الولاية الخامسة واطراف كرسي الرئاسة في الجزائر
د . اسعد كاظم شبيب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . اسعد كاظم شبيب

تمر الجزائر هذه الايام بحراك شعبي كبير بعد ان اعلن مقربين من الرئيس الجزائري المخضرم عبد العزيز بوتفليقة عن نية الاخير الترشح لولاية خامسة لرئاسة الدولة الجزائرية، عندما اعلن مقربون من نظام الرئيس بوتفليقة من انه سيقدم للترشيح لولاية خامسة وهو ما اثار ابتداءاً سخط الشباب في المدارس والجامعات وليتشكل بعد ذلك راي عام معارض محتج لترشح بوتفليقة لولاية خامسة تمثل بنشاط متواصل عبر السلوك بالمظاهرات الاحتجاجية في عدد من المدن الجزائرية ومنها العاصمة الجزائر، ومدينة وهران وغيرهما، كما اعلنت عدد من الجمعيات دينية، وحزاب سياسية في الجزائر مساندتها لمطلب المحتجين، ويعود سبب الاعتراض على ترشح الرئيس الجزائري لأسباب مختلفة منها تقدمه بالسن، وحالته الصحية، الذين جعلته عاجز عن الحركة واداء عمله بصورة طبيعة او حتى شبه طبيعة، وشكلانية الحياة السياسية والانتخابية برغم من وجود التعددية الحزبية والانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتعديله الدستور الجزائري من اجل استمراره في السلطة شانه في ذلك كل حكم العرب ولعل ليس اخرهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حيث طالبت الجبهة البرلمانية المقربة منه تعديل الدستور لكي يستمر في الرئاسة لغاية2034.
الرئيس بوتفليقة الذي لا يزال ماسك بكرسي الرئاسة منذ العام 1999 وجدد له لولايتين حسب الدستور الجزائري النافذ، ففي عام 2008، اعلن بوتفليقة نيته الترشح لولاية ثالثة بعد ان شكل لجنة لتعديل الدستور اذ عدلت بموجب ذلك للمادة 75 من الدستور التي تسمح له بالترشح لولاية ثالثة، وفي 9 أبريل 2009 كان له ما اراد اذ اعيد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة للمرة الثالثة على التوالي بأغلبية ساحقة قدرت بنسبة 90.24% مثلما اعلنت وزارة الداخلية في الجزائر. ومع انتهاء الولاية الثالثة في اواخر عام2013 حاول نظام بوتفليقة الاستفادة من فوضى التنظيمات الارهابية التي ضربت عدد من الدول كالعراق، وسوريا، وليبيا الجار العربي الافريقي لجزائر، حيث تعبث فوضى الارهاب والمجموعات المسلحة الاسلامية والقبلية دورا عبثيا جعل ليبيا في اتون حرب اهلية ليعلن بوتفليقة ترشحه لولاية رابعة في العام2014لاسيما الجزائر لا تزال تعيش هاجس الخوف من التنظيمات الارهابية التي سبق وان ضربت الجزائر وكانت طرفا بالحرب الاهلية التي اندلعت بعد العام1990من هنا صور اركان نظام حكم بوتفليقة، ان الرجل المعقد على كرسي الرئاسة وجوده على قمة السلطة قد يكون ضرورة في مواجهة التحديات التي تمر بها العالم من ازمات سياسية وتفشي ظاهرة الارهاب، ويبدو ان هذا التعليل يدحضه التحس النسبي وتحقيق الانتصار على ظاهرة الارهاب في عدد من الدول كطرد تنظيم داعش من العراق وتحسن الامني في سوريا ولكن لا تزال التوترات قائمة في ليبيا.
ومما تقدم يعرض التساؤل الاتي: ما لذي يدفع بوتفليقة ليعلن الترشح لولاية رابعة، ومن ثم ولاية خامسة مع حالته الصحية البدنية الحرجة وتقدمه السن وعجزه بصورة شبه تامة عن اداء ابسط المهام، هل وجوده فعلا ضرورة لأمن واستقرار الجزائر، اما الامر يتعلق بالمصالح السياسية التي يضمنها استمرار وجود بوتفليقة الرمزي والشكلي لأركان واعضاء حكومته وحزبه، في الاجابة عن التساؤل الاول يظهر ان الضرورة التي اقتضتها وجود بوتفليقة في سدة السلطة يمكن تحليها من زوايا مختلفة منها ان تحدي الارهاب، ان الجزائر منذ تجاوز محنة الحرب مع الارهاب والمجموعات الاسلامية بعد ازمة الانتخاب في العام1990 لم يعد خطر الارهاب يشكل تحدي بارز حيث تعيش الجزائر استقرار داخلي ، وهناك سيطرة امنية على الجيوب الارهابية الا ان هناك جماعة البربر كجماعة اجتماعية عرقية تقطن في منطقة القبائل وتشكل اغلبية فيها، قد تشكل تحدي اذا ما حركتها الاجندات السياسية، وقد انتفضت عدد من المرات في العقد الاخير، وهذا التحدي لم يكن يشكل ازمة اجتماعية مع باقي فئات الشعب الجزائري وانما صراع البربر كان في جزء منه مع السلطة وقواتها الامنية، لكن قد تنمي هذه الجماعة الاجتماعية طموحها من جديد، وقد تصعد في مطالبها كالمناداة بالانفصال او الحكم الذاتي اذا ما كان هناك واقع سياسي غير مريح بالنسبة لهم، اما الاجابة عن التساؤل الثاني فيمكن الاجابة عنه ما ان الرئيس الجزائري يدرك صعوبة حالته الصحية وفق ما يشير عليه الاطباء بالتأكيد!، لذا ما الذي يدفعه لإعلان تمسكه بالسلطة خاصةً وان هناك الكثير من الجزائريين يشيد بما قدمه بوتفليقة للجزائر في طوال السنوات الماضية، ويمنون النفس ان يترك الرئيس المخضرم السلطة ويسلمها بطريقة ديمقراطية سلمية لمن يضع الشعب الثقة به، ويرجع مراقبون ان المقربون او اركان نظام حكم بوتفليقة الذين يسيطرون على كل مؤسسات الدولة منذ العام1999 قد يكونوا هم الدافع الاساسي في اعلان ترشح بوتفليقة لولاية رابعة ومن ثم ولاية خامسة لضمان استمرار وجودهم في السلطة، وبالمقابل فان انتخاب قيادة جديدة من الاحزاب المنافسة قد يقضي على تغلغلهم في مؤسسات الدولة، وبالتالي لم يكن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة المقعد بسبب المرض والذي عدل له الدستور من اجل الاستمرار في السلطة، وانما هناك اطراف اخرى واهمها اركان حزبه وحاشيته الذين يمسكون بكل مؤسسات الدولة، وهناك الطرف الثالث الذي دخل على الخط بقوة وهي الاحزاب السياسية، والقوى الأهلية التي قد تكون المصد الرادع لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة وقد تنجح في ذلك اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان هذا الترشح كان مخالفا للدستور قبل التعديل في العام2008وهناك اسباب شخصية قد تدفع بالرئيس بوتفليقة نفسه بالخروج عن رغبة المقربين منه بالانسحاب عن سباق الرئاسة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat