معادلة الخلق كإشكالية بين الموت والحياة
عقيل العبود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عقيل العبود

قال الله سبحانه وتعالى في سورة الملك: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ.
هنا في الآيتين المباركتين معادلات اربع. الأولى الملك، والثانية الخلق، والثالثة الموت والحياة، والرابعة البلاء.
أما الملك فمعناه ان المالكية مخصوصة بوجوده تعالى، فهو المالك لا غير، والمالكية هنا تفيد في معنى الخلق، باعتبار ان الله خلق الكائنات وهذا الخلق اثاره تقع في مستويين، الأول الدنيا، والثاني الآخرة.
فالمخلوق امتداد لعالم الخالق وهذا الامتداد يمثل العلاقة، اوالخط الزمكاني بين المخلوق وبين الخالق، وهذه العلاقة لها خطين الأول المستوى المادي المرتبط بالملكيات والحاجيات المادية المتمثلة بالمكان الذي يشغله العبد والمقررة بالزمان وهي تمثل الخط الأفقي.
وأما الخط الثاني فهو المرتبط بالحاجيات الروحية أي الامتداد العمودي بين عالم الخلق وعالم المخلوق ،علاقة العبد مع المعبود، هذه الصورة هي حقيقة الروح البشرية هي الحقيقة المخلوقية المتجلية في عالم الأرض والمنعكسة في عالم السماء.
إذن الملك ليس المقصود به ما يفهمه البعض على انه ما يمتلكه الإنسان من أشياء كالمال والبيت والأولاد، إنما هو ملكية الزمكان، فهو الانتقال من عالم المادة الى عالم اللامادة، أي من الدنيا الى الآخرة.
ولذلك معادلة الخلق في الآيتين تعني الخلق المادي الأرضي، والخلق اللامادي السماوي، فالخالق من خصائصه انه يحيي ويميت، ويميت ويحيي.
والإنسان من خصائصه انه كائن حي وميت، وميت وحي، فهو حي لأنه يعيش من زمن الى زمن، وميت لأنه فان في الزمن المحدود، لكنه حي بعد موته في الزمن الممدود، ولذلك فالموت خلق بعد الحياة، والحياة الدنيا موت بعد الخلق.
أما المقصود في ليبلوكم أيكم احسن عملا، فهو ان الإنسان كتب عليه الصبر ليكون قادرا على تحمل الأمانة الخالقية في عالم الأرض وقد وقع التخصيص مع من احسن عملا، وهذا معناه ان الاختبار يقع بين المؤمنين الذين يتسابقون بالصبر في هذه الدنيا طلبا لمرضاة الله، ومنه صبر الإمام الحسين(ع) في طف كربلاء وكذلك صبر الأنبياء والصالحين والأولياء من السابقين، ولذلك يصبح على الإنسان ان يفهم المعنى الدقيق لكلمة الصبر لمواصلة السير بإتجاه خالق الكون، لذلك قوله سبحانه ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat