صفحة الكاتب : حسن العاصي

يتواطأ غيمكَ وكدري
حسن العاصي

هكذا انتهى سخاء الماء

دخل البحر إلى الكهف آمناً

والدروب انتعلت أقدام الراحلين

منذ كان حقلاً يرقب السحاب الهزيل

كلما خرج الملح من الرمل

كنتُ شجرة كسيحة مسفوحةً

عارية الجذر

لهذا كبرتُ في درب الفراشات

ونَمَتْ قربي الحكايات في الأغصان الضيقة

لأن النهر البعيد ابتلع وجه الغيم

لم يكن بيدي بعض أمري

قالوا ارفعْ هذا السديم المندفق

اعبرْ قاع البحر

واقرأْ ما تيسّر لخمس غيوم

يخرج لك من فيض الكتاب

موسماً يتدانى لا ينتهي لا يموت

تعثرتْ أصابعي بأجفاني لذا

رحلتُ بالوقت الهادر

هجرتكَ مُرتشفاً اليباب

حيث لا جدران لا سدود لنهر الجنون

كيف الحال يا والدي؟

هل اعتدت الموت أم تحيطكَ الأبواب؟

أما زلت تبسط جناحك كلما همدَ العشب

فوق أرق الحجارة؟

وكيف تقتات وحدتك يا أبي كل عتمة

حين تغادركَ الطيور العابرة؟

ولمن تُطعم قلبك الآن؟

أتذكّر حين كنتُ أنا صغيراً

مثل مهر بريّ أعدو

وأنتَ تصيحُ وتقيّد المروج

لكنني لا أترجل عن زمام الحلم

تحاصرني بالسوط حيناً

وإغلاق العشب أحياناً

وأنا أعاند جواد حكمتكَ أشاكس الساقية

لا يلجم عجيج دهشتي سيل الحَنقَ

قالوا ابنك مجنون

كثيراً ما يقولون

للنهر الصغير صوت الحملان ولون العصافير

وكثيراً كثيراً ما كان يمتد غصني ريحاً حانية

تلامس ضفة الصبح السحيق

وأنتَ كما أنتَ منجل لطيش الصغار

كيف حالكً يا أبي

أظنكَ الآن في مجلسكَ يصغي أصحابكَ

تسرد أنتَ أسرار الأسفار ونشوة الموت

تضحك وتسوّي نظارتك

يقولون قلوب الأصفياء تظل تخفق بعد الموت

حيث لا فرار من المرايا النضرة

جزيلاً انتظرتكَ ربما دهراً لألقاك عابراً

غزير هذا الرمس وحزين

كما الأنهار تعوم وتطفو

كلما اكتظ السحاب بأطياف العابرين

يملؤني وجهكَ يلامس تعبي

يتواطأ غيمكَ وكدري نبت من علقم

يا أبي

أحدثكَ قليلاً عن شرفة هذا الضنك

أو الأرصفة الهامدة

كشجر كسيحة مسفوحة عارية الجذر

أموت عابراً كل يوم درب الليمون

وراء كل باب أخالكَ

أذرع سواد العمر

أفرّ منكَ وأنت الطريق

أطوي مسافة الصِبا

وأجدكَ خلفي تسير

أي نهر يفضي شجره إلى هذا الاختلال؟

قد أسرفتَ في سخطكَ مرة

حين كان فرسي دونما ساق

ومرة في هجركً أوغلتَ

لم أجدكَ مرة بجهش الشدة

ولا في الفصول المقيّدة

لكن برحيلكَ مكث الضباب على عيون الضحى

يدفعني الخواء لتخوم التشظي

هاكً لوني وكفّي وصوتي

ومسافة الحياة

شيّد بجوارك لي بيتاً بلا جدران

حين ينغلق الماء فوق قيظي

وتهطل التفاصيل الضريرة

آتيك ممتطياً حصاناً خشبياً

مقيماً لا عابراً

ساكناً لا ثائراً

كي يأنس قلبي من التعب


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن العاصي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/24



كتابة تعليق لموضوع : يتواطأ غيمكَ وكدري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net