باجة وكسور... واربعة نذور...!!
احمد لعيبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
احمد لعيبي

في دراستنا الإعدادية كنا نتناوب كل شهر للذهاب إلى مدينة الكاظمية المقدسة لزيارة باب الحوائج موسى بن جعفر عليه السلام وتناول اكلتنا المفضلة والرخيصة وهي اكلة الفشافيش التي انقرضت في وقتنا الحاضر بسبب كثرة الاكلات الخفيفة وتنوعها والحقيقة ان الفشافيش كانت اكلة طيبة ورخيصه وتعتبر من اللحوم وان كانت لحوم مطاطه تثبت بالفم مع راس البصل المجاني الذي يعطيه صاحب عربة الفشافيش لنا....
وذات يوم دعوت معي قسمآ من الأصدقاء الى الكاظمية للزيارة ولتناول الفشافيش التي لاترهق الجيب وبعد الزيارة مباشرة قصدنا سائق العربة التي تبيع لكن حظي العاثر يومه لم يجعلنا نجده وسالت عنه فقيل ان لديه فاتحة منذ يومين وطبعا هنا مشكلة كبيرة لي وانا صاحب الدعوة وخصوصا ان من ضمن اصدقاءنا شخص مسيحي وآخر تركماني سني اتذكر ان اسمه ستيوارت وامورهم المادية جيدة فأقترحوا علي ان نستبدل الفشافيش بالباجة والكسور فوافقت وكنت اظن انهما نفس السعر ووصلنا الى مطعم للباجة قرب ساحة العروبة وجلسنا نحن الخمسة وتفحصت جيبي على عجالة فوجدت فيه بضعة من الدنانير وقبل ان يطمئن قلبي طلب المسيحي نفر من الكسور وطلب التركماني نفر من الباجة وطلب الآخران مثلهما فيما تاخرت بطلبي وذهبت للمغاسل لاعد نقودي فوجدتها لاتفي إلا في حالة عدم طلبي لأي شيء فعدت وقلت لصاحب المطعم اني لا اريد وانه نذر علي ان لا اتناول شئ في زيارتي قبل النجاح تلافيا للإحراج..
تناولنا الباجة ودفعت الحساب وكان شخص يبيع الطاطلي واشتريت لهم ولم اتناول لنفس السبب لاني دفعت وكل نقودي نفدت واقترح احدهم ان يستأجر تكسي فقلت له ناذر ارجع ب تاتا وكان نذري الثالث والحقيقة انني كنت انتظر ابن جيراننا الذي يعمل سكن في التاتا ليوصلنا للبياع مجانا على حسابه وبعدها تفرقنا كل إلى منزله ولم يشعر احد منهم بالحادثة وكنت ناذر ان اخبرهم اذا نجحت ولكن نذري الرابع لم يتحقق فقد نجحت في الدور الثاني وهم نجحوا فى الدور الأول وهاجروا خارج العراق مباشرة..
بعد كل هذه الأعوام لازالت هذه النذور والقرابين نقدمها والبعض لايشعر ولايعرف بقيمتها ونحن نحتضر مرة من الحسرة ومرة من المرارة...
ولكن هناك من ينذر صمتآ عن انتهاك شعبه وحرمة فقرائه ولاندري متى ينتهي نذره كي يتكلم بهموم الناس ويرفع المظلومية عنهم...
لازلت اتذكر نذوري الاربعة ولازلت انظر لاصدقائي كيف يأكلون وانا اتضور جوعآ والوم بداخلي صاحبة العربة الذي يطبخ الفشافيش والتي لعل امانة بغداد صادرتها واكلت فشافيشها...!!
متى ينذر الساسة للوطن قمحآ وملحآ وعافية وكهرباء..
ومتى ينذر الارهابيون صمتآ عن وطننا المأكول...
متى يارب...؟
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat