صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

مفهوم النبوة العالمية. هل كانت نبوة عيسى عالمية أومحلّية؟ 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من المؤسف جدا أن تقوم أمة بالحط من قدر نبيها والتقليل من شأنه عبر كتاب زعمت أن السيد المسيح جاء به (الإنجيل) .

والغريب أن هذا الإنجيل يزعم أن السيد المسيح بُعث إلى أمة اليهود خاصة ولم يُبعث إلى سواهم من الأمم كما نقرأ في هذه الأناجيل المزعومة، اي أن عيسى ليس نبيا عالميا بل حاله حال الأنبياء المحليين ممن أرسل إلى بني إسرائيل بعد موسى. بينما نرى المسلمين على العكس من المسيحيين فهم عبر أحاديثهم يعتبرون السيد المسيح نبي عالمي من أولي العزم الذين أشار لهم الله تعالى بقوله : (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل .. وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناهُ الإنجيل). (1)

فلو قال الإنجيل بأن عيسى بُعث في بني إسرائيل مثلا ولم يُحدد ويقطع لقلنا أن الأنبياء العالميين بُعثوا في قومهم ثم انطلقت دعوتهم إلى العالم. ولكننا مع الأسف الشديد نرى الإنجيل يؤكد على محلية رسالة يسوع وليس عالميتها كما ينسبون إليه القول : (لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة). (2) وهذا تأكيد قوي متين من الإنجيل بأن السيد المسيح ارسله الله خاصة إلى بيت إسرائيل (اليهود).

ويؤكد هذا الرأي أن السيد المسيح عندما عرف أن الله رافعهُ إليه ارسل تلاميذه لتبليغ رسالته واوصاهم قائلا : (طريق الأمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة).(3) فقد أمر أتباعه أن لا يذهبوا إلى الأمم الأخرى للتبليغ وعيّن لهم وجهتهم.

بعض الآيات القرآنية تؤكد أيضا أن السيد المسيح بُعث إلى بني إسرائيل حيث نرى ذلك واضحا في القرآن حيث يقول تعالى : (وإذ قال عيسى ابنُ مريمَ يا بني إسرائيلَ إني رسول الله إليكم).(4) ولولا أن الله تعالى أورد إسم عيسى ضمن الإنبياء من أولي العزم العالميين ، لقلنا أن عيسى فعلا نبي محلي بعثه الله إلى قومه خاصة. بعكس رسول الاسلام (ص) الذي أكد القرآن عالمية دعوته وانهُ مبعوث للناس كافة كما يقول تعالى مخاطبا نبيّه : (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا).(5)

الأمر الآخر أن الإنجيل مع الاسف الشديد لم يذكر لنا سبل السيد المسيح في التبليغ حيث عكس لنا شخصية المسيح الهزيلة اللاأبالية ، فلم نر من المسيح اي دعوة للقيصر أو للأمم الوثنية بل حصر همّه باليهود . لا بل نرى ان هناك نصوص واضحة تقول بأن عيسى امرهم ان يُطيعوا الامبراطور الروماني وأن يعطوه الجزية بل عليهم أن يُجبوا إليه أموالهم.(6) والأغرب من ذلك أن الإنجيل يخبرنا بأن هذا الامبراطور تعاون مع اليهود في القضاء على المسيح ودعوته.

كل أنبياء أولي العزم اصطدموا في مسيرتهم الدعوية مع النماردة والفراعنة ووقفوا بوجه أعتى القوى الوثنية ولم يُبالوا ولم يخشوا او يخافوا ، فنبي الله إبراهيم (ع) وقف بوجه نمرود، وحطم أصنامه وكشف عوار دينه . وموسى وقف بوجه فرعون المنبسط حكمه على افريقيا وصولا حتى شمال الجزيرة العربية واماكن شاسعة أخرى ، ونظرا لسعة الامبراطورية الفرعونية ادعى حكامها الألوهية فكان لهم موسى بالمرصاد .

بينما نقل لنا الإنجيل ان عيسى هادن الامبراطور الوثني وأمر أتباعه بأن يعطوه الجزية ومنعهم من استخدام السيف معه، لا بل أن يوحنا الذي كان معاصرا للمسيح كان أعظم واشجع من المسيح في إبلاغ دعوته حيث اصطدم بالقيصر فتحمل السجن والقتل من أجل دعوته. وهذا هو دأب الأنبياء حيث نرى نبينا محمد (ص) وقف بوجه قريش أولا ثم ارسل رسائله إلى هرقل قيصر الروم، والمقوقس ملك مصر،وإلى كسرى الفرس وإلى اليمن والحارث بن شمر الغساني ملك الغساسنة في الشام.والعراق إلى دومة الجندل ثم إلى الخليج ، البحرين وكذلك إفريقيا.

فهل يُليق بالنصارى إتّباع نبي محلي بُعث إلى أمةٍ صغيرة لا تزال تكفر به .نبيٌ شهد أن يوحنا أعظم منه وأن النساء لم تلد نبيا مثله.(7) يعبدون نبيٌ صنعوه نُسخت دعوته فجعلوه إلها يعبدوه، وليس نبيّا يتّبعوه ، ويتركون دعوة عالمية اوسع واشمل وأكمل اوفت للمسيح حقه لا بل للأنبياء كافة؟. 
المصادر: 
1- سورة الاحقاف الآية :35. و : سورة المائدة آية 46.
2- نجيل متى 15: 24.
3- إنجيل متى 10: 5.
4- سورة الصف آية : 6.
5- سورة الأعراف آية : 158.
6- فقد سألوه : (أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ فقال لهم: أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله). إنجيل متى 22: 19. وهذا ما ذهب إليه بولص في رسالته إلى أهل رومية 13: 7(فأعطوا الجميع حقوقهم: الجزية لمن له الجزية. الجباية لمن له الجباية).
7- إنجيل متى 11: 11(الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء نبي أعظم من يوحنا المعمدان). وكذلك في إنجيل لوقا 7: 28. لابل أن السيد المسيح انتهر تلاميذه عندما قالوا له بأنه (مسيح الله). (فانتهرهم وأوصى أن لا يقولوا ذلك لأحد). إنجيل لوقا 9: 21.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/03



كتابة تعليق لموضوع : مفهوم النبوة العالمية. هل كانت نبوة عيسى عالمية أومحلّية؟ 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net