عندما يتحول احياء الاربعينية الى دمار شامل
حميد آل جويبر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
سيقول قائلهم ومن انت حتى توجه سهام نقدك لزائري الامام الحسين وهم الذين ورد في فضلهم ما ورد من احاديث الائمة الاجلاء ، اذ حَسْبُ هؤلاء الزائرين شرفا ان النقع المُثار من خطواتهم كفيل بادخال المرء الجنة . وقبل ان الج في موضوعي اتمنى الا يُزايد احد عليّ في حب الامام الحسين "ع" فقد تشرفتُ في خدمة محبيه وانا ابن السابعة بلملمة استكانات البوش من أمامهم ، حتى تدرجت في مناصب الخدمة الحسينية مع تقدم العمر الى ان اصبحت أأمُرُ فاُطاع . وكان مجموع الفترة الزمنية التي امتلك فيها صلاحية اصدار الاوامر المطاعة لا تتجاوز الشهر الواحد في السنة وتحديدا في ثلاث مناسبات هي العاشر من محرم والعشرين من صفر "الاربعين" وليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان . وقد ساعدني على تبوؤ هذا المنصب الشريف هو قربي النسبي اللصيق بصاحب المأتم . ولاني ربيب هذه المجالس الشريفة فانّ لدي التخويلَ التام في نقد ما اراه ظواهر أومظاهر سلبية تشوّه هذه المناسبة العظيمة التي يحييها الملايين ويتابع كل حركة وسكنة فيها الملايين ايضا. ولا يخفى على احد ان المتابعين ليسوا بالضرورة هم جميعا من المتحمسين للمناسبة ، بل ان الكثير منهم من يتصيد في المياه العكرة لتسفيه مذهب او تشويه طائفة ، واليوتيوب فاتح ابوابه على مصاريعها للخُلّص والمتصيدين على السواء . على اني افترض مقدما ، ولدي من الدلائل الخاصة ما يعزز صحة هذا الافتراض، بان هذه الملايين المُمَلْينة بقضها وقضيضها احيت شعيرة الاربعينية حبا بالامام الحسين ولابيه الكرار ولامه البضعة الطاهرة ولجده الرسول الكريم سلام الله عليهم اجمعين ما تعاقب الجديدان ، وحسب هذه الملايين انها حملت ارواحها على اكفها مختارة لم يدفعها حزب او مسؤول ، الى قبة العشق الذهبية في كربلاء . غير ان طرق التعبير عن هذا الحب الجارف تخرج احيانا عن اهدافها المقدسة لتعطي للمتصيدين هدايا مجانية تلحق الضرر البالغ بسمعة المحتفين بهذه المناسبة العظيمة . مَن يطـّلع على تصريحات محافظ كربلاء امال الهر الاخيرة عن التخريب والاسراف في اِحياء الاربعينية ،لا يملك الا ان يتمثل ببيت المتنبي الشهير في رثاء خولة اخت سيف الدولة "طوى الجزيرةَ حتى جاءني خبرٌ … فزعتُ فيه بآمالي الى الكـَذِبِ" . يقول الهر ان الخسائر التي تكبدتها محافظته من جراء الزيارة تقدر بما يعادل مئة مليون دولار ، والحديث هنا ليس عن ولاية كاليفورنيا الاميركية التي يعادل ناتجها المحلي ميزانيةَ اربع دول متقدمة ، انما عن محافظة كربلاء المتواضعة المداخيل والتي تشكل السياحة الدينية موردا مهما من مواردها الاقتصادية بل موردها الاهم بعد التخصيصات الحكومية . لا يتوفر لدي اي دليل على عدم صدقية المحافظ بل افترض فيه الصدق لانه مؤتمن على ادارة محافظة يرقد في ترابها اصدق خلق الله طرا في زمانه . لكنني ساسمح لنفسي واتجرأ بان اتهم المحافظ " المگني عليه " بالتلاعب بالارقام دون ان امتلك اي قرينة تدعم هذه التهمة الباطلة فاقول انه ضرب الرقم الحقيقي في اربع مرات لغاية في نفس يعقوب . المتبقي من الرقم - بعد اجراء عملية الطرح الجائرة - خمسة وعشرون مليون دولار هو مقدار الاضرار التي الحقتها المواكب الحسينية بمركز المحافظة فقط لان المدن الاخرى لا شان لها في الزيارة الا ما كان منها ممرا للمواكب ، فهل يعقل ان يكبد عاشقٌ معشوقَه كل هذا الضرر الفادح ؟ واقولها شهادة للتاريخ انني عندما زرت مدينة كربلاء قبل سنتين ونصف لمست فيها من النشاط العمراني والتجاري والخدمي ما لم المس حتى جزءا منه في المحافظات الاخرى ، علما بانني تعمدت توقيت زيارتي في خارج موسم الزيارات وما اكثرها والحمد لله . لا اريد ان ادخل في تفاصيل الاضرار التي الحقتها بكربلاء مواكبُ قطعت مئات الكيلومترات وسط مخاطر امنية محدقة من اجل الوصول الى رحاب الحسين ، فتفصيل ذلك سبقتني اليه وسائل اعلام متعددة ، لكنني عندما كنت اقرأ هذه التفاصيل نقلا عن المحافظ ظننت ان من اَلحقَ هذه الاضرارَ الجسيمةَ هم عناصر في تنظيم القاعدة او نظراؤهم من اشباه الرجال الذين اندسوا بين صفوف الزائرين لتشويه المناسبة وحرفها عن هدفها الايماني الشامخ . لكنني سرعان ما تراجعت عن تصوري هذا مستعيذا بالرحمن الرحيم من غفلتي وسهوي ، اذ تذكرت راساً بان المنطق الوهابي في التعامل مع هكذا مناسبات لا يسمح باقل من قطع الاعناق والارزاق معا ، اما "لعب العيال" كالحاق اضرار اقتصادية او تشويه سمعة مذهب فهذه من المهام التي لم تدخل ادبيات تنظيم شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه البار محمد بن عبد الوهاب ابدا ولا اظنها داخلة . بُعدي الجغرافي عن اجواء زيارة الاربعين والانشغال في تأمين لقمة العيش للزعاطيط حرماني من متابعة الكثير من وقائعها، لكنني اتصور ان الكثير من المواكب الحسينية وهي بالالاف ان لم تكن اجمعها تحمل لافتات خطت عليها صرخة الامام الحسين المدوية : "اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي" . لا استطيع ان اتصور ان من يحمل هذه اللافتة وآلاف العشاق الحسينيين الذين يسيرون مشيا على الاقدام وراءها هم الذين اتهمهم محافظ كربلاء بالحاق هذه الاضرار الفادحة بمدينة يفترض بنا - نحن عشاق سبط الرسول - ان نحولها الى حاضرة تتضاءل امامها دولة الفاتيكان بكل ما اوتيت من فتنة وجمال . ان اريد الا الاصلاح ما استطعت ، وما توفيقي الا بالله
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
حميد آل جويبر

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat