الرواية وحدها , بل ثمة عمومات وإطلاقات في الآيات الكريمة والاحاديث النبوية واحاديث اهل البيت(ع) تفيد وجب تقليد الجاهل للعالم الفقيه الورع الجامع للشرائط , اما التخير كما ادعيت فهو ليس تخيريا, بل هو وجوب تخيري لا وجوب تعيني , فالمكلف واجبه اما التقليد او الاحتياط او الاجتهاد ولا يجوز ترك الثلاثة معا , وجدير بالذكر ان حكم العقل الصريح بتخيير الإنسان بين الاجتهاد والتقليد والاحتياط، وحيث ان الاجتهاد صعب على عامة الناس بل غير مقدور لهم والاحتياط فيه عسر وحرج شديدان، لذا يختار الناس التقليد.

ان الرواية نصت (فللعوام أن يقلدوه ولم تقل فعلى العوام أن يقلدوه) وبهذا لا تكون طاعتهم واجبة مطلقا الا بحصول الاطمئنان بفتاوى الفقيه والا كان العدول الى مرجع اخر هو الاولى .

الخلاصة : لو قلنا انها لا تدل على الوجوب, وإنما غاية ما يستفاد منها الجواز لكفى دليلا على إبطال نفي التقليد فهو اعتراف بأصل التقليد بغض النظر عن دلالته على الوجوب من عدمه , واعلم ان التقليد لا يكون واجبا الا في مورد الجهل بالحكم الشرعي, فمع امكان معرفة الحكم لا معنى للتقليد بل يحرم , نعم عند الجهل يكون واجبا , ان اللام وان افادت الجواز , ويبقى التقليد ليس بحرام بغض النظر عن وجوبه او جوازه او استحبابه او كراهيته وعليه فلا منافاة بين جواز التقليد ووجوبه بهذا المعنى , أي لو كانت دالة على جواز التقليد ابتداءا الا انهها ترتفع الى الوجوب عن عجزه عن الاجتهاد او الاحتياط . وبعد هذه الوجوه اتضح بان التقليد ليس بحرام اولا , وانه جائزا ثانيا , وانه واجب عند العجز عن الاجتهاد او الاحتياط.

بقي ان الرواية ضعيفة السند , نقول : ان الفقهاء لا يحصرون الاستدلال بالدليل القطعي فقط , بل الظني المعتبر كخبر الثقة وحجية الظهور وغيرها , فلو كانت ظنية السند , فلا اشكال في قطعية المتن , ومن باب المثال فان القران الكريم قطعي السند لكنه ظني الدلالة , فهل نقول بإسقاط حجيته ؟!لان ما يستفاد من ظاهره ظني !!!! وان السند ان كان ضنيا لا يعني تركه والخبر المرسل لا يعني اسقاطه .

6 – 6 قال المدعي: الشيخ الكليني في مقدمة الكافي ذم التقليد بقوله: (فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتاً مستقراً سبّب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه... ومن أراد الله خذلانه سبّب له الأسباب للاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة)

الجواب| الكليني قصد من يقر بالقياس والاستحسان وليس من ياخذ احكام دينه من كتاب الله وسنة نبيه واهل بيته الاطهار(ع)

6 – 7 قال المدعي: روى الشيخ المفيد في كتاب الاعتقاد للشيخ الصدوق على عدم جواز التقليد , فعن الامام الصادق (ع) قال إياكم والتقليد فإنه من قلد في دينه هلك .

الجواب|عدم جواز التقليد في الاصول لا الفروع , لان اصول الدين المطلوب الاعتقاد بها وفروع لدين المطلوب العمل فيها فالاولى فيها جزم والثانية فيها احتمال , ثم ان هذه الرواية مقطوعة السند فكيف تحتجون بها؟! وتشكلون على مثلها من حديث مًنْ كان صائنا لنفسه , ثم لم لا يكون النهي في الرواية عن الاستحسان والاجتهاد مقابل النص , وخصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار عصر الامام الصادق عليه السلام محاجاته مع أبي حنيفة .

