التفكير الصادق والتفكير الصحيح
زعيم الخيرالله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
زعيم الخيرالله

الانسانُ بطَبيعَتِهِ كائِنٌ مُفَكِّرٌ، وهذا مايُمِيِّزُهُ عن سائِرِ العجماوات ؛ ولذلك يمكنُ أنْ نُطْلِقَ صفةَ مُفَكِّر على هذا الكائن المُتَمَيِّز . وَخاصيّةُ التفكير هذهِ التي يَتَمَيّزُ بها الانسانُ هي خاصيّةٌ تَشْكِيكِيَّةٌ - حسب تعبيرات الفلاسفة - اي أنَّها واحدةٌ في جميعِ افرادِ النوعِ الانسانّي ، ولكنّها تختلف في مراتبها بين افراد هذا النوعِ . فنجدُ بعضَ الناس يُفَكِّرُ تفكيراً سَطْحِيّاً ، وبعضهم يفكر تفكيراً عميقاً .والتفكير انواع ، فهناك تفكيرٌ علمِيٌّ وهناك تفكيرٌ خُرافِيٌّ .وهناكَ تفكيرٌ سريعٌ يمارسهُ الاذكياءُ ، وهناك تفكيرٌ بطيءٌ يمارسهُ محدودو الذكاء.
عملياتُ الخداعِ في التفكير
-------------------------
ليسَ كلُّ عمليّةِ تفكيرٍصحيحةٍ ، هي صادِقَةٌ ؛ لأنَّ الصِّحَةَ تعتمدُ على ترتيبِ مقَدِّماتٍ صحيحةٍ وفق قواعدِ علمِ المنطق ، وقد لاتكونُ هذهِ المقدِّماتُ صادقةً ؛ فتكون عمليّةُ التفكيرِ صحيحةً ولكنَّها غيرُ صادقةٍ . فمثلاً لو شكَّلنا قياساً مَنطِقِيّاً من مقدمتينِ :
( كل الاقوياءِ ظالمون ) كبرى كليّة
(زيدٌ من الاقوياء) صغرى جزئية
فستَكونُ النتيجةُ : ( زيدٌ ظالمٌّ) .
النتيجةُ التي توصلنا اليها من خلالِ هذا القياس المُكَّوَن من مقدمتينِ كبرى وصغرى ، اننا نجد ان عمليةَالتفكيرِ هذهِ صحيحةٌ وفقَ قواعدِ علمِ المنطقِ ، ولكنها ليست صادقة ؛لأنَّ الكبرى غيرُ صادِقَةٍ ؛ فالنتيجةُ ستكونُ غيرُ صادِقَةٍ .
ومن عمليات الخداعِ في التفكير ، الانطلاقُ من افكارٍ مسبَقَةٍ ، وترتيب مقدمات للوصول الى النتيجة المقررة سلفاً في أذهاننا ؛ وذلكَ لأنَّ أفكارَنا المُسبَقَةَ بحاجةٍ الى اخضاعها الى فحصٍ واختبارٍ قبل ادخالها في قياس منطقي .
الصِّحَةُ في التفكير الفقهي
------------------------
الفقهاءُ يتحدثون عن صحة الصلاةِ وصحةِ الصوم ، وفق القواعد والشروط التي وضعوها للصحة ، ولكنَّهم لايتحدثون عن القبول ؛ لان القبول يشتَرِطُ صحةَ هذه الاعمالِ في الواقعِ ونفسِ الامرِ .
تطور عمليّةِ التفكيرِ وتكاملِها
---------------------------
الانسانُ ومنذُ فجرِ وجودهِ على ظهرِ هذا الكوكبِ ، حاول تفسير الاشياء والظواهرِ التي تحيطُ به ؛ ففَسَّرَ ظاهرةَ البرقِ بغضبِ الالهِ جوبيتر . ولكنَّ هذا التفسيرَ الخرافيَّ ، هو دليل على ان الانسانَ كائن مفكر ، يحاولُ ان يفسرَ الاشياءَ والظواهرَمن حولِهِ.
التفسير الخرافي هو محاولة للتفسير والفهم ، والدين قدم للانسان رؤية كونية في تفسير الكون . والفلسفة حاولت ان تقدم رؤيةً وتفسيراً ؛ وذلكَ لأنَّ مهمةَ الفلسفةِ هي التمييزُ بين الواقعيات والاعتباريات والوهميات . ( راجع بداية الحكمة ، للعلاّمة الطباطبائي ) .
وفي الختام : لابدّ من قراءةِ الافكارِ قراءةً عميقةً ، ولابدَّ من إخضاعِها لنقدٍ دقيقٍ . ولابدَّ من ملاحظة عمليات الخداع في طرائق الاستدلال حتى لانقعّ في فخاخِ اجنداتِ اصحابِها المريبة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat