صفحة الكاتب : بهاء الدين الخاقاني

الحسين مابين الفناء والخلود
بهاء الدين الخاقاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

( كلمة مع بعض التعديل ألقيت في احتفالية عاشوراء في فندق السفير بدمشق عند السيد زينب، بحضور واشتراك الشخصيات العربية والعراقية والعالمية / الأحد / 18/1/2009 – 22/ محرم/ 1430 ).
.................................................................................
 الحسينُ عبيرُ الدم الى الأحرار ..
الحسين فلسفة الكون الالهية ما بين الخلقة والفناء..
انه عليه السلام، استكمال الفداء منذ الأنبياء عبر عيسى، انتهاء بجده المصطفى ، ليقول القرآن الكريم فيه وفي أهل بيته :
(( بسم الله الرحمن الرحيم*هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا*إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا*إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا*إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا*إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا*عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا*يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا*وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا*إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا*إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا*فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا*وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا*مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا*وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا*وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا*قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا*وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا*عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا*وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا*وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا*عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا*إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا*إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا*فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا*وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا*وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا*إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا*نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا*إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا*وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا*يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ))( سورة الانسان)
الحسين ع، امتشاق الدم سيفا في ساحات الباطل كيما يؤسس لدولة المنقذ،  فيرسم علم الانسانية والاستقامة في مضامين الصبر لكل العصور حتى ساعة الظهور من أجل ساحات الحق والحضارة والسعي للكمال نحو الأعالي وليس شهوة العروش وأنانيات المصالح والنكوص نحو السفليات ..
هو ذلك الكبش الذي يذبح في الفرات على نبؤة التورات والانبياء، تلك النبؤة التى حيرت مفسري الأديان من المسيح واليهود ..
هو ذلك علم العصمة المضحي لاعلاء كلمة الدين في رؤيا يوحنا في الانجيل المقدس وهونغمة القدس في مزامير داود .. 
هو ذلك الصراط الذي على يديه حسنت عاقبة زهير ابن القين بعد ان كان مبغضا لأهل البيت، وهو الصراط الذي بات عليه سوء عاقبة الشمر بعد ان كان مقاتلا مع الأمام على ع ..
ان الحسين ع، صراط العجائب ما بين حسن العاقبة وسؤ العاقبة ..
انه فلسفة مفهوم الفطرة للنجاة، في معنى حديث سفينة نوح ..
فاليعقله من عقل .. واِلّا ..
انه الحسين ابن على، لو قتل بسيف كافر أو بسيف من غير الأسلام، لأقمنا له الأعياد بفرحة استشهاده كما نفعل لشهداءنا وكما تفعل الأقوام والأديان والحركات لقتلاها، ولكن استشهد بسيف مسلم، ومن هنا جاءت المأساة للفاجعة والبكاء، لأنه أجيز سنة اِباحة قتل المسلم بيد المسلم ..
ومَنْ قتِل ..
انه من سادة أهل الجنة كبيرهم وصغيرهم، وهو اِحدى الريحانتين، والغضب الالهي بغضبه فكيف بقتله ..
 تلك القتلة التي أضعفت الأمة وتآكل سورها المنيع، لتتشتت الأمة ولتتفرق البلدان ولتكون الأفكار تبعا لاغراءات الأطماع والمصالح وتمزيق الفكر الالهي، وليكون الاسلام اِسما بلا رسم وليكون في غربة ..
هذه هي آثار غضب الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة، وقد اعترفت بذلك الكتابات المعاندة قبل الظمائر الحيّة، وهي تعيش حقيقة الكارثة في العالم العربي والأمة الاسلامية، وهي تزداد يوما بعد يوم من التفرقة والتناحر والتمزق ونفوذ الجهلة وتسلط الأجنبي على الأرض وفي النفس ..
انه عليه السلام النبؤة العجيبة التى تحققت في جانبها الأول باستشهاده اِرثا من جدّه المصطفى، ليبقى الجزء الثاني الكامن في قوله ..
: .. اني ذاهب الى جيش ولدنا المنتصر وبه سينتصر ..
 كان يقصد العراق، ليكون هذا البلد شرف النبؤة والامامة والأنسانية ..
ولم يقل أنا سانتصر، بل قال سينتصر ولدي وهي نبوءة لقادم منقذ ..
ان هذا الصرح الخالد ما بين انتصار ولده المنقذ وما بين استشهاده، دليل على صدق الحديث والنبؤة، تلاقيا مع نبؤة القران في سورة الاسراء، بني اسرائيل، من ان المؤمنين سيدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة..
: ((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَاعَلَوْا تَتْبِيرًا))(7/ الأسراء- بني اسرائيل)..
تلاقيا مع نبؤة رؤيا يوحنا في الأنجيل وسفر نبي الله دانيال في التوراة، فقد تحقق الشطر الأول، وهو جانب تصديق النبوة للشطر الثاني شرفا للعراقيين كمركز للمؤمنين وطلائعهم في العالم لدخول المسجد الشريف مرة أخرى ..
فهو عليه السلام مثال الفطرة التى يستوحي منها العاقل حقيقة النجاة، مدركا ما معنى وقصد الحديث الشريف بسفينة النجاة، ليتاكد العقل المفكر لأي انسان أعماق صحة الحديث من صراط الحدث الحسيني في طف كربلاء، كيما يبدأ النسيج الالهي يعيد ترميم تمزقات ذلك الدرع من الحصن الالهي بالعودة لروح السماء الحقيقية وتبدأ الآثار الالهية بالاعداد لبناء هذا الحصن من لا اله الا الله بشرطها وشروطها بعد انتهاك قاعدتها من الدم والعرض والمال في وقعة كربلاء الحسين، لاعلاء كلمة الحق بدل شهوة الحكم والسلطة وانانيات المصالح والكراهية المتبادلة، عندها يلمس الانسان بوادر الظهور وانتهاء عصر الانتظار لقدوم الاصلاح، ولقيام ملكوت الله على الأرض لدولة القديسين قبل ملكوت الآخرة ..
فقد كان بكائنا سنة أوحاها الحسين عليه السلام، من خلال بكائه على هذه الأمة التى قتلت أحد الأزكياء وهو يقول ..
: ..  لا أبكي على نفسي بل أبكي على هؤلاء الذين بسببي سيحرمون من الجنان وسيعاقبهم الله عزوجل في جهنم ..
يطلق بذلك حقيقة النظريات بين أن يكون الاسلام قومية كفكر الهي معنون بالعروبة وبين أن تكون القومية دينا ناكرة للرسالة السماوية، عبر معالجة لفلسفة طهارة المولد والسلوك ما بين الحق والباطل ..
العربية تعبِّر عن فكر اِلهيّ، مؤكدة على ضرورة مدّعي العروبة بالطهارة والاستقامة واقامة العدل وليس فكرا فئويا، وهي لغة القران المبين وأحد علومه البلاغية، وهذه كانت صرخته عليه السلام، لانقاذ الانتماء ما بين المنكر باتجاه صراط المعروف لأصلاح الأمة ..
: .. ان كنتم حقا عربا كما تزعمون ..
 لأن الأصل الحقيقي الذي اختاره الله لغة القران الكريم وكلام الربِّ العظيم وكَلِمَ الرسالة الخاتمة على الأرض ولسان أهل الجنة، لايمكن لأهله أن يفعلوا هذه الفعلة النكراء في جريمة التاريخ ضد ركن من أركان العقيدة، وضد وصية من وصايا النبي وضد نطفة رسالية ومحبة اِلهية في نفس خاتم الانبياء وضد نبؤة تداولتها الكتب السماوية والأديان ..
اِن الذي فعلها لا ينتمي لعربية القران المجيد، بل دخيل عليها وموشوم بالحرام، لأن نطفة الحلال لا تفعل مثل ذلك حتى ولوكان كافرا أو من أديان أخرى فكيف بمسلم ..
هذه هي سنة البكاء وهي بكاء على  الانسان، على مسلمين فقدوا الأمل وصنعوا سنة لقتل الانسان عامة والمسلم خاصة:
: (( من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً ))( المائدة/ 32) ..
 سنة لم يفعلها من سبقهم، فكلّ من سفك دم نبي أو وصي عبر تاريخ الرسالات لم يكن من دين ذلك النبي أو الوصي ..
سنة استباحت دم الأنسان دون ذنب، بعد أن سدّ الله عزوجل باب قتل المسلم بيد المسلم وصان ماله وعرضه بقولة، لااله الا الله، كان صادقا أو كاذبا، هذا المبدأ هو حصن الله عزوجل المنيع وحرمة شرائعه ..
فكيف بالحسين عليه السلام، وما أدراك ما الحسين ..
فالذي وعى فقد وعى .. والله مع الصادقين ...
الحسين عليه السلام، قد مهر خاتم الانبيا وصفه وعلته ..
: .. ( حسين مني وأنا من حسين ) ..
لنعود الى بشريتنا، وما ندركه بقدراتنا الأرضية المتواضعة عن سيد الشهداء في وقفته الاستشهادية وانتفاضته الاصلاحية ..
الأمام انجز قاعدة أنقذت الأمة من تداخل السلطة بقيادة الدين، ولأول مرة في التاريح الأسلامي، وما تعرضت له الأمة بعد فجر الأسلام، وما نتج عن استغلال لهذا الفجر الراشد أدى الى اِنتاج مسخ فكري بمبدأ الوراثة دون الشورى القرآنية أو النص الرباني وانحراف في الولاية، وما زالت الأمة بمدارسها والى اليوم تعاني من ذلك الانحراف، فقد كان اِفسادا فكريا وسلوكيا لرسالة السماء ولأمتنا ولعقيدتنا السمحاء ..
هيأ الأنحراف الخطير الخروج من الرسالة الربانية ليتوج بقيادة يزيد للأمة، اِماما ضالا ومجتهدا جاهلا ومشرعا فاسدا، لنفهم بعد ذلك قاعدة اِطروحة الأصلاح التي طرحها الأمام الحسين عليه السلام ..
: .. ( إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي .. أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب .. فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين ) ..
الحسين عليه السلام، أطلق قاعدة شكلت نقطة التوازن في ظرف اختلف كليا عما سبقه من التزام ثوابت الدين، ويخالف كليا عن ما أتى بعد استشهاده من اجتهادات أغنت العالم فقها وعلوما أخرى ..
ان النهضة الأصلاحية للأمام الحسين، تمكنت من اِقرار مبدأ فصل الصلاحيات الالهية بعيداً عن السلطة المنحرفة عقائديا، ليس لزمنه فحسب بل لكل الأزمنة تحقيقا لقاعدة السلام الانساني حفاظا على بيضة الأسلام بما يستوجب الحفاظ على قيمة الانسان في عصر الغيبة، فكانت قاعدة بمنزلة نبؤة تثبتها العصور وأحداثها، وثورات عظيمة تنحرف ومصلحين عند التسلط يستبدون ومواكب شهداء لا تنقطع، وعصبيات تحيل العقيدة الى سلم مآرب وتطرفيات تحيل الدين الى بدع واستأثار، واذا بالعدل غريب واذا بالحرية شهيدة واذا بالسلام معتقلا واذا بالانسان جاهلا واذا بالأوطان متخلفة واذا بالأمة متقاتلة باغية دموية..
هذه النهضة الأصلاحية قصدت أن يكون الدين بيد علماء ورعين في الافتاء ومجتهدين في الاصلاح وأعلام في العلوم وانسانيين أتقياء يحفظون العرض والدماء والمال والأخوة، أياً كانت والبلدان أياً عنوانها والانسان أياً جنسيته والدين أيا مذاهبه والعالم أياً أديانه، بعد ما كانت هذه الصلاحيات أسلحة فتاكة بيد السلطة والخليفة والولي المدعي والحاكمية المنحرفة والرئيس الظالم والبدعة الأرهابية ..
أقرت النهضة الاصلاحية الحسينية لتكون تشريعا، ولينعزل يزيد وحاكميته ومن هو من أمثاله عبر العصور، عن التدخل في سلطة الدين، ويتخلى عنها معترفا بهزيمته رغم استشهاد الحسين عليه السلام ..
فتخلى يزيد عن الهالة الالهية المفترضة بالوراثة أو من خلال وعاظ السلاطين القدماء الجدد والحاشيات المجملة للباطل والقواعد المتخلقة بالنفاق بيعة ..
أنجز الامام الحسين ع، هذا المنجز العظيم الذي لا يقبل التأويل ولا الاجتهاد في نهضة الأزمنة وبناء البلدان واستقامة الانسان وتحضيرالانسانية، ليرثه الائمة من بعده والصالحين الورعين من بعدهم والمصلحين عبر التأريخ حقا، بوصفه منجزاً للأمة كافة بألوانها وأطيافها وتشعباتها ولتستمر هكذا، وان تولدت مدارس اعتبرت اِغناء للفكر الاسلامي وليس تحجماً أو تفرقاً أو تعنصراً أو تطرفاً، لينقذ هذا التشريع والمنجز الاصلاحي الاسلام من تزلف المتزلفين للحاكم والسلطة، ومن انحراف عصبية خطيرة كادت أن تؤدي بالأمة الى الالتفاف على الرسالة الربانية، وقد تمثل يزيد بابيات شعرية ورثها من عقائد جاهلية استعدادا لاعلان الغاء لرسالة السماوية ..
: .. ( .. لعبت بنو هاشم بالملك فلا خبر جاءَ ولا وحيٌ نزلْ .. ) ..
هذا الحسين العظيم الذي تدين له الأمة بانقاذ أخلاقها ويدين له المسلمون بأنقاذ دينهم وتدين له الانسانية بانقاذ عنوانها، كان منبأ به لمثل هذه النهضة، وأن تحير في النبوءة المفسرون للأديان المقدسة الأخرى، وهم يرتلون التوراة في سفر أرمينيا ..
: .. ( لرب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات .. ) ..
ولتقرها المحافل العالمية العقائدية المنصفة، انه الحسين عليه السلام، مصلح الفكر الرباني المنزل، فعبر عنه مصلح الانسانية الذي يسبق ابن البشر عند اليهود أو ابن الانسان عند المسيح أو المهدي عند الاسلام ..
فهذا الحسين وما أدراك ما الحسين وعلى الساعي فاليسعى ..
كعراقيين لنا الحق أن نقرن عزة العراق بشعار الحسين عليه السلام ..
المتنكر للعراق وطنية وأصلاحا وانتماء عربي وغير عربي لا يدرك الرسالة الانسانية لسيد الشهداء ..
والمتنكر للحسين الشهيد، لا يعترف برسالة العراق الربانية ..
فقد كان بامكان سيد الشهداء أن يستجيب لوصية أخيه البطل المريض محمد بن الحنفية وآخرون بأن يتوجه الى معقل أصحاب أبيه الامام علي عليه السلام، في اليمن ومواليه وأن ينتصر ويحكم الأمة، ولكنه مأمور بنص نبوي ووهو وحي الاهي لينطق بعبارته الخالدة للعراق ومجده القادم ..
: .. ( اني ذاهبٌ لجيش ولدنا المنتصر .. وبه سينتصر .. ) ..
ولم يقل اني سانتصر أو أحكم، نبؤة للعراق تتجذر في التاريخ والأحداث المعاصرة، في ابتلاءات هذا الشعب الصابر مدلة الى تربية الاهية مستمرة لهذا البلد العصامي المنتظر، وشهادة مكملة للنبي وأهل بيته الكرام، بجعل العراق عاصمة البشرية، وهذا الامر ليس نطق عن هوى بل وحي يوحى عن رب العالمين سبحانه وتعالى، لتتجذر هذه المبدئية في طبيعة هذه البلد وشعبه الصعب المراس قيادا والعميق أصالة والمسمى عراقا، لنسمع قول الأئمة دوما ..
: .. ( من مستحبات الدعاء لاستجابة حاجتك أن تدعو لأهل العراق بالخير ثم تطلب الحاجة .. ) ..
وعبارات بما معناها ..
: .. ( من رصد العراق بعدا ابتلاه الله عزوجل في نفسه وماله وعرضه .. العراق جمجمة العرب .. العراق قطب الرحا .. العراق بيت عقل العرب .. العراق كنوز الرجال ومادة الأمصار ..  العراق رمح الله في الأرض .. ) ..
وجميلة عبارة الامام السجاد عليب زين العابدين للعراقيين ..
: .. ( .. أنتم الشعار دون الدثار .. ) ..
لتتحمل الأجيال هذه الرسالة فهذه البينة لمن ادعى واليمين على من انكر ..
ان الامام الحسين عليه السلام في نهضته الأصلاحية، أطلق نظريته في الأصالة العربية روحا للمسلمين، كافة، استقراء قرآنيا لأهمية هذه الأمة والأحداث خير دليل .. من أن ..
: (  عز المسلمين في عز العرب وذل المسلمين في ذل العرب  ) ..
ورحم الله من قال ..
: .. ( .. لا ينهض المسلمون ان لم ينهض العرب ولا ينهض العرب ان لم ينهض العراقيون .. ) ..
الأحداث عبر العصور تؤكد كل ذلك، حيث الأشارات الربانية لأمة تكاملت دينا وفكرا ونهجا وأخلاقا ..
: .. (( انا أنزلناه قرآنا عربيا ))
: .. (( وكذلك أنزلناه حكماً عربياً )) ..
لنستوعب بعد ذلك عبارة سيد الشهداء الخالدة ..
: .. ( .. لو كنتم حقا عربا كما تزعمون .. ) ..
نعم لو كانوا عربا لم تحدث مثل هذه الجريمة النكراء في تصفية أهل بيت النبوة وامام الامة، لأن العربيَّ لا يفعلها ولا يفعل مثيلاتها لا قبل ولا بعد ارتباطا بسلوكية نسل الحلال وأصالة العرب، لان العربيّ صفة أصالته أن يكون ابن حلال، فمن قتله عليه السلام ومن يسفك الدماء قتلا وبغيا واغتيالا لاي تبرير كان، يخرج من هذه الدائرة الى دائرة الزنا والأجنبية الأخلاقية السماوية والضمير الحي، وبالتالي الذي ذبح الرضيع الشهيد عبد الله من نحره، هو نفسه الذي يذبح أطفال العراق وكل طفل برئ من هذه الامة وحتى العالم أجمع بجناسي مختلفة وليست يعربية وان كان البعض من القتلة جنسيته عربية، لو كان حقا عربيا لم يفعلها أي لو كان ابن حلال لا يفعلها ..
فمن تفقه قد أدرك الحقيقة ووعى العبارات وآمن ما هو الحسين عليه السلام ..
هذا هو سيد الشهداء وريحانة رسوله وابنه ووصه وابن وصيه وابن سيدة العالمين وسيد شباب أهل الجنة، ومثيل يحيى وشبيه عيسى وامام الامة ومنقذها ولكل عصر منقذ من أصالته وأصله وأصوله ..
انه شعار العراق عليه السلام ..
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..........................
 bahaaldeen@hotmail.com
 bahaa_ideen@yahoo.com
 
..............................................................................
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


بهاء الدين الخاقاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/01/02



كتابة تعليق لموضوع : الحسين مابين الفناء والخلود
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : *********** ، في 2012/10/06 .

***********






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net