صفحة الكاتب : فراس زوين

خدمات الحكومة وحكومة الخدمات
فراس زوين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 لم تكد الاحداث الأخيرة في محافظة البصرة تشهد نوع من الاستقرار والهدوء، الآ بعد ان لم يبقى في فم الحكومة ريق يُبلع، وهي كعادتها في كل موسم صيف حين تتصاعد المطالبة الجماهيرية بالخدمات تعلن عن تفهمها للغضب الجماهيري، وتعد بتوفير كل ما هو من ابسط حقوقهم، وما كاد الشارع يركن للسكينة، الآ بعد ان اخذت نيران الغضب نصيبها من العديد من دوائر الدولة ، ومقرات الأحزاب ، وسواء كان هذا الغضب حقيقي ونابع من واقع المحافظة الملتهب، او جراء الدفع الخارجي والاندساس الداخلي، فالنتيجة واحدة، فقد طال الغضب ما طال واحرق ما احرق، وما اظن الآ ان وكيل المرجعية لايزال يعاني الم في حنجرته، من صراخه المستمر في اذان الحكومة، وهو يدفعها وينصحها بمزيد من الخدمات، تقدمها لهذا الشعب الجريح عموماً، ولأبناء البصرة خصوصاً، ولم تكن الأمور لتهدء لولا ان شمرت المرجعية رداء الكلام والنصيحة، ولبست بدلة العمل وصندوق ادواتها على اكتافها لتصلح بنفسها الواقع المتعثر لمياه الشرب في محافظة البصرة. 

 

ان الأجواء السياسية الحالية، والتكهنات والاحتمالات التي تتواتر من هنا وهناك عن هوية الحكومة القادمة، تمنح القارئ الكريم كما لكل العراقيين الحق ان يسألوا عن مصير شعارت كل الحكومات التي سبق وان تسلمت زمام الأمور، واثرها على الواقع الحقيقي، فلا اكثر من وعودهم بالعدالة والخدمة والرخاء ووعودهم بالمستقبل والعمل والبناء ووعودهم بمحاربة الفساد من المنبع الى المصب حتى وان كان منبعه اولوا القربى ومصبه جيوب الاقربين، ووعدونا بما لاعين رأت ولا اذن سمعت من الرخاء والحرية والبناء، وكما يقول المثل الشعبي (خل ياكلون مادام خالهم موجود) وعند البحث عن نتائج وعودهم، وعن الخدمة التي قدمتها الحكومات المتعاقبة للشارع العراقي، طوال السنوات الماضية، فلن تجد سوى نقص الكهرباء، وانقطاع الماء، وتعثر شبكات الصرف الصحي، وتراجع التعليم، واتساع البطالة وضعف الإنتاج بانتحار الصناعة الوطنية، وغيرها الكثير والكثير من أبواب الحيرة والتناقض بين الوعود الحكومية والواقع الحياتي المعاش . 

 

واليوم والعراق يشهد السباق المعتاد والمتكرر كل اربع سنوات لتشكيل الحكومة، وقد دفع الشارع  نصيبه من هذا التشكيل توتراً وانقساماً وضغطاً وحيرة، لتشكيل الحكومة واختيار رئيس الوزراء في سلة المناصب التي ماعدا يمكن ان نزيل صبغة المحاصصة عنها، يبقى هم المواطن هو الخدمات التي يسمع عنها ولا يراها. 

 

ان حاجة العراق اليوم لا تختلف عن حاجته بالأمس، وان الصفة التي كان يجب ان ترافق اول حكومة عراقية بعد عام ٢٠٠٣ هي نفس الصفة اتي يجب ان ترافق الحكومة القادمة ، فبعد ان مل المواطن التعثر والتراجع في خدمات الحكومة فانه ينتظر حكومة الخدمات، وحكومة تعي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها البلد، فبعد ان طوى صفحة الاحتلال، وصفحة الاحتراب الداخلي، وطوى صفحات الإرهاب، معلناً النصر على داعش وان كان الثمن دم ابنائه، فقد ان الاوان لحكومة اقتصاد وخدمة، بعيدة عن أسس المحاصصة البغيضة، مدركة حجم الازمة الاقتصادية والاجتماعية، وقادرة على وضع الحلول، لانتشال العراق من تراجع الواقع، وضياع معنى الغد، لكثير من الشباب من أبنائنا واخواننا الذين لم تعد تعني لهم الوعود الحكومية سوى كلمات تثير الضحك كأي نكته ساموا سماعها وانما يضحكوا عليها ولا يضحكوا منها، 

 

ان سوء الأداء السياسي في السنوات السابقة، وارتفاع وتيرة التظاهرات في الايام القليلة الماضية والتي بدأت تلبس رداء الرفض المقترن بالفوضى، ينبئ عن خطر قادم قد يهدد كيان الدولة بأسرها ان لم تكن هناك حلول حقيقية، ولعل الحكومة القادمة ان كانت حكومة اقتصاد بعيدة عن معطيات المحاصصة، تأخذ الحلول الاقتصادية كمنطلق في معالجة المشاكل الاجتماعية والخدمية، هي الامل الأخير لصد تسونامي قادم نابع من تردي الحالة الاقتصادية والمعاشية والاجتماعية وانعدام الخدمات ومستهدف في طريقه البناء السياسي الحديث بأسره.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فراس زوين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/23



كتابة تعليق لموضوع : خدمات الحكومة وحكومة الخدمات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net