صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

لماذا البحث في الأديان. 
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قد يسأل البعض عن سر الاصرار على مقارنة الاديان وعقائدها والبحث في الأديان السابقة ومقارنة ما جرى في هذا الدين على ضوء ما جرى على أنبياء تلك الاديان وصحابتهم وكتبهم ورسالاتهم ، واقول: أن السبب في ذلك هو اشارة الأنبياء إلى ما سوف يحصل من تدخل خبيث لهدم اي دين جديد يأتي بالخير للبشرية على يد كهنة الدين القديم الذين تضررت مصالحهم وسُلبت امتيازاتهم بسبب الدين الجديد، ولذلك يعمدون إلى خلق جيل من المؤمنين بالدين الجديد يدين بالولاء لهم لكي يُمزقوا الدين الجديد على أيديهم شرّ ممزق، وقد اشار الانبياء إلى ذلك حيث اشار موسى إلى فتنة السامري وصافوراء ابنة كاهن ميديان وانقلاب صحابته، وكذلك اشار السيد المسيح إلى عملية الاندساس الخطيرة في دينه فقال (احذرروا الأنبياء الكذبة).

ووصفهم بأنهم ذئاب خاطفة لربما ترتدي ثياب الحملان وقلوبها قلوب الذئاب وقال بأن لهم القدرة على الإيقاع حتى بالصالحين. والدين الإسلامي أيضا أشار إلى ذلك على لسان رسوله العظيم محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما قام خطيبا في قومه وأشار إلى بيت معين من بيوت المدينة وقال : (من هاهنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان).
ثم اخبر اصحابه جميعا فقال لهم : (لتتبعن سنن اليهود والنصارى حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلتم ورائهم). وأشار القرآن إلى عملية ارتداد خطيرة ستجري في هذا الدين فقال تعالى محذرا منها : ((ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة).

وكذلك أشار إلى انقلاب خطير في جيل الصحابة الأول فقال تعالى : (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن ماتَ أو قتل انقلبتم على أعقابكم). ناهيك عن الاشارات والمبشرات الطيبة التي حفل فيها القرآن حول نوع معين من المؤمنين تجد اوصافهم في التوراة والإنجيل فوصفهم تعالى بقوله : (محمد رسول الله والذين معهُ أشداء على الكفار رحماء بينهم .. ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل).

ثم أشار القرآن إلى أتباع الأديان الأخرى ووصفهم باوصاف شتى ووضع لهم احكام شتى فوصف اليهود مثلا بانهم : ناقضوا العهود ، محرفون للكتب السماوية، يقتلون الانبياء من دون حق او ذنب جبناء يستعينون بالآخرين للقتال نيابة عنهم وإذا اضطروا للقتال فلا يُقاتلون الناس إلا من وراء اسوار او قرى محصنة تحصينا كبيرا وإذا حاصرهم عدوهم ينتحرون جميعا ولا يواجهون.وقال أن بين اليهود والنصارى عداوة قائمة إلى يوم القيامة. (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء). ثم مدح امة النصارى فقال : (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى).

باختصار اقول ان علم مقارنة الاديان علمٌ خطر جدا ارتكزت عليه الكثير من المؤامرات التي استهدفت الأديان لأن هذا اللون من العلوم يتبع بصورة خفية نظرية إعادة كتابة التاريخ ، حيث كانت البداية من أوربا والحديث في بدايته بعنوان ( المراجعة) حيث تستهدف هــذه المراجعة إزالة كل ما هـو ضد اليهود في الكتب الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية بحجة محاربة ظاهرة العداء للسامية . ولانجاح ذلك في أوربا اولا عرفوا بأن ذلك لا يتم إلا بإزالة عقبة تواريخ الأمم الأخرى من أمامهم بما تحمل هذه التواريخ من قيم سامية وفضائل راقية وعلى رأسها لأديان وسير الأنبياء، ومن هنا رشحت فكرة مقارنة الاديان من نظرية إعادة كتابة التاريخ. ولكن من هم المؤهلون لذلك ؟

واقول : هناك نقاط منهاجــية تختص بتحديد الإطار المسموح من ممارسة البحث في الأديان وعملـــية إعادة كتابــة التاريـخ التي ترشح منها من حيث المبررات والشروط ومساحة العــمل.على أن تكون هناك نقاط منهاجــية أخرى تختص بتحديد مواصفات الباحث القادر على خوض المهمة بكفاءة وأمانة ومن دون ذلك يفسح المجال لكل من هب ودب ان يحشر انفه فيتم نسف الثابت الصحيح من تاريخنا تحت مبرر إعادة كتابة التاريخ او مقارنة الأديان، وحتى بعض من يمتلكون الكفاءة لذلك ولكنهم يفتقدون الشجاعة فيخشون الاقتراب من بعض الثوابت الوهمية التي قد يوحي تناقلها والتسالم عليها في مصادرنا ، قدسية تمنع الآخرين من الاقتراب منها نقدا أو دراسة فضلا عن نسفها وتجاوزها أصلا.

أن علم مقارنة الأديان المنبثق عن الدعوة لإعادة كتابة التاريخ لها صلة وثيقة بالهجمة الثقافية الشرسة التي يحاول العدو اليهود الصهاينة من خلالها احتلال مساحة العقول بدلا من احتلال الأرض ولذلك نرى أن هذه الدعوة لم تلق استجابة جادة من النخبة الواعية من علماء الأمة واغلب هؤلاء من علماء الشيعة، ومن المثير للدهشة أن بروز فكرة مقارنة الأديان وإعادة كتابة التاريخ في عالمنا الإسلامي سبقتها نفس الفكرة في أوربا والغرب والأغرب من ذلك ان قاعدة انطلاق ذلك هو الدولة العبرية في إسرائيل، وقد كان التشابه في هذه الدعوة عجيبا حيث تم توجيه الدعوة في اوربا والغرب ــ بعد الحرب العالمية الثانية ــ لإعادة كتابة التاريخ انطلاقا من مقارنة الأديان ولكن على أساس حذف النصوص والوقائع التي تسئ للعنصر اليهودي ومعادات السامية. 
وإلا بماذا نفسر قيام بعض الحكومات العربية بإزالة كل ما هو ضد اليهود من المناهج الدراسية ، حيث أصدرت هذه الحكومات قرارا (منعت فيه قراءة الآيات القرآنية التي تصرح بكفر اليهود . وكذلك قامت هذه الدول بالدعوة الجادة إلى إعادة كتابة المناهج الدراسية وحذف النصوص والعبارات المعادية لليهود والكيان الصهيوني وشملت عملية إعادة النظر والحذف دروس التاريخ ، واللغة ، والعلوم الاجتماعية ، والدين . وفي دراسة سريعة لما في الكتب العراقية نجد مصاديق ذلك باوضح صورها خصوصا بعد سقوط صدام سنة 2003. حيث تتضح حقيقة اسرار احتلال العراق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/12



كتابة تعليق لموضوع : لماذا البحث في الأديان. 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net