اتفاق استوكهولم: الاستجابة السعودية والضغط الغربي
د . اسعد كاظم شبيب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . اسعد كاظم شبيب

بعد سنوات من الحرب في اليمن وقع ممثلي الاطراف المتصارعة اليوم في العاصمة السويدية استوكهولم اتفاق اولي لتسوية الصراع في محافظة الحديدة، حيث اكد الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس بان الاتفاق يقضي بانسحاب لكافة القوات من المدينة والميناء، وأوضح أن الأمم المتحدة ستتولى دور"مراقبة الميناء، بينما ستشرف قوى محلية على النظام في المحافظة"، على أن تتولى السلطات المحلية الإشراف على المحافظة وفق القوانين اليمنية، وستشرف لجنة تنسيق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة، هذا إلى جانب عملية إزالة الألغام من الحديدة ومينائها، وينص الاتفاق أيضا، أن تودع جميع إيرادات موانئ محافظة الحديدة، والصليف، ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في بمحافظة الحديدة للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية بمحافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن.
ويأتي هذا الاتفاق كبادرة هي الاولى من نوعها ومن الممكن ان مقدمة لتسوية شاملة لكل محاور الصراع في اليمن فقد رضح الطرفان جماعة انصار الله من جهة، وانصار الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم عسكريا من قبل المملكة العربية السعودية منذ اكثر من اربعة اعوام في اطار ما سمته السعودية بانطلاق عمليات عاصفة الحزم لعودة الشرعية في اشارة الى رفض الوجود السياسي والعسكري للحوثين والاصرار على عودة عبد ربه منصور هادي رئيسا رسميا لليمن، في اطار تصاعد التنافس ما بين السعودية، ودول اقليمية اخرى كإيران، وتركيا، وقطر على مناطق النفوذ في المنطقة العربية بعد احداث الربيع العربي، لكن يبدو ان الاستراتيجية السعودية التي تبناها الملك سلمان بن عبد العزيز عبر نجله والي العهد محمد بن سلمان لم تأتي بثمارها في ادارة الملفات الخارجية الشائكة بصورة تسمح لها بفرض توازن اقليمي مع خصومها الاقليمين، ومن ذلك خطأ حربها في اليمن، وصعوبة احراز تقدم عسكري يذكر لصالحها برغم من عمليات التهويل الاعلامي، والتحشيد الاقليمي الذي رافق العملية آنذاك، في حين تتصاعد الضغوط بعد كل هذه الفترة بسبب الانتهاكات الصارخة للحقوق الانسان تصل الى حالة جرائم حرب من قصف متعمد للمدنيين، وسياسة التجويع والحصار التي يمارسها التحالف الذي تقوده السعودية، بل باتت الحرب هناك بالنسبة للسعودية حرب استنزاف كلفت السعودية كلفتها اموال طائلة، وفرص ربحية تمارسها شركات بيع الاسلحة في الولايات المتحدة ناهيك عن الجيوش المشاركة في التحالف من شركات الطيران والمقاتلين وامثال ذلك.
بالرغم من كل ذلك يذهب مراقبون الى ان الاستراتيجية السعودية لم تحقق تقدم على الاقل في السنوات الاربع الماضية لأنها اختصرت كل مشاكلها فقط في صراعها مع ايران، بالرغم من محمد بن سلمان حاول ان يجذب انتباه الغرب في انه يريد نهضة عصرانية للسعودية وللمنطقة لكان سرعان ما كشفت سياسته الداخلية والخارجية اتجاه شرائح مختلفة انه رجل استبدادي على الطريقة التقليدية، وبعد ان اطالت السعودية عبر بعض للوبيات والشخصيات المنتفعة من السكوت الغربي المؤثر على المأساة في اليمن عاد مجلس الشيوخ الامريكي اعلى سلطة تشريعية في الولايات المتحدة قبل ايام مشروع قانون يحمل محمد بن سلمان مسؤولية مقتل الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، واجاز بالوقت ذاته مشروع قانون يقضي بوقوف الدعم الامريكي لحرب اليمن بعد ان تبنت غربية مختلفة قرارات مشابهة، حيث شكلت طريقة ومكان مقتل خاشقجي اكبر احراجا واجهته السلطة السعودية بقيادة بمحمد ابن سلمان يضاف الى احراجات ملف حقوق الانسان في اليمن، اضافة الى الملفات المشابهة من سجن معارضين من ذوي التوجهات الاصلاحية الليبرالية والاسلامية، وهذا يعني ان هذا الاتفاق ما هو الا تتويج للضغوط الغربية ومنها الدوائر الرسمية المؤثرة في الولايات المتحدة، من هنا فكل هذه المؤشرات تقضي بان هناك توجه عالمي في الفترة القصيرة المقبلة باتجاه انهاء الحرب السعودية على اليمن وهو ما يعني فشل السياسة الخارجية السعودية في تعاملها مع الملفات الخارجية، وعدم مقدرتها على مجابهة ما تراه الخطر الاقليمي الذي تفوق عليها في عدد من الملفات ومنها الملف اليمني، حيث لم تستطيع السعودية لسنوات طويلة من الحرب من انجاز ما كانت تسمية بالأهداف المرسومة للحرب في اليمن حيث لا يزال الحوثيين يحتفظون بأغلب المواقع التي سيطر عليها كما ان هذه الجماعة لا زالت تمسك بزمام السلطة بالاشتراك مع حفاءها من جماعة المؤتمر الوطني، وهناك تقارب مع حزب الاصلاح الشق اليمني للإخوان المسلمين والمدعوم من دولة قطر وهو ما يعني ان تقدم هذا المحور الذي تعده السعودية والامارات التهديد السياسي الاكبر لهم في دول الخليج نفسها ناهيك عن اليمن.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat