برلمان اللحظات الأخيرة ...هل سيُطوى قبل أوانه / قراءة في جلسة التنصيب
عبد الامير الصالحي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
\"جلسة كشف المستور \" هو الوصف الأقرب لجلسة البرلمان العراقي العاصفة بأحداثها والتي صُوت فيها على الرئاسات الثلاث ، فيما كان يُلزم أن تسير بشكل طبيعي بعد أن استهلك القادة السياسيون الأشهر تلو الأشهر للمباحثات والتفاهمات ، مما جرَّ على البلاد والعباد باهض ألاثمان.
لايوجد شي جديد في الجلسة- على اعتبار أن أسماء المرشحين للمناصب الثلاث قد تناولهم الإعلام قبل انعقاد الجلسة- إلا الورقة التي أعلن عنها رئيس البرلمان الجديد عن القائمة العراقية أسامة النجيفي وكشف فيها المستور، او الذي كان ينبغي ان يكون مستورا، ألا وهي الورقة التي تقضي برفع الاجتثاث عن المطلك والعاني والعوادي - وهم ممن ابعدوا عن مخاض الانتخابات البرلمانية بقرار الاجتثاث لأصولهم البعثية - وقد بينت الورقة أن إتفاقا وقّع بين رئيس ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء السيد المالكي مع رئيس إقليم كردستان بمعية رئيس القائمة العراقية إياد علاوي تقضي برفع الاجتثاث عنهم مما يعني رجوعهم إلى الحياة السياسية (ولا من شاف ولا من دري) ، حيث انكشف إن توقيع الاتفاقية هو ثمن التآم المجلس النيابي.
إن السياق الطبيعي للبرلمان وبحسب النصوص الدستورية تؤكد على انتخاب رئيس البرلمان بعد رئيس الجمهورية الذي يقوم بدوره بتكليف القائمة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة، إلا أن تعقيدات المشهد العراقي وما صاحب ذلك من مد وجزر حال دون تحقيق ذلك وفق الأسقف الدستورية المحددة طوال تلك الفترة التي اتخَمنَا بها سياسيونا بالتصريحات التي تعقب تزاورهم طوال الفترة الماضية ، والتي تبينَ فيما بعد خصوصا في جلسة الخميس أنها لذر الرماد بل كانت ترف كلامي لايسمن ولايغني من جوع.
ولانريد أن نرسم صورة تشاؤمية حول الوضع القادم وما سيرافقه من أحداث ومجريات قد لاسامح الله تُنقِض الغزل الذي ابرم ، إلا إن جلسة التنصيب كشفت التالي:
1. فقدان الثقة بين الأطراف والكتل السياسية كافة ، مما ينذر بتشظيها في أي لحظة تتلاقى بها على أمر مختلف ، وما موقف العراقية التي ( خوّنت) الأطراف الأخرى واتهمتهم بنكث الاتفاق معلنة انسحابها من الجلسة إلا دليل على ذلك المشهد الضبابي ، يضاف إلى ذلك غياب لغة التفاؤل والاستشراف للمستقبل في ثنايا كلمات ووجوه من تكلموا ومن حضروا.
2. إن الفترة الماضية والمباحثات المارثونية والتزاور والتصريحات التي كانت تعقب اللقاءات وتتحدث عن ( تقارب وجهات النظر) ( إن المباحثات كانت ايجابية) ( إن نقاط الاتفاق أكثر من نقاط الخلاف) و( تطابق في وجهات النظر) وهي التصريحات التي يطلقها المتزاورون من على شاشات الفضائيات ، كلها كانت هواء في شبك ، فيما المواطن المسكين يردد في مجالسه ونواديه ما يتحذلق به السياسيون على أمل أن يكون الفرج قد اقترب .
3. إن سياسة \"كسر العظم\" التي تنتهجا القوى السياسية تجاه القوى الأخرى لاسيما شركائها ، تُخطر بان المشهد القادم هو مشهد ( الأقوى) على الساحة، وهذا يعني إن الأطراف الأخرى ستعمل على سياسة المحاور تجاه الآخرين وهذا المحور تجاه ذاك المحور ، وهو أمر لايحتاج إلى توضيح بشأن عواقبه وكوارثه على المشهد العراقي المتأزم أصلا.
4. تراكم الخروقات الدستورية في البلد وانتهاك حرمة القوانين ينذر بخطر فقدان هيبة القانون والدولة على حد سواء ، فتعطيل الدستور وإعطاء الظهر لما نص عليه وعدم التقيد بالمُدد الزمنية التي حددها ، ناهيك عما حصل في داخل البرلمان من كشف لاتفاق كان حريّ بالموقعين عليه أن يجعلوا من المسالك القانونية والقضائية هي الفصل فيه، تجعل المواطن يتساءل عن جدوى القوانين والقضاء إذا ما كان الرأي السياسي ومصلحة الأفراد هي السائدة بل هي المرجع والمأوى.
5. إن حكومة تتشكل وسط هذه الأجواء يستبعد أن تنهي مدتها الدستورية والقانونية بنجاح واطمئنان عاليين ، بل إنها ستكون اقرب إلى حكومة أزمات وحلول وقتية رضائية لهذا الطرف اوذاك ، ولايخفى أن الخطورة هنا تكمن في وجهين الأول انهيارها وعدم ديمومتها ، والآخر انشغالها بنفسها عن المواطن الذي طال انتظاره وصبره في رؤية حكومة ترعاه وتهتم بشؤونه لا أن تبحث ما يقوّم وقوفها على أقدامها.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الامير الصالحي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat