شبهة مجهول المالك ! (وأموال الدولة)
ابو تراب مولاي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ابو تراب مولاي

١ - تعريف المال المجهول مالكُه :
هو كل مال - غير ضائع - له مالك ولكنه غير معروف . فما يُشاع من أنّ المال المجهول المالك ليس له مالك شرعاً غيرُ صحيح .
ويُعنى بالملكية : إضافة المال إلى شخصٍ ما - أ -إضافة ابتدائية كحيازته الأرض الموات أو الأخشاب من الصحاري والغابات . - ب - أو إضافة ثانوية بالإرث أو البيع وما شاكل .
( للتفصيل أكثر راجع التنقيح في شرح المكاسب / بداية البيع ) .
إذاً .. فالملك يحصل بالأسباب القهرية كالإرث أو الاختيارية كالمعاملات مثل البيع والإجارة ونحوها وكالإيقاعات مثل الهبة وأشباهها ، أو نحو ذلك .
٢ - المسؤولية الشرعية تجاه المال المجهول مالكه بحسب فتاوى الفقهاء :
إنّ المسؤولية الشرعية تجاه المال المعلوم مالكه هي عدم جواز التصرّف به إلا بإذنٍ من المالك ، ولو أُتلف ذلك المال فهناك طريقان لبراءة الذمة منه :
الأول : أن يغرم المتلف ما أتلفه للمالك المعلوم .
الثاني : أن يطلب براءة الذمة منه من دون أن يغرم المال الذي أتلفه ، فإن قبِل المالك فقد برئت ذمة المُتلف .
أما إذا أُتلف المال المجهول المالك فليس هناك ما يبرئ الذمة غير أن يغرم المال الذي أُتلف بعد البحث عن المالك واليأس من معرفته .
وهذا يعني أنّ الفقهاء يتشددون تجاه المال المجهول مالكه أكثر من المعلوم المالك .
قال السيد السيستاني ( دام ظله ) :
مجهول المالك هو المال الخارجي الذي يعود لشخص مجهول وحكمها واحد من حيث وجوب التصدق بعد الياس من التعرف على صاحب الحق . ( م / موقع مكتب سماحته )
٣ - حكم أموال الدولة عند الفقهاء :
مع غض النظر عن ماهية الدولة ، وهل الدولة تملك أو لا ؟ وهل الأموال التي بحيازتها تعود ملكيتها لها كمؤسسة أو للشعب ، وغير ذلك من التفاصيل والفلسفات .. فإنّ أموال الدولة لها مالك وليست سائبة ، ولا يجوز التجاوز عليها من دون مسوّغٍ شرعي وقانوني معاً .
قال السيد السيستاني ( دام ظله ) :
لا يجوز التصرف في ممتلكات الدولة إلا بإذن الجهة المسؤولة عن ذلك بحسب القانون . (موقع مكتب سماحته)
قال الشيخ الفياض بعد أن سُئل عن أخذ بعض الأغراض من دوائر الدولة وصرفها على محتاجيها : إن كان عملك هذا مخالفاً للقانون والتعليمات الصادرة من قبل الدولة فلا يجوز (موقع مكتب سماحته )
٤ - ما علاقة الفقيه بالأموال المجهولة المالك :
إنّ القدر متيقّن أنّ للفقيه الولاية على بعض الأمور التي لولا ولايته تؤول إلى الضياع .. كالأوقاف وأموال الطفل الذي لا ولي له والحقوق الشرعية ، ومن تلك الأمور المال المجهول مالكه .
قال الشيخ الأعظم الأنصاري : ولو احتاج الفحص - عن مالك مجهول المالك - إلى بذل مال كأجرة دلال صائح عليه ، فالظاهر عدم وجوبه على الآخذ بل يتولاه الحاكم - الشرعي - ولاية عن صاحبه ويخرج عن العين أجرة الدلال . (المكاسب / بحث مجهول المالك)
معنى هذه الولاية :
وولايته فيها لا تعني تملّكه لها بحالٍ من الأحوال - كما ادعى ذلك بعض المجهولين - بل لإدارتها بما ينسجم مع مصلحة المالك كما في أموال الطفل الذي لا ولي له إذ يجعل عليه قيّماً أميناً من أقارب الطفل أو من غيرهم ، أو لتوجيه صرفها على مستحقيها كالمال المجهول مالكه وهم الفقراء حصراً وكذا الحقوق الشرعية .
٥ - مصرف مجهول المالك في فتاوى الفقهاء :
قال الشيخ الأعظم :
ثم يتصدّق بالباقي - من مصرف البحث - إن لم يوجد صاحبه . ( المصدر السابق)
وقال السيد السيستاني :
مجهول المالك إنما يتصدق به على الفقراء ولا يصرف على المشاريع الخيرية، ويمكنكم التصدق بما يقع منه في يديكم ( موقع مكتب سماحته )
وقال السيد محمد سعيد الحكيم :
مصرف مجهول المالك الفقير ، وإن كان هاشمياً . ( موقع مكتب سماحته )
وقال الشيخ الفياض :
مصرف مجهول المالك الفقراء والمساكين ( موقع مكتب سماحته ).
وقال السيد محمد صادق الروحاني : لا شبهة في أنّ الحاكم - أي الفقيه - بنفسه ليس مصرفاً لهذا المال . يعني مجهول المالك . ( منهاج الفقاهة ج٣ ص٣٤٣)
٦ - ويظهر بما تقدّم :
١ - عدم صحة كون أموال الدولة بلا مالك - شرعاً - سواءٌ كانت بحكم مجهول المالك أو بحكم معلومه .
٢ - إنّ المسؤولية مضاعفة شرعاً في حال كانت الأموال مجهولة المالك ، وينبغي أن تكون لتلك الأموال - في هذا الحال - حرمةً وحصانة مشدّدة .
٣ - تدليس من يقول إنّ الفاسدين يمكنهم الاعتماد على مسألة مجهول المالك في سرقة المال العام .
٤ - لا علاقة للفقهاء بهذه الأموال سوى إجازتهم بصرفها على مستحقيها وهم الفقراء حصراً .
٥ - فتاوى الفقهاء تصبّ في صالح حفظ أموال الدولة والتشدّد فيها زيادةً على الأموال الشخصية .
كُتب على عُجالةٍ لضيق الوقت
- آملاً في كتابة ماهو أوسع من ذلك فيما بعد -
في ١ جمادي الآخرة
١٤٤٠ للهجرة
النجف الأشرف
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat