توجيهات المرجعية والإنكار السياسي
د . صالح الحسناوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . صالح الحسناوي

يعرف الإنكار في علم النفس بأنه إحدى آليات الدفاع النفسي اللاواعية والتي يلجأ إليها الإنسان في حالات الصراع العقلي والأزمات النفسية، ومفادها رفض الاعتراف و قبول الحقيقة والتصرف بشكل لا علاقة له بالواقع. والإنكار الواعي هو رفض قبول الحقيقة كما هي لأسباب تتعلق بالمصالح ويتحول هذا السلوك تدريجياٌ الى اللاوعي.
والإنكار السياسي هو آلافة والمرض العضال الذي يصيب الحكام والسياسيين في الأزمات الشديدة وخاصة عند ثورة الشعوب وتمردها، ولنا في شاه إيران والمقبور صدام وحسني مبارك وزين العابدين بن علي والقذافي أمثلة قريبة.
إن الواقع العراقي الحالي والتظاهرات الجماهيرية المطالبة بأبسط حقوق المواطنة كتوفير الخدمات من كهرباء وماء صالح للشرب والخدمات الصحية والتعليمية، هو واقع حقيقي لايمكن إنكاره بأي شكل من الأشكال بغض النظر عن بعض المندسين ذوي الأجندات الخاصة وخطبة المرجعية الرشيدة ليوم الجمعة المصادف 27/7/2018 وضعت النقاط على الحروف وشخصت الداء السياسي العراقي الذي يطالب المتظاهرون بعلاجه ووضعت الحلول الممكنة لهذا لعلاج، وحملت السياسيين العراقيين المسؤولية الوطنية للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها من خلال قراءة واقعية لسير الأحداث وما سوف تؤول إليه في حالة الفشل.
لقد شخصت عيون الجماهير العراقية نحو النخب السياسية لتقديم الحلول الناجعة استرشاداٌ بخطبة المرجعية التي أيدتها كل القوى السياسية بشكل مطلق، ولكن المتابع للشأن السياسي يرى بان تفكير القوى السياسية لازال يعتمد المنهج السابق والقائم على المحاصصة الحزبية وتقاسم المصالح لتشكيل الحكومة القادمة.
إن القراءة النفسية تشير بشكل واضح لحالة الإنكار السياسي للواقع المر، فالتظاهرات غير معادية وقليلة العدد والمرجعية لم تطالب بتغيير المنهج. ولعل ما يؤيد حالة الإنكار هذه الخطب والتصريحات العديدة لقادة الكتل السياسية والتي لا تؤشر بشكل واضح للمشكلة الكبيرة في البلد ومن يتحمل مسؤوليتها.
إن الاعتماد على شخصيات مستقلة موثوق بها لتقويم الواقع الحالي ووضع المؤشرات المستقبلية للوضع العراقي أمام قادة الكتل السياسية للتمعن وبعين مجردة بعيداٌ عن المصالح السياسية الحزبية والفردية، وتقديم مصلحة العراق هو العلاج الآني لحالة الإنكار السياسي التي يعيشها الجميع وإلا فخطبتي المرجعية ليوم 27/7/2018 و 3/8/ 2018 واضحة وجلية بخصوص المستقبل وتدارك الأمر قبل فوات الأوان والتاريخ القريب شاهد أيضاٌ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat