صفحة الكاتب : نايف عبوش

رقمنة الثقافة
نايف عبوش

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الثقافة التقليدية، كما هو معروف، كانت مقتصرة على نخبة من الكتاب المحترفين، أكاديميا، ومهنيا، ومجموعة من الأدباء المبدعين، ولها مؤسساتها الخاصة، حيث كان مصدر التلقي الرئيسي، يوم ذاك، هو الكتاب الورقي. وما يرتبط به من شكليات تداول المعرفة منه، وما تحيط به من صعوبات، تعترض سبيل حصول المثقف عليه، مادية كانت، او عملية.

ومع ان لثقافة الكتاب الورقي نكهتها في التلقي، ولها متعتها في التداول، طيلة مرحلة ما قبل ثورة الإنترنت، والمعلوماتية، الا انها أخذت تفقد بريقها، بمزاحمة ثقافة ميديا المعلوماتية لها، وتتنحى جانباً، بتدفق المعرفة الرقمية عبر الإنترنت، بهذا الشكل المفتوح للجميع، دون قيد أو شرط ، وفي كل الاتجاهات.

وهكذا فنحن اليوم، أمام هيمنة نمط جديد من الثقافة، على ما يبدو ، هو الثقافة الرقمية، التي بات المتلقي يستقبلها مباشرة من الشبكة العنكبوتية، ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنيت، دون أي تقييدات تذكر ، او موانع من أي نوع . ولعل هذا التطور الحاصل في المعلوماتية، هو ما فسح المجال على مصراعيه، لظهور المثقف الرقمي، او الإفتراضي، إذا جاز التعبير، متلقيا كان، او مبدعا، وذلك بغض النظر عن عمق ثقافته، أو سطحيتها، غثة كانت، ام زاخرة.

ولاشك ان ظهور المثقف الافتراضي، بدخوله عصر المعلوماتية، قد أطاح باحتكار النخب المثقفة التقليدية للساحة الثقافية، والأدبية ، كما اطاح باحتكار دور النشر، والتوزيع، وحد من دور المكتبة، في تدفق المعرفة إلى الجمهور ، وأزاح في نفس الوقت، معايير الجودة، والحرص على متانة المعلومة، ودقة المضمون جانباً، الامر الذي فسح المجال واسعاً، لظهور ثقافة عصرية مسطحة، وتفتقر إلى معايير الرصانة، التي كانت ابرز سمات ثقافة النخبة التقليدية.

وهكذا، فنحن اليوم إذن، أمام هيمنة نمط جديد من الثقافة الرقمية، والمثقفين الأفتراضيين، الذين باتت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بنتاجاتهم الكتابية، والفيديوية، والصورية، وفي شتى مجالات المعرفة.

انها ثقافة عصر جديد، يبدو أنه لا مناص لنا من ولوجها، وبالطبع فإن لها محاسنها، في توسيع قاعدة المشاركة، وإلغاء قيود احتكار النشر، ولها في ذات الوقت، مثالبها في التسطيح، وتدني مستوى المضمون، وشيوع أسماء لا حصر لها، من كتاب، ومستخدمين افتراضيين، لا يلتفتون إلى مضمون النص، ولا يلقون بالا لمعايير الرصانة، ولا يملكون من الثقافة الحقيقية، سوى إجادة آلية النسخ، واللصق.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نايف عبوش
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/02



كتابة تعليق لموضوع : رقمنة الثقافة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net