صحيح قول المجتهد ظنّي لا قطعي ، ولكنّه ظنّ قامت الأدلّة على إتباعه ، وجعله الشارع المقدّس طريقاً للوصول إلى أكثر الأحكام الشرعية ؛ إذ لا طريق لنا في معرفة الأحكام إلاّ عن طريق الفهاء، وهو يصيب الواقع في أكثر الأحيان لا في جميعها فكانت المصلحة بجعل التقليد طريقاً لذلك ، واحتمال الخطأ بنسبة قليلة يمكن التسامح به ، وعدم الاعتداد به عند العقلاء , بل ان على العالم ان يظهر علمه عملا بقوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ – البقرة- 159]

6 – 8 قال المدعي حديث الامام المعصوم (ع) بقوله (واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا...) كيف ابدلتم الراوي بالفقيه ثم بعد ذلك بالمرجع ؟! نقول:ان المقصود بالراوي هو الفقيه بشرط ان يفهم الحلال والحرام وقد عرف الاحكام عموها لا خصوصها , وقد كان هذا الشرط متحقق , فالاعم الاغلب ان لم نقل الجميع ان رواة حديث اهل البيت (ع) كانوا من المتدينين الثقات , اما المرجع فهو الفقيه الذي لوحظ رجوع الناس اليه في الفتوى , فكل مرجع فقيه , ولكن ليس كل فقيه مرجع . واما الناقل للرواية فقد لا يكون فقيها وقد يكون كذلك .

والظاهر من (رواة حديثنا) ليس الحديث اللفظي وإنما يراد بالحديث مضمونه ومعانيه ,فيعم الفتوى والحكم فيكون المقصود هو الناظر في احكامهم والعارف للحلال والحرام ولا يكون كذلك الا اذا كانت له ملكة الاجتهاد والتأمل والتعقل لا الحديث اللفظي.

6 – 9 قال المدعي , انكم تستدلون باية النبأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ- الحجرات - 6) على صحة التقليد , ولكن هناك فرقا بين الفتوى والنبا.

نعم نستدل في هذه الاية على التقليد , حيث العادل إذا جاء بالنبأ لم يلزم التبيّن عن كلامه , وعلى هذا الاساس فالفقيه العادل إذا أخبر عن الحكم الظاهري أو الواقعي، جاز الأخذ به , فلا يلزم التبيّن من خبره أو رأيه.

اما قولك : إن الفتوى غير النبأ لانها إخبار عن الرأي والنبإ اخبار عن الواقع , فهذا صحيح , ولكن النبأ اعم من الاخبار والفتوى مصداق من مصاديق الاخبار , ولذلك ليس صحيحا ان نفرق بين الاخبار بالراي والاخبار عن الواقع , وان الفقيه لا تتعدى مهمته الاخبار عن الحكم الصادر عن المعصوم (ع) ولا يجتهد بنص مقابل له.

6 – 10 قال المدعي, الشيخ المفيد يرى بطلان التقليدد , كما ورد في شرح اعتقادات الصدوق , وكذلك الطوسي في الاقتصاد فكيف انتم توجبون التقليد؟! ان هؤلاء لم يجوزوا التقليد في اصول الدين لا فروعه , فهم صنفوا كتب فقهية للجواب على اسئلة الناس والفوا رسائل عملية ,بل صرح الطوسي بجواز التقليد بالفروع في العدة مبينا سيرة اتباع اهل البيت (ع)

6 – 11 قال المدعي, الحر العاملي ذكر نصا صريحا بعدم جواز تقليد غير المعصوم في كتابه وسائل الشيعة , فكيف انتم تقلدون غير المعصوم ؟! ان عدم جواز تقليد غير المعصوم اذا كان يعمل برايه ولا يستند الى نص المعصوم لاستنباط الحكم الشرعي منه , لذا نحن لا نقر بالقياس والاستحسان او اسنتباط الاحكام من غير القران والسنة .

6 – 12 قال المدعي, هناك لحوم مكتوب عليها عبارة (حلال ... مذبوح على الطريقة الإسلامية ) هذه كافية كي يتناول منها ؟! وكيف للمجتهد قطع بحليتها؟!

المجتهد يقطع بحليتها اذا حصل الاطمانان له بخبر الثقة , اما وظيفة المكلف عدم جواز الاكل اذا شك ولم تطمئن نفسه.

6 – 13 قال المدعي, استخدامكم لعلم الاصول جاء متاخرا لتضليل الاخرين لانكم تحكمون بالظن في المسائل الفقهية .

كلامك هذا غير صحيح بالمرة , فانت تعلم ان علم الاصول لم يسبقة الا علم الكلام وعلم الفقهه , ثم بدء التعشيق بينهما , وبذلك نشأت بذور التفكير العلمي الفقهي وولد علم الفقه وتطور من مستوى علم الحديث إلى مستوى الاستدلال العلمي الدقيق ,الم تقرا كتبنا بعضها باسم اصول الفقه ؟! انظر قدم تاريخ اصول الفقه , فقد وضعه هشام بن الحكم احد تلامذة الامام الصادق (ع) كتاب «الألفاظ ومباحثها» وهو يعتبر أهم مباحث أصول الفقه. كما صنف بعده من يونس بن عبدالرحمن مولى آل يقطين كتاب «اختلاف الحديث ومسائله» وكانت قواعد علم الأصول في هذه المرحلة أكثرها على شكل روايات ولم تكن بحسب التعبيرات والاصطلاحات المعمول بها في المراحل المتأخرة.

هكذا، وجدت بذور التفكير الأصولي لدى أصحاب أئمة أهل البيت وخصوصاً أيام الإمامين الصادق والباقر، ولكن تطوّر علم الأصول لدى الشيعة الاثني عشرية قد بدأ فعلياً منذ غيبة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر، واستمر إلى يومنا هذا.

7 – اسئلة طرحتها على منكر وجوب التقليد

7 – 1 كيف تستدلون بابطال التقليد لاخذكم بأقوال علماء أصوليين كالكليني والسيد الخوئي والسيد محمد باقر الصدر وهم من الاصولين ومراجع تقليد كبار؟! فنقول لكم : كلُّ هذه الأقوال إنَّما تتحدّث عن ذمِّ التّقليد في أصول الدّين لا فروعه ، وإلا فنفس هؤلاء العلماء الأعلام عندهم رسائل عمليّة أفتوا فيها للنّاس بمختلف الأحكام الفقهيّة ، وكانوا مراجع تقليدٍ في زمانهم.

7 - 2 ماهو البديل عن التقليد في زمن الغيبة ؟! وهل على الجميع حتى الامي استنباط الحكم الشرعي من الروايات؟! اليس هذا يخالف قول الامام علي (ع ) ان الله لم ياخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى اخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال , واذا كان التقليد باطل فمن هو صاحب الحق الشرعي في الاتباع من غيبة الامام المهدي (ع) الى اليوم؟! فهل ان الله عز وجل ترك الامة بين غيبة القائم (ع) بغير حجة ولا طريق هدى ؟!!!

7- 3 من كان يوصل الاحكام الشرعية في عهد النبي الاعظم (صلى) وعصر الخلفاء؟! اليس خيرة اصحابه الذين ارسلهم للامصار لكي يفقوا الناس في دينهم ؟!

7 - 4 جاء في صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) {من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه} اليس في هذا الحديث دلالتين الاولى على حرمة الفتوى بغيرعلم والثانية وجوب العمل بفتوى الفقيه العادل الذي يفتي عالماً بالحكم أو مستنداً إلى حجة شرعية؟! انظر, قول: عبد الرحمن بن الحجاج , كان أبو عبدالله (ع) قاعدا في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابي ، فسأل ربيعة الرأي عن مسألة ، فأجابه ، فلما سكت قال له الأعرابي : أهو في عنقك ؟ فسكت عنه ربيعة ، ولم يرد عليه شيئا ، فأعاد المسألة عليه ، فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابي : أهو في عنقك ؟! فسكت ربيعة ، فقال أبو عبدالله (ع) : هو في عنقه ، قال : أو لم يقل : وكل مفت ضامن .

7 – 5 من يتحمل المسؤولية في التقليد , المكلف عن اعماله او المرجع عن فتاواه؟ا ومن الواضح المرجع , اذن لماذا تهاجمون التقليد؟! هل تدافعون عن المرجع كي لا يتحمل المسؤولية؟! ام تريدون المكلف يبقى في ظلاله.

7 – 6 نحن نتفق معكم في قدسية اهل البيت (ع) وحرمة اضرحتهم , وان داعش ارادت ان تنتهك هذه الحرمة وكادت ان تحقق مرماها بعد عجز الحكومة , ولكن هب اتباع اهل البيت لمقاتلتهم في عقر دارهم لبعد هذا الخطر المشؤوم , اليس التقليد هو من حرك هؤلاء الناس من خلال فتوى الجهاد الكفائي ؟! فمن ينكر هذا فهو منكر للحق ؟!

7 – 7 انت تقول : الفقه والاجتهاد في عصر اهل البيت (ع) غير الفقه والاجتهاد في عصرنا لان الاسئلة توجه للمعصومين (ع) وبالتالي ينتفي مصادق الآية الكريمة فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ على لزوم الأخذ بإنذارالفقيه ليقلد في فقه , وانا اقول لك ان الفقه والاجتهاد كتحصيل علمي ادواته ومعطياته لا تختلف بالزمان والمكان , بل على العكس اليوم درجة بلوغ الفقيه درجته العليا تحتاج عشرات السنين لدراسة علوم عدة من بينها علوم اللغة العربية والمنطق , ثم اليس الائمة المعصومين(ع) حثوا طلبتهم المتميزين بافتاء عامة الناس .

7 – 8 انا اسالك لماذا التقليد في اصول الدين باطل ؟! وانا متيقن بانك لا تتقن الاجابة , ولكن ساجيبك انا لكي تتوضح لك الصورة بعد اللبس في ذهنك فقد الحقت الفروع بالاصول , فادعيت بطلان التقليد , فانت لا تميز بين الاجتهاد الشيعي القائم على كشف طرق معرفة الحكم الشرعي من داخل الشريعة وبين الاجتهاد المخالف من خارج الشريعة فخلطت بين الاجتهادين.

نقول ان التقليد معناه الاستناد إلى فتوى الفقيه في مقام العمل ، ومن الواضح أنه لا عمل في المسائل الاعتقادية حتى يستند فيها إلى قول الغير , فالقضايا الاعتقادية التي تتطلب حصول اليقين والإذعان وهذا ما لا يتيحه إتباع قول الغير وتقليده كما يقول السيد محمد باقر الصدر , بمعنى التقليد ينتج الظن والاعتقاد يتطلب اليقين .

7 – 9 انا ساثبت لك ان الحاجة للتقليد يفرضها العقل قبل الدين بشكل واعي وليس اعمى, كما هي حاجة المريض للطبيب , لذا انا عدلت عن مرجع تقليدي في مسالة مناسك الحج برمي الجمرات , وعدلت عن مرجع تقليدي في تحديد عيد الفطر لان مرجع تقليدي يرى وحدة الافق , وانا افطر مع مرجع لا يرى ذلك , اذن اتباع الفتوى يشترط فيها اطمانان النفس كما هو الحال ان تقتنع بعلاج الطبيب وبخلاف ذلك ستراجع طبيب اخر .

7 – 10 انا اتفق معك بان التقليد باطل , ولكن يجب ان تضع كلمة التقليد بين هلالين , فالتقاليد الباطل هو تقليدالابناء لاباءهم والتقليد في العقائد , ومنها في الاصول , والتقليد في الفقه إذا كان مخالفا للنص او كان قائما على القياس

7 – 11 رغم انكم تنكرون التقليد , ولكن تقلدون دون ان تشعروا , فانتم تجيبون على من يسالكم عن المسائل الشرعية وتقرنونها مما جاء عن اهل البيت (ع) فمن الذي اوصل لكم راي اهل البيت؟! اليس الفقهاء العدول ؟! ولو كنتم لا تعتقدون بتدينهم وعدالتهم لما اعتدمتم رايهم , فهذا هو التقليد بعينه .

7 – 12 صحيح على راينا ورايكم بوجود الامام المعصوم (ع)لا نحتاج الى فقيه ولا الى تقليد , ولكن حتى في هذا الامر هناك مشكلة لان ليس كل الناس يسكنوا قرب المعصوم ليسالوه عن مسائلهم الشرعية , او انه قد يصادف ان يكون المعصوم مسجونا كالإمام الكاظم (ع) او تحت الاقامة الجبرية او المراقبة , كالعسكريين (ع) والسائل في مناطق نائية لا يستطيع الوصول أليهم فكيف يكون حال اتباعهم ؟!وهناك مستجدات وحوادث ليس فيها نص من ألمعصوم لعدم مقدرتهم ألاتصال بالمعصوم (ع) وهذا من اهم القرائن على وجود ألاجتهاد بمعناه ألبسيط المناسب لتلك الفترة وهي تفريع ألفروع على ألاصول وتطبيق ألكليات على ألصغريات بممارسة نظرية فكرية بسيطة لفهم الاحكام الشرعية لا بما هم مجرد نقلة ورواة للأحاديث كما يدعي البعض .

فاحد اصحاب الإمام الرضا (ع) يساله: (إني لا أقدر على لقائك في كل وقت، فعمن آخذ معالم ديني؟! فقال الرضا(ع): خذ عن يونس بن عبد الرحمن» وهذا الهمداني من اصحاب الامام الرضا (ع) يساله: شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت، فمن آخذ عنه معالم ديني؟ قال(ع): زكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا, كما ان اصحاب الائمة يفتون الناس احيانا بوجد الائمة.

7 – 13 نحن نقول في عصر الغيبة يتعذر الوصول للامام المعصوم (ع) لابداء رايه في الحكم الشرعي, واننا نعتقد انه غير مكلف الا بعد الظهور,وانتم تقولون ان الوصول متيسر في الوقت الحالي بدعواكم اتباع وصي اليماني احمد الحسن وبالرجوع له

له يكشف لكم الحكم الشرعي , فما هو دليلكم ؟! او ليس ان هذه الدعوة تتعارض مع الموروث الشيعي بانقطاع السفراء بعد الغيبة الكبرى ومن يدعي النيابة بعد هذا ضال ومبتدع حسب عقيدة الامامية ؟!

7 – 14 انتم واقصد منكري التقليد تنفون حجة القران الكريم بمضمون قولكم ان فهمه محصور باختصاص الامام المعصوم حصرا لا غيره ؟! وهذا الراي يتعارض مع حديث العرض (اعرضوا حديثنا على كتاب الله فما وافقه فخذوا به ….)وحديث الاخذ (ما اتاكم الرسول فخذوه ...) كما انه ينافي وجوب التدبر بالقران (افلا يتدبرون القران) فانتم ابطلتم حجية القران واخرجتموه عن دائرة التدبر , اذن ماذا بقي لهذا الدين , اذا كان كتاب الله واحاديث نبيه لا تفهم ولا قيمة لها الا بتفسير المعصوم ؟! اليس انكم فتحتم بابا للطعن بالدين للمغرضين المتربصين , فسيقولوا ان قران المسلمين لا يفهم الا من امامهم المعصوم وهو غائب عنهم.!!!!

7 – 15 انتم تعتبرون الكتب الاربعة قطعية الصدور في حين اخبار رواتها ضنية باعتبار اسانيدها ضنية الصدور وكونها من الاحاد او من غير الثقاة , فكيف تكون رواياته قطعية !؟ وهناك عدة طرق لابطال دعوى قطعية روايات الكتب الاربعة يمكن مراجعتها في الكتب المخصصة لها , وهذا ظاهر حتى في مقدمات(ديباجة) الكتب الاربعة لمن راجعها , فانتم تعملون بالظن ايضا وان انكرتم تكبرا ؟! اليس ترجيحكم احد الخبرين هو من الظن , فقد يكون الصح في الخبر المتروك , اما نحن فنرى ان الظن بما هو ظن يحرم العمل به (كالقياس) الا ما خرج بدليل , كخبر الثقة , فهو يفيد الظن , واتباع الفقيه او المتخصص والعالم هو اتباع للعلم بعد الاطمئنان به , والتثبت من الاصول بالنظر , فيخرج عن كونه ظنا .

7 - 16 انتم تبطلون التقليد والحرّ العاملي اخباري، يقول بالتقليد المرخّص , فهو اما ان يقول بجوازه او ببطلانه فلا معنى للتخصيص , فرفضكم للتقليد بالعموم المطلق ادخلتم فيه حتى تقليد المعصوم , فهل تقبلون بهذه النتيجة ؟!

7 – 17 تعيبون علينا ان اراء المجتهدين مختلفة بنفس الموضوع او قد تتغير احكامها, ونحن نقول لكم ان تغير الاحكام كما قد يكون للضرورة او التقية او تغير الموضوع , او يكون لخطا السند , لكن هذا كله يبقى ضمن ضابطه حلال محمد (صلى) حلال الى يوم القيامة ولا يكون تبدل الاحكام مخالفا لهذه الضابطة بل الاصل... سؤول الباقر(ع) : يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ ؟! فقال (ع): يا زرارة ! (ع) :خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك ، فقلت : إنهما معا عدلان مرضيّان موثّقان .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . راجي العوادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/30



كتابة تعليق لموضوع : الرأي السديد في صحة الاجتهاد والتقليد مبحث استدلالي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